بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الحوالة باب الحوالة وهل يرجع في الحوالة وقال الحسن وقتادة إذا كان يوم أحال عليه مليا جاز وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يتخارج الشريكان وأهل الميراث فيأخذ هذا عينا وهذا دينا فإن توي لأحدهما لم يرجع على صاحبه
2166 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16475عبد الله بن يوسف أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه nindex.php?page=hadith&LINKID=652125أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مطل الغني ظلم فإذا أتبع أحدكم على ملي فليتبع
[ ص: 542 ] قوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم . باب الحوالة ) كذا للأكثر ، وزاد النسفي nindex.php?page=showalam&ids=15230والمستملي بعد البسملة ( كتاب الحوالة ) .
والحوالة بفتح الحاء وقد تكسر مشتقة من التحويل أو من الحئول ، تقول : حال عن العهد إذا انتقل عنه حئولا . وهي عند الفقهاء نقل دين من ذمة إلى ذمة . واختلفوا هل هي بيع دين بدين رخص فيه فاستثني من النهي عن بيع الدين بالدين ، أو هي استيفاء؟ وقيل : هي عقد إرفاق مستقل ويشترط في صحتها رضا المحيل بلا خلاف ، والمحتال عند الأكثر ، والمحال عليه عند بعض شذ . ويشترط أيضا تماثل الحقين في الصفات ، وأن يكون في شيء معلوم . ومنهم من خصها بالنقدين ومنعها في الطعام ؛ لأنه بيع طعام قبل أن يستوفى .
قوله : ( وقال الحسن وقتادة إذا كان ) أي : المحال عليه .
( يوم أحال عليه مليا جاز ) أي : بلا رجوع ، ومفهومه أنه إذا كان مفلسا فله أن يرجع . وهذا الأثر أخرجه ابن أبي شيبة والأثرم واللفظ له من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة عن قتادة والحسن أنهما سئلا عن رجل احتال على رجل فأفلس ، قالا : إن كان مليا يوم احتال عليه فليس له أن يرجع . وقيده أحمد بما إذا لم يعلم المحتال بإفلاس المحال عليه . وعن الحكم لا يرجع إلا إذا مات المحال عليه . وعن الثوري يرجع بالموت وأما بالفلس فلا يرجع إلا بمحضر المحيل [ ص: 543 ] والمحال عليه . وقال أبو حنيفة : يرجع بالفلس مطلقا سواء عاش أو مات ، ولا يرجع بغير الفلس . وقال مالك : لا يرجع إلا إن غره كأن علم فلس المحال عليه ولم يعلمه بذلك . وقال الحسن وشريح nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر : الحوالة كالكفالة فيرجع على أيهما شاء ، وبه يشعر إدخال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أبواب الكفالة في كتاب الحوالة . وذهب الجمهور إلى عدم الرجوع مطلقا ، واحتج nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بأن معنى قول الرجل أحلته وأبرأني حولت حقه عني وأثبته على غيري . وذكر أن محمد بن الحسن احتج لقوله بحديث عثمان أنه قال في الحوالة أو الكفالة : " يرجع صاحبها لا توى " أي : لا هلاك ، " على مسلم " قال : فسألته عن إسناده فذكره عن رجل مجهول عن آخر معروف ، لكنه منقطع بينه وبين عثمان ، فبطل الاحتجاج به من أوجه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : أشار nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بذلك إلى ما رواه شعبة عن خليد بن جعفر عن معاوية بن قرة عن عثمان ، فالمجهول خليد والانقطاع بين معاوية بن قرة وعثمان ، وليس الحديث مع ذلك مرفوعا ، وقد شك راويه هل هو في الحوالة أو الكفالة .
قوله : ( وقال ابن عباس يتخارج الشريكان . . . إلخ ) وصله ابن أبي شيبة بمعناه ، قال ابن التين : محله ما إذا وقع ذلك بالتراضي مع استواء الدين ، وقوله : " توي " بفتح المثناة وكسر الواو أي : هلك ، والمراد أن يفلس من عليه الدين أو يموت أو يجحد فيحلف حيث لا بينة ، ففي كل ذلك لا رجوع لمن رضي بالدين ، قال ابن المنير : ووجهه أن من رضي بذلك فهلك فهو في ضمانه كما لو اشترى عينا فتلفت في يده ، وألحق nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري الحوالة بذلك ، وقال أبو عبيد : إذا كان بين ورثة أو شركاء مال وهو في يد بعضهم دون بعض فلا بأس أن يتبايعوه بينهم .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ) قد رواه همام عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، ورواه ابن عمر وجابر مع nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
قوله : ( مطل الغني ظلم ) في رواية ابن عيينة عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887629المطل ظلم الغني " والمعنى أنه من الظلم ، وأطلق ذلك للمبالغة في التنفير عن المطل ، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=14033الجوزقي من طريق همام عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلفظ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887630إن من الظلم مطل الغني " وهو يفسر الذي قبله ، وأصل المطل المد ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس : مطلت الحديدة أمطلها مطلا إذا مددتها لتطول ، وقال الأزهري : المطل المدافعة ، والمراد هنا تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر . والغني مختلف في تفريعه ، ولكن المراد به هنا من قدر على الأداء فأخره ، ولو كان فقيرا كما سيأتي البحث فيه . وهل يتصف بالمطل من ليس القدر الذي استحق عليه حاضرا عنده ، لكنه قادر على تحصيله بالتكسب مثلا؟ أطلق أكثر الشافعية عدم الوجوب ، وصرح بعضهم بالوجوب مطلقا ، وفصل آخرون بين أن يكون أصل الدين وجب بسبب يعصى به فيجب وإلا فلا ، وقوله : " مطل الغني " هو من إضافة المصدر للفاعل عند الجمهور ، والمعنى أنه يحرم على الغني القادر أن يمطل بالدين بعد استحقاقه بخلاف العاجز ، وقيل : هو من إضافة المصدر للمفعول ، والمعنى أنه يجب وفاء الدين ولو كان مستحقه غنيا ولا يكون غناه سببا لتأخير حقه عنه ، وإذا كان كذلك في حق الغني فهو في حق الفقير أولى ، ولا يخفى بعد هذا التأويل .
قوله : ( فإذا أتبع أحدكم على ملي فليتبع ) المشهور في الرواية واللغة كما قال النووي إسكان المثناة في " أتبع " وفي " فليتبع " وهو على البناء للمجهول مثل إذا أعلم فليعلم ، تقول : تبعت الرجل بحقي أتبعه [ ص: 544 ] تباعة - بالفتح - إذا طلبته ، وقال القرطبي : أما " أتبع " فبضم الهمزة وسكون التاء مبنيا لما لم يسم فاعله عند الجميع ، وأما فليتبع فالأكثر على التخفيف ، وقيده بعضهم بالتشديد ، والأول أجود . انتهى . وما ادعاه من الاتفاق على " أتبع " يرده قول nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : إن أكثر المحدثين يقولونه بتشديد التاء والصواب التخفيف ، ومعنى قوله : " أتبع فليتبع " أي : أحيل فليحتل ، وقد رواه بهذا اللفظ أحمد عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي مثله من طريق يعلى بن منصور عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عن أبيه ، وأشار إلى تفرد يعلى بذلك ، ولم يتفرد به كما تراه ، ورواه ابن ماجه من حديث ابن عمر بلفظ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887631فإذا أحلت على مليء فاتبعه " وهذا بتشديد التاء بلا خلاف ، " والمليء " بالهمز مأخوذ من الملاء يقال : ملؤ الرجل بضم اللام أي : صار مليا ، وقال الكرماني : الملي كالغني لفظا ومعنى ، فاقتضى أنه بغير همز ، وليس كذلك فقد قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي إنه في الأصل بالهمز ومن رواه بتركها فقد سهله ، والأمر في قوله : فليتبع ، للاستحباب عند الجمهور ، ووهم من نقل فيه الإجماع ، وقيل : هو أمر إباحة وإرشاد وهو شاذ ، وحمله أكثر الحنابلة nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وأهل الظاهر على ظاهره ، وعبارة nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي : " ومن أحيل بحقه على مليء فواجب عليه أن يحتال " .
( تنبيه ) : ادعى الرافعي أن الأشهر في الروايات " وإذا أتبع " وأنهما جملتان لا تعلق لإحداهما بالأخرى ، وزعم بعض المتأخرين أنه لم يرد إلا بالواو ، وغفل عما في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هنا فإنه بالفاء في جميع الروايات ، وهو كالتوطئة والعلة لقبول الحوالة ، أي : إذا كان المطل ظلما فليقبل من يحتال بدينه عليه ، فإن المؤمن من شأنه أن يحترز عن الظلم فلا يمطل . نعم رواه مسلم بالواو وكذا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الباب الذي بعده لكن قال : " ومن أتبع " ومناسبة الجملة للتي قبلها أنه لما دل على أن مطل الغني ظلم عقبه بأنه ينبغي قبول الحوالة على المليء لما في قبولها من دفع الظلم الحاصل بالمطل ، فإنه قد تكون مطالبة المحال عليه سهلة على المحتال دون المحيل ففي قبول الحوالة إعانة على كفه عن الظلم ، وفي الحديث الزجر عن المطل ، واختلف هل يعد فعله عمدا كبيرة أم لا؟ فالجمهور على أن فاعله يفسق ، لكن هل يثبت فسقه بمطله مرة واحدة أم لا؟ قال النووي مقتضى ، مذهبنا اشتراط التكرار ، ورده السبكي في " شرح المنهاج " بأن مقتضى مذهبنا عدمه ، واستدل بأن منع الحق بعد طلبه وابتغاء العذر عن أدائه كالغصب ، والغصب كبيرة ، وتسميته ظلما يشعر بكونه كبيرة ، والكبيرة لا يشترط فيها التكرار . نعم لا يحكم عليه بذلك إلا بعد أن يظهر عدم عذره انتهى .
واختلفوا هل يفسق بالتأخير مع القدرة قبل الطلب أم لا؟ فالذي يشعر به حديث الباب التوقف على الطلب ؛ لأن المطل يشعر به ، ويدخل في المطل كل من لزمه حق كالزوج لزوجته والسيد لعبده والحاكم لرعيته وبالعكس ، واستدل به على أن العاجز عن الأداء لا يدخل في الظلم ، وهو بطريق المفهوم ؛ لأن تعليق الحكم بصفة من صفات الذات يدل على نفي الحكم عن الذات عند انتفاء تلك الصفة ، ومن لم يقل بالمفهوم أجاب بأن العاجز لا يسمى ماطلا ، وعلى أن الغني الذي ماله غائب عنه لا يدخل في الظلم ، وهل هو مخصوص من عموم الغني أو ليس هو في الحكم بغني؟ الأظهر الثاني ؛ لأنه في تلك الحالة يجوز إعطاؤه من سهم الفقراء من الزكاة ، فلو كان في الحكم غنيا لم يجز ذلك . واستنبط منه أن المعسر لا يحبس ولا يطالب حتى يوسر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لو جازت مؤاخذته لكان ظالما ، والفرض أنه ليس بظالم لعجزه . وقال بعض العلماء : له أن [ ص: 545 ] يحبسه . وقال آخرون : له أن يلازمه . واستدل به على أن الحوالة إذا صحت ثم تعذر القبض بحدوث حادث كموت أو فلس لم يكن للمحتال الرجوع على المحيل ؛ لأنه لو كان له الرجوع لم يكن لاشتراط الغنى فائدة ، فلما شرطت علم أنه انتقل انتقالا لا رجوع له كما لو عوضه عن دينه بعوض ثم تلف العوض في يد صاحب الدين فليس له رجوع . وقال الحنفية يرجع عند التعذر ، وشبهوه بالضمان ، واستدل به على ملازمة المماطل وإلزامه بدفع الدين والتوصل إليه بكل طريق وأخذه منه قهرا ، واستدل به على اعتبار رضا المحيل والمحتال دون المحال عليه لكونه لم يذكر في الحديث ، وبه قال الجمهور . وعن الحنفية يشترط أيضا ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13785الإصطخري من الشافعية ، وفيه الإرشاد إلى ترك الأسباب القاطعة لاجتماع القلوب ؛ لأنه زجر عن المماطلة وهي تؤدي إلى ذلك .