قوله : ( باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية في الصدقة ) أورد فيه حديث أنس عن أبي بكر في ذلك ، وهو طرف من حديثه الطويل في الزكاة وتقدم فيه ، وقيده المصنف في الترجمة بالصدقة لوروده فيها لأن التراجع لا يصح بين الشريكين في الرقاب . وقال ابن بطال : فقه الباب أن الشريكين إذا خلط رأس مالهما فالربح بينهما ، فمن أنفق من مال الشركة أكثر مما أنفق صاحبه تراجعا عند القسمة بقدر ذلك ، لأنه - عليه الصلاة والسلام - أمر الخليطين في الغنم بالتراجع بينهما وهما شريكان فدل ذلك على أن كل شريكين في معناهما .
وتعقبه ابن المنير بأن التراجع الواقع بين الخليطين في الغنم ليس من باب قسمة الربح ، وإنما أصله غرم مستهلك ، لأنا نقدر أن من لم يعط استهلك مال من أعطى إذا أعطى عن حق وجب على غيره ؛ وقد قيل إنه يقدر مستلفا من صاحبه ، واستدل به على أن من قام عن غيره بواجب فله الرجوع عليه وإن لم يكن أذن له في القيام عنه قاله ابن المنير أيضا ، وفيه نظر لأن صحته تتوقف على عدم الإذن ، وهو هنا محتمل ، فلا يتم الاستدلال مع قيام الاحتمال .