قوله : ( بلغ nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أن فلانا باع خمرا ) في رواية مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة بهذا الإسناد : " أن سمرة باع خمرا فقال قاتل الله سمرة " زاد nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق الزعفراني : " عن سفيان عن سمرة بن جندب " قال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي والقرطبي وغيرهما اختلف في كيفية بيع سمرة للخمر على ثلاثة أقوال : أحدها أنه أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية فباعها منهم معتقدا جواز ذلك ، وهذا حكاه nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي عن ابن ناصر ورجحه وقال كان ينبغي له أن يوليهم بيعها فلا يدخل في محظور وإن أخذ أثمانها منهم بعد ذلك ؛ لأنه لم يتعاط محرما ويكون شبيها بقصة بريرة حيث قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887502هو عليها صدقة ولنا هدية " . والثاني قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : يجوز أن يكون باع العصير ممن يتخذه خمرا ، والعصير يسمى خمرا كما قد يسمى العنب به ؛ لأنه يئول إليه قاله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ، قال ولا يظن بسمرة أنه باع عين الخمر بعد أن شاع تحريمها ، وإنما باع العصير . والثالث أن يكون خلل الخمر وباعها ، وكان عمر يعتقد أن ذلك لا يحلها كما هو قول أكثر العلماء ، واعتقد سمرة الجواز كما تأوله غيره أنه يحل التخليل ، ولا ينحصر الحل في تخليلها بنفسها ، قال القرطبي تبعا nindex.php?page=showalam&ids=11890لابن الجوزي : والأشبه الأول .
قلت : ولا يتعين على الوجه الأول أخذها عن الجزية بل يحتمل أن تكون حصلت له عن غنيمة أو غيرها ، وقد أبدى nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي في " المدخل " فيه احتمالا آخر ، وهو أن سمرة علم تحريم الخمر ولم يعلم تحريم بيعها ولذلك اقتصر عمر على ذمه دون عقوبته ، وهذا هو الظن به ، ولم أر في شيء من الأخبار أن سمرة كان واليا لعمر على شيء من أعماله ، إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي أطلق أنه كان واليا على البصرة nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر بن الخطاب ، وهو وهم فإنما ولي سمرة على البصرة لزياد وابنه عبيد الله بن زياد بعد عمر بدهر ، ولاة البصرة لعمر قد ضبطوا وليس منهم سمرة ، ويحتمل أن يكون بعض أمرائها استعمل سمرة على قبض الجزية .
قوله : ( حرمت عليهم الشحوم ) أي : أكلها ، وإلا فلو حرم عليهم بيعها لم يكن لهم حيلة فيما صنعوه من إذابتها .
قوله : ( فجملوها ) بفتح الجيم والميم أي : أذابوها ، يقال جمله إذا أذابه ، والجميل الشحم المذاب ، ووجه تشبيه عمر بيع المسلمين الخمر ببيع اليهود المذاب من الشحم الاشتراك في النهي عن تناول كل منهما ، لكن ليس كل ما حرم تناوله حرم بيعه كالحمر الأهلية وسباع الطير ، فالظاهر أن اشتراكهما في كون كل منهما صار بالنهي عن تناوله نجسا هكذا حكاه ابن بطال عن الطبري وأقره ، وليس بواضح بل كل [ ص: 485 ] ما حرم تناوله حرم بيعه ، وتناول الحمر والسباع وغيرهما مما حرم أكله إنما يتأتى بعد ذبحه ، وهو بالذبح يصير ميتة ؛ لأنه لا ذكاة له وإذا صار ميتة صار نجسا ولم يجز بيعه . فالإيراد في الأصل غير وارد ، هذا قول الجمهور وإن خالف في بعضه بعض الناس ، وأما قول بعضهم : الابن إذا ورث جارية أبيه حرم عليه وطؤها وجاز له بيعها وأكل ثمنها ، فأجاب عياض عنه بأنه تمويه ؛ لأنه لم يحرم عليه الانتفاع بها مطلقا وإنما حرم عليه الاستمتاع بها لأمر خارجي ، والانتفاع بها لغيره في الاستمتاع وغيره حلال إذا ملكها ، بخلاف الشحوم فإن المقصود منها وهو الأكل كان محرما على اليهود في كل حال وعلى كل شخص فافترقا .
وفي الحديث لعن العاصي المعين ، ولكن يحتمل أن يقال : إن قول عمر " قاتل الله سمرة " لم يرد به ظاهره بل هي كلمة تقولها العرب عند إرادة الزجر فقالها في حقه تغليظا عليه ، وفيه إقالة ذوي الهيئات زلاتهم لأن عمر اكتفى بتلك الكلمة عن مزيد عقوبة ونحوها ، وفيه إبطال الحيل والوسائل إلى المحرم ، وفيه تحريم بيع الخمر وقد نقل ابن المنذر وغيره في ذلك الإجماع ، وشذ من قال : يجوز بيعها ويجوز بيع العنقود المستحيل باطنه خمرا ، واختلف في علة ذلك فقيل : لنجاستها وقيل : لأنه ليس فيها منفعة مباحة مقصودة ، وقيل : للمبالغة في التنفير عنها ، وفيه أن الشيء إذا حرم عينه حرم ثمنه ، وفيه دليل على أن بيع المسلم الخمر من الذمي لا يجوز ، وكذا توكيل المسلم الذمي في بيع الخمر ، وأما تحريم بيعها على أهل الذمة فمبني على الخلاف في خطاب الكافر بالفروع ، وفيه استعمال القياس في الأشباه والنظائر ، واستدل به على تحريم بيع جثة الكافر إذا قتلناه وأراد الكافر شراءه . وعلى منع بيع كل محرم نجس ولو كان فيه منفعة كالسرقين ، وأجاز ذلك الكوفيون وذهب بعض المالكية إلى جواز ذلك للمشتري دون البائع لاحتياج المشتري دونه ، وسيأتي في " باب بيع الميتة " من حديث جابر بيان الوقت الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه المقالة ، وفيه البحث عن الانتفاع بشحم الميتة وإن حرم بيعها ، وما يستثنى من تحريم بيع الميتة إن شاء الله تعالى .