باب من رد أمر السفيه والضعيف العقل وإن لم يكن حجر عليه الإمام ويذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رد على المتصدق قبل النهي ثم نهاه وقال مالك إذا كان لرجل على رجل مال وله عبد لا شيء له غيره فأعتقه لم يجز عتقه ومن باع على الضعيف ونحوه فدفع ثمنه إليه وأمره بالإصلاح والقيام بشأنه فإن أفسد بعد منعه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال وقال للذي يخدع في البيع إذا بايعت فقل لا خلابة ولم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ماله
[ ص: 87 ] قوله : ( باب من رد أمر السفيه والضعيف العقل وإن لم يكن حجر عليه الإمام ) يعني وفاقا لابن القاسم وقصره أصبغ على من ظهر سفهه ، وقال غيره من المالكية لا يرد مطلقا إلا ما تصرف فيه بعد الحجر وهو قول الشافعية وغيرهم ، واحتج ابن القاسم بقصة المدبر حيث رد النبي - صلى الله عليه وسلم - بيعه قبل الحجر عليه ; واحتج غيره بقصة الذي كان يخدع في البيوع حيث لم يحجر عليه ولم يفسخ ما تقدم من بيوعه . وأشار nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بما ذكر من أحاديث الباب إلى التفصيل بين من ظهرت منه الإضاعة فيرد تصرفه فيما إذا كان في الشيء الكثير أو المستغرق وعليه تحمل قصة المدبر ، وبين ما إذا كان في الشيء اليسير أو جعله له شرطا يأمن به من إفساد ماله فلا يرد وعليه تحمل قصة الذي كان يخدع .
قوله ( ويذكر عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد على المتصدق قبل النهي ثم نهاه ) قال عبد الحق : مراده قصة الذي دبر عبده فباعه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكذا أشار إلى ذلك ابن بطال ومن بعده حتى جعله مغلطاي حجة في الرد على ابن الصلاح حيث قرر أن الذي يذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بغير صيغة الجزم لا يكون حاكما بصحته فقال مغلطاي : قد ذكره بغير صيغة الجزم هنا وهو صحيح عنده وتعقبه شيخنا في " النكت على ابن الصلاح " بأن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لم يرد بهذا التعليق قصة المدبر ، وإنما أراد قصة الرجل الذي دخل والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب فأمرهم فتصدقوا عليه فجاء في الثانية فتصدق عليه بأحد ثوبيه فرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال وهو حديث ضعيف أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وغيره .
قلت : لكن ليس هو من حديث جابر وإنما هـو حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، وليس بضعيف بل هو إما صحيح وإما حسن ، أخرجه أصحاب السنن وصححه الترمذي وابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان وغيرهم ، وقد بسطت ذلك فيما كتبته على ابن الصلاح ، والذي ظهر لي أولا أنه أراد حديث جابر في قصة الرجل الذي جاء ببيضة من ذهب أصابها في معدن فقال : يا رسول الله خذها مني صدقة فوالله ما لي مال غيرها فأعرض عنه ، فأعاد فحذفه بها ، ثم قال : يأتي أحدكم بماله لا يملك غيره فيتصدق به ثم يقعد بعد ذلك يتكفف الناس ، إنما الصدقة عن ظهر غنى وهو عند أبي داود وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة . ثم ظهر لي أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إنما أراد قصة المدبر كما قال عبد الحق ، وإنما لم يجزم به لأن القدر الذي يحتاج إليه في هذه الترجمة ليس على شرطه وهو من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن جابر أنه قال : أعتق رجل من بني عذرة عبدا له عن دبر ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ألك مال غيره ؟ فقال : لا . . . الحديث وفيه ثم قال : ابدأ بنفسك فتصدق عليها ، فإن فضل شيء فلأهلك الحديث ، وهذه الزيادة تفرد بها أبو الزبير عن جابر وليس هو من شرط nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري لا يجزم غالبا إلا بما كان على شرطه . والله أعلم .
قوله : ( وقال مالك إلخ ) هكذا أخرجه ابن وهب في موطئه عنه ، وأخذ مالك ذلك من قصة المدبر كما ترى .
[ ص: 88 ] قوله : ( ومن باع على الضعيف ونحوه فدفع ثمنه إليه وأمره بالإصلاح إلخ ) هكذا للجميع ، ولأبي ذر هنا " باب من باع إلخ " والأول أليق ، وقد تقدم توجيه ما ذكره في هذا الموضع وأنه لا يمنع من التصرف إلا بعد ظهور الإفساد ، وقد مضى الكلام على حديث النهي عن إضاعة المال قبل بابين