[ ص: 180 ] قوله : ( باب إذا أعتق عبدا بين اثنين أو أمة بين الشركاء ) قال ابن التين : أراد أن العبد كالأمة لاشتراكهما في الرق قال : وقد بين في حديث ابن عمر في آخر الباب أنه كان يفتي فيهما بذلك انتهى ، وكأنه أشار إلى رد قول إسحاق ابن راهويه : إن هذا الحكم مختص بالذكور وهو خطأ ، وادعى nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم أن لفظ العبد في اللغة يتناول الأمة وفيه نظر ، ولعله أراد المملوك . وقال القرطبي : العبد اسم للمملوك الذكر بأصل وضعه ، والأمة اسم لمؤنثه بغير لفظه ، ومن ثم قال إسحاق : إن هذا الحكم لا يتناول الأنثى ، وخالفه الجمهور فلم يفرقوا في الحكم بين الذكر والأنثى إما لأن لفظ العبد يراد به الجنس كقوله تعالى : إلا آتي الرحمن عبدا فإنه يتناول الذكر والأنثى قطعا ، وإما على طريق الإلحاق لعدم الفارق ، قال : وحديث ابن عمر من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن نافع عنه " أنه كان يفتي في العبد والأمة يكون بين الشركاء " الحديث ، وقد قال في آخره " يخبر ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " فظاهره أن الجميع مرفوع ، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من طريق الزهري عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887844من كان له شرك في [ ص: 181 ] عبد أو أمة " الحديث ، وهذا أصرح ما وجدته في ذلك ، ومثله ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من طريق ابن إسحاق عن نافع مثله وقال فيه : حمل عليه ما بقي في ماله حتى يعتق كله ، وقد قال إمام الحرمين : إدراك كون الأمة في هذا الحكم كالعبد حاصل للسامع قبل التفطن لوجه الجمع والفرق ، والله أعلم .
قلت : وقد فرق بينهما عثمان الليثي بمأخذ آخر فقال : ينفذ عتق الشريك في جميعه ولا شيء عليه لشريكه إلا أن تكون الأمة جميلة تراد للوطء فيضمن ما أدخل على شريكه فيها من الضرر ، قال النووي : قول إسحاق شاذ ، وقول عثمان فاسد ا هـ . وإنما قيد المصنف العبد باثنين والأمة بالشركاء اتباعا للفظ الحديث الوارد فيهما ، وإلا فالحكم في الجميع سواء .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو ) هو ابن دينار nindex.php?page=showalam&ids=15959وسالم هو ابن عبد الله بن عمر ، ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي عن سفيان " حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار " .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم ) هو ابن عبد الله بن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=15397وللنسائي من طريق إسحاق ابن راهويه عن سفيان عن عمرو أنه " سمع nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله بن عمر " .
قوله : ( من أعتق ) ظاهره العموم ، لكنه مخصوص بالاتفاق فلا يصح من المجنون ولا من المحجور عليه لسفه ، وفي المحجور عليه بفلس والعبد والمريض مرض الموت والكافر تفاصيل للعلماء بحسب ما يظهر عندهم من أدلة التخصيص ، ولا يقوم في مرض الموت عند الشافعية إلا إذا وسعه الثلث ، وقال أحمد : لا يقوم في المرض مطلقا وسيأتي البحث في عتق الكافر قريبا ، وخرج بقوله : " أعتق " ما إذا أعتق عليه بأن ورث بعض من يعتق عليه بقرابة فلا سراية عند الجمهور ، وعن أحمد رواية ، وكذلك لو عجز المكاتب بعد أن اشترى شقصا يعتق على سيده فإن الملك والعتق يحصلان بغير فعل السيد فهو كالإرث ، ويدخل في الاختيار ما إذا أكره بحق ، ولو أوصى بعتق نصيبه من المشترك أو بعتق جزء ممن له كله لم يسر عند الجمهور أيضا لأن المال ينتقل للوارث ويصير الميت معسرا ، وعن المالكية رواية ، وحجة الجمهور مع مفهوم الخبر أن السراية على خلاف القياس فيختص بمورد النص ، ولأن التقويم سبيله سبيل غرامة المتلفات فيقتضي التخصيص بصدور أمر يجعل إتلافا ، ثم ظاهر قوله : " من أعتق " وقوع العتق منجزا ، وأجرى الجمهور المعلق بصفة إذا وجدت مجرى المنجز .
قوله : ( عبدا بين اثنين ) هو كالمثال وإلا فلا فرق بين أن يكون بين اثنين أو أكثر ، وفي رواية مالك وغيره في الباب " شركا " وهو بكسر المعجمة وسكون الراء ، وفي رواية أيوب الماضية في الشركة " شقصا " بمعجمة وقاف مهملة وزن الأول ، وفي رواية في الباب " نصيبا " والكل بمعنى ، إلا أن ابن دريد قال : هو القليل والكثير ، وقال القزاز : لا يكون الشقص إلا كذلك ، والشرك في الأصل مصدر أطلق على متعلقه وهو العبد المشترك ، ولا بد في السياق من إضمار جزء أو ما أشبهه لأن المشترك هو الجملة أو الجزء المعين منها ، وظاهره العموم في كل رقيق لكن يستثنى الجاني والمرهون ففيه خلاف ، والأصح [ ص: 182 ] في الرهن والجناية منع السراية لأن فيها إبطال حق المرتهن والمجني عليه ، فلو أعتق مشتركا بعد أن كاتباه فإن كان لفظ العبد يتناول المكاتب وقعت السراية وإلا فلا ، ولا يكفي ثبوت أحكام الرق عليه ، فقد ثبتت ولا يستلزم استعمال لفظ العبد عليه ، ومثله ما لو دبراه ، لكن تناول لفظ العبد للمدبر أقوى من المكاتب فيسري هنا على الأصح ، فلو أعتق من أمة ثبت كونها أم ولد لشريكه فلا سراية لأنها تستلزم النقل من مالك إلى مالك ، وأم الولد لا تقبل ذلك عند من لا يرى بيعها وهو أصح قولي العلماء .
قوله : ( فإن كان موسرا قوم ) ظاهره اعتبار ذلك حال العتق ، حتى لو كان معسرا ثم أيسر بعد ذلك لم يتغير الحكم ، ومفهومه أنه إن كان معسرا لم يقوم ، وقد أفصح بذلك في رواية مالك حيث قال فيها : " وإلا فقد عتق منه ما عتق " ويبقى ما لم يعتق على حكمه الأول ، هذا الذي يفهم من هذا السياق وهو السكوت عن الحكم بعد هذا الإبقاء ، وسيأتي البحث في ذلك في الكلام على حديث الباب الذي يليه .
قوله : ( قوم عليه ) بضم أوله ، زاد مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في روايتهما من هذا الوجه " في ماله قيمة عدل لا وكس ولا شطط " والوكس بفتح الواو وسكون الكاف بعدها مهملة : النقص ، والشطط بمعجمة ثم مهملة مكررة والفتح الجور ، واتفق من قال من العلماء على أنه يباع في حصة شريكه جميع ما يباع عليه في الدين على اختلاف عندهم في ذلك ، ولو كان عليه دين بقدر ما يملكه كان في حكم الموسر على أصح قولي العلماء ، وهو كالخلاف في أن الدين هل يمنع الزكاة أم لا ، ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=14171والحميدي " فإنه يقوم عليه بأعلى القيمة أو قيمة عدل " وهو شك من سفيان ، وقد رواه أكثر أصحابه عنه بلفظ " قوم عليه قيمة عدل " وهو الصواب .
قوله : ( ثم يعتق ) في رواية مسلم " ثم أعتق عليه من ماله إن كان موسرا " وهو يشعر بأن التاء في حديث الباب مفتوحة مع ضم أوله .