قوله : ( باب منتهى التلقي ) أي : وابتدائه ، وقد ذكرنا أن الظاهر أنه لا حد لانتهائه من جهة الجالب ، وأما من جهة المتلقي فقد أشار المصنف بهذه الترجمة إلى أن ابتداءه الخروج من السوق أخذا من قول الصحابي إنهم كانوا يتبايعون بالطعام في أعلى السوق فيبيعونه في مكانه ، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه في مكانه حتى ينقلوه ، ولم ينههم عن التبايع في أعلى السوق فدل على أن التلقي إلى أعلى السوق جائز ، فإن خرج عن السوق ولم يخرج من البلد فقد صرح الشافعية بأنه لا يدخل في النهي ، وحد ابتداء التلقي عندهم الخروج من البلد والمعنى فيه أنهم إذا قدموا البلد أمكنهم معرفة السعر وطلب الحظ لأنفسهم ، فإن لم يفعلوا ذلك فهو من تقصيرهم ، وأما إمكان معرفتهم ذلك قبل دخول البلد فنادر ، والمعروف عند المالكية اعتبار السوق مطلقا كما هو ظاهر الحديث ، وهو قول أحمد وإسحاق ، وعن الليث كراهة التلقي ولو في الطريق ولو على باب البيت حتى تدخل السلعة السوق .
قوله : ( قال أبو عبد الله ) هو المصنف .
قوله : ( هذا في أعلى السوق ) أي : حديث جويرية عن نافع بلفظ : " كنا نتلقى الركبان فنشتري منهم الطعام " الحديث ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وبينه حديث عبيد الله بن عمر يعني : عن نافع أي : حيث قال : " كانوا يتبايعون الطعام في أعلى السوق " الحديث مثله ، وأراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بذلك الرد على من استدل به على جواز تلقي الركبان لإطلاق قول ابن عمر : " كنا نتلقى الركبان " ولا دلالة فيه ؛ لأن معناه أنهم كانوا يتلقونهم في أعلى السوق كما في رواية عبيد الله بن عمر عن نافع ، وقد صرح مالك في روايته عن نافع بقوله : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887459ولا تلقوا السلع حتى يهبط بها السوق " فدل على أن التلقي الذي لم ينه عنه إنما هو ما بلغ السوق ، والحديث يفسر بعضه [ ص: 440 ] بعضا . وادعى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي التعارض في هاتين الروايتين وجمع بينهما بوقوع الضرر لأصحاب السلع وعدمه ، قال : فيحمل حديث النهي على ما إذا حصل الضرر ، وحديث الإباحة على ما إذا لم يحصل ، ولا يخفى رجحان الجمع الذي جمع به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري والله أعلم .
( تنبيه ) : وقع قول nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " هذا في أعلى السوق " عقب رواية عبيد الله بن عمر في رواية أبي ذر ، ووقع في رواية غيره عقب حديث جويرية وهو الصواب .