قوله : ( حدثنا الليث ) بن سعد ( عن nindex.php?page=showalam&ids=17316يحيى بن سعيد ) هو الأنصاري وقد تقدم هذا الحديث من طريق أخرى عنه في باب الرجل يوضئ صاحبه ، وأن فيه أربعة من التابعين على الولاء .
وأخرجه المصنف في المغازي من طريق أخرى عن الليث فقال : عن عبد العزيز بن أبي سلمة بدل يحيى بن سعيد ، وسياقه أتم ، فكأن لليث فيه شيخين .
قوله : ( أنه خرج لحاجته ) في الباب الذي بعد هذا أنه كان في سفر ، وفي المغازي أنه كان في غزوة تبوك على تردد في ذلك من رواته . nindex.php?page=showalam&ids=16867ولمالك وأحمد وأبي داود من طريق عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة أنه كان في غزوة تبوك بلا تردد ، وأن ذلك كان عند صلاة الفجر .
قوله : ( فاتبعه ) بتشديد المثناة المفتوحة ، وللمصنف من طريق مسروق عن المغيرة في الجهاد وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أمره أن يتبعه بالإداوة ، وزاد " فانطلق حتى توارى عني فقضى حاجته ، ثم أقبل فتوضأ " وعند أحمد من طريق أخرى عن المغيرة أن الماء الذي توضأ به أخذه المغيرة من أعرابية صبته له من قربة كانت جلد ميتة ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له nindex.php?page=hadith&LINKID=883687سلها فإن كانت دبغتها فهو طهور وأنها قالت : إي والله لقد دبغتها .
قوله : ( فتوضأ ) زاد في الجهاد " وعليه جبة شامية " ولأبي داود " من صوف من جباب الروم " ، وزاد المصنف في الطريق الذي في " باب الرجل يوضئ صاحبه " : " فغسل وجهه ويديه " والفاء في فغسل تفصيلية ، وتبين من ذلك أن المراد بقوله توضأ أي : بالكيفية المذكورة ، لا أنه غسل رجليه .
واستدل به القرطبي على الاقتصار على فروض الوضوء دون سننه ، لا سيما في حال مظنة قلة الماء كالسفر ، قال : ويحتمل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلها فلم يذكرها المغيرة ، قال : والظاهر خلافه . قلت بل فعلها وذكرها المغيرة ، ففي رواية أحمد من طريق عباد بن زياد المذكورة " أنه غسل كفيه " ، وله من وجه آخر قوي [ ص: 368 ] " فغسلهما فأحسن غسلهما " قال : وأشك أقال دلكهما بتراب أم لا . وللمصنف في الجهاد " أنه تمضمض واستنشق وغسل وجهه " زاد أحمد " ثلاث مرات ، فذهب يخرج يديه من كميه فكانا ضيقين ، فأخرجهما من تحت الجبة " ولمسلم من وجه آخر " وألقى الجبة على منكبيه " nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد " فغسل يده اليمين ثلاث مرات ويده اليسرى ثلاث مرات " وللمصنف " ومسح برأسه " وفي رواية لمسلم " ومسح بناصيته وعلى عمامته وعلى الخفين " وسيأتي قوله " إني أدخلتهما طاهرتين " في الباب الذي بعد هذا .
وحديث المغيرة هذا ذكر البزار أنه رواه عنه ستون رجلا ، وقد لخصت مقاصد طرقه الصحيحة في هذه القطعة ، وفيه من الفوائد الإبعاد عند قضاء الحاجة ، والتواري عن الأعين ، واستحباب الدوام على الطهارة لأمره - صلى الله عليه وسلم - المغيرة أن يتبعه بالماء مع أنه لم يستنج به وإنما توضأ به حين رجع ، وفيه جواز الاستعانة كما شرح في بابه ، وغسل ما يصيب اليد من الأذى عند الاستجمار ، وأنه لا يكفي إزالته بغير الماء ، والاستعانة على إزالة الرائحة بالتراب ونحوه .
وقد يستنبط منه أن ما انتشر عن المعتاد لا يزال إلا بالماء ، وفيه الانتفاع بجلود الميتة إذا دبغت ، والانتفاع بثياب الكفار حتى تتحقق نجاستها لأنه - صلى الله عليه وسلم - لبس الجبة الرومية ولم يستفصل ، واستدل به القرطبي على أن الصوف لا ينجس بالموت لأن الجبة كانت شامية وكانت الشام إذ ذاك دار كفر ومأكول أهلها الميتات ، كذا قال . وفيه الرد على من زعم أن المسح على الخفين منسوخ بآية الوضوء التي في المائدة لأنها نزلت في غزوة المريسيع وكانت هذه القصة في غزوة تبوك ، وهي بعدها باتفاق ، وسيأتي حديث جرير البجلي في معنى ذلك في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى ، وفيه التشمير في السفر ، ولبس الثياب الضيقة فيه لكونها أعون على ذلك ، وفيه المواظبة على سنن الوضوء حتى في السفر ، وفيه قبول خبر الواحد في الأحكام ولو كانت امرأة ، سواء كان ذلك فيما تعم به البلوى أم لا ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - قبل خبر الأعرابية كما تقدم . وفيه أن الاقتصار على غسل معظم المفروض غسله لا يجزئ لإخراجه - صلى الله عليه وسلم - يديه من تحت الجبة ولم يكتف فيما بقي منهما بالمسح عليه ، وقد يستدل به على من ذهب إلى وجوب تعميم مسح الرأس لكونه كمل بالمسح على العمامة ولم يكتف بالمسح على ما بقي من ذراعيه .