قوله : ( باب إذا وجد خشبة في البحر أو سوطا أو نحوه ) أي ماذا يصنع به ، هل يأخذه أو يتركه ؟ [ ص: 103 ] وإذا أخذه هل يتملكه أو يكون سبيله سبيل اللقطة ؟ وقد اختلف العلماء في ذلك .
قوله : ( وقال الليث إلخ ) تقدم الكلام عليه مستوفى في الكفالة ، وأورده هنا مختصرا ، وسبق توجيه استنباط الترجمة منه وأنها من جهة أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يأت في شرعنا ما يخالفه ، ولا سيما إذا ساقه الشارع مساق الثناء على فاعله فبهذا التقدير تم المراد من جواز أخذ الخشبة من البحر . وقد اختلف العلماء في ذلك على ما سأذكره . وأما السوط وغيره فلم يقع له ذكر في الباب ، فاعترضه ابن المنير بسبب ذلك وأجيب بأنه استنبطه بطريق الإلحاق .
ولعله أشار بالسوط إلى أثر يأتي بعد أبواب في حديث أبي بن كعب ، أو أشار إلى ما أخرجه أبو داود من حديث جابر قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887769رخص لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به " وفي إسناده ضعف ، واختلف في رفعه ووقفه ، والأصح عند الشافعية أنه لا فرق في اللقطة بين القليل والكثير في التعريف وغيره ، وفي وجه لا يجب التعريف أصلا ، وقيل : تعرف مرة وقيل : ثلاثة أيام وقيل : زمنا يظن أن فاقده أعرض عنه ، وهذا كله في قليل له قيمة أما ما لا قيمة له كالحبة الواحدة فله الاستبداد به على الأصح ، وفي الباب الذي يليه في حديث التمرة حجة لذلك ، وعند الحنفية أن كل شيء يعلم أن صاحبه لا يطلبه كالنواة جاز أخذه والانتفاع به من غير تعريف ، إلا أنه يبقى على ملك صاحبه . وعند المالكية كذلك إلا أنه يزول ملك صاحبه عنه ، فإن كان له قدر ومنفعة وجب تعريفه . واختلفوا في مدة التعريف ، فإن كان مما يتسارع إليه الفساد جاز أكله ولا يضمن على الأصح .
قوله : ( باب إذا وجد تمرة في الطريق ) أي يجوز له أخذها وأكلها وكذا نحوها من المحقرات ، وهو المشهور المجزوم به عند الأكثر وأشار الرافعي إلى تخريج وجه فيه . وقد روى ابن أبي شيبة من طريق ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها وجدت تمرة فأكلتها وقالت : لا يحب الله الفساد ، تعني أنها لو تركت فلم تؤخذ فتؤكل فسدت .
[ ص: 104 ] قوله : ( عن طلحة ) هو ابن مصرف .
قوله : ( لأكلتها ) ظاهر في جواز أكل ما يوجد من المحقرات ملقى في الطرقات ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر أنه لم يمتنع من أكلها إلا تورعا لخشية أن تكون من الصدقة التي حرمت عليه ، لا لكونها مرمية في الطريق فقط . وقد أوضح ذلك قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ثاني حديثي الباب " على فراشي " فإنه ظاهر في أنه ترك أخذها تورعا لخشية أن تكون صدقة فلو لم يخش ذلك لأكلها ، ولم يذكر تعريفا فدل على أن مثل ذلك يملك بالأخذ ولا يحتاج إلى تعريف ، لكن هل يقال إنها لقطة لأن اللقطة ما من شأنه أن يتملك دون ما لا قيمة له ؟ وقد استشكل بعضهم تركه - صلى الله عليه وسلم - التمرة في الطريق مع أن الإمام يأخذ المال الضائع للحفظ وأجيب باحتمال أن يكون أخذها كذلك لأنه ليس في الحديث ما ينفيه ، أو تركها عمدا لينتفع بها من يجدها ممن تحل له الصدقة ، وإنما يجب على الإمام حفظ المال الذي يعلم تطلع صاحبه له ، لا ما جرت به العادة بالإعراض عنه لحقارته . والله أعلم .
قوله : ( وقال nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى ) أي ابن سعيد القطان ، وقد وصله مسدد في مسنده عنه ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من طريق مسدد . قلت : ولسفيان فيه إسناد آخر أخرجه ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عنه بهذا الإسناد إلى طلحة فقال : " عن ابن عمر أنه وجد تمرة فأكلها " .
قوله : ( وقال زائدة إلخ ) وصله مسلم من طريق أبي أسامة عن زائدة .