قوله : ( باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه ) أي من التعليقات لا يقع شيء منها إلا بالقصد ، وكأنه أشار إلى رد ما روي عن مالك أنه يقع الطلاق والعتاق عامدا كان أو مخطئا ذاكرا كان أو ناسيا ، وقد أنكره كثير من أهل مذهبه ، قال الداودي : وقوع الخطأ في الطلاق والعتاق أن يريد أن يلفظ بشيء غيرهما فيسبق لسانه إليهما ، وأما النسيان ففيما إذا حلف ونسي .
قوله : ( وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لكل امرئ ما نوى ) هو طرف من حديث عمر ، وقد ذكره في الباب بلفظ " وإنما لامرئ ما نوى " واللفظ المعلق أورده في أول الكتاب حيث قال فيه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=883324وإنما لكل امرئ ما نوى " وأورده في أواخر الإيمان بلفظ " ولكل امرئ ما نوى " و " إنما " فيه مقدرة .
قوله : ( ولا نية للناسي والمخطئ ) وقع في رواية القابسي " الخاطئ " بدل المخطئ ، قالوا : المخطئ من أراد الصواب فصار إلى غيره والخاطئ من تعمد لما لا ينبغي . وأشار المصنف بهذا الاستنباط إلى بيان أخذ الترجمة من حديث " nindex.php?page=hadith&LINKID=883313الأعمال بالنيات " ويحتمل أن يكون أشار بالترجمة إلى ما ورد في بعض الطرق كعادته ، وهو الحديث الذي يذكره أهل الفقه والأصول كثيرا بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=885637رفع الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه أخرجه ابن ماجه من حديث ابن عباس ، إلا أنه بلفظ " وضع " بدل " رفع " وأخرجه الفضل بن جعفر التيمي في فوائده بالإسناد الذي أخرجه به ابن ماجه بلفظ " رفع " ورجاله ثقات ، إلا أنه أعل بعلة غير قادحة ، فإنه من رواية الوليد عن الأوزاعي عن عطاء عنه ، وقد رواه بشر بن بكر عن الأوزاعي فزاد " nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير " بين عطاء nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أخرجه الدارقطني والحاكم والطبراني .
وهو حديث جليل ، قال بعض العلماء : ينبغي أن يعد نصف الإسلام ، لأن الفعل إما عن قصد واختيار أو لا ، الثاني ما يقع عن خطأ أو نسيان أو إكراه فهذا القسم معفو عنه باتفاق وإنما اختلف العلماء : هل المعفو عنه الإثم أو الحكم أو هما معا ؟ وظاهر الحديث الأخير ، وما خرج عنه كالقتل فله دليل منفصل ، وسيأتي بسط القول في ذلك في كتاب الأيمان والنذور إن شاء الله تعالى . وتقدير قوله : " ولكل امرئ ما نوى " يعتد لكل امرئ ما نوى ، وهو يحتمل أن يكون في الدنيا والآخرة أو في الآخرة فقط وبحسب هذين الاحتمالين وقع الاختلاف في الحكم .
قوله : ( عن زرارة بن أوفى ) يأتي في الأيمان والنذور بلفظ " حدثنا زرارة " وهو من ثقات التابعين ، كان قاضي البصرة ، وليس له في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إلا أحاديث يسيرة .
قوله : ( ما وسوست به صدورها ) يأتي في الطلاق بلفظ " ما حدثت به أنفسها " وهو المشهور ، و " صدورها " في أكثر الروايات بالضم ، وللأصيلي بالفتح على أن وسوست مضمن معنى حدثت ، وحكى الطبري هذا الاختلاف في " حدثت به أنفسها " . والضم كقوله تعالى : ونعلم ما توسوس به نفسه .
قوله : ( ما لم تعمل أو تكلم ) ويأتي في النذور بلفظ " ما لم تعمل به " والمراد نفي الحرج عما يقع في النفس حتى يقع العمل بالجوارح ، أو القول باللسان على وفق ذلك . والمراد بالوسوسة تردد الشيء في النفس من غير أن يطمئن إليه ويستقر عنده ، ولهذا فرق العلماء بين الهم والعزم كما سيأتي الكلام عليه في حديث من هم بحسنة ، ومن هنا تظهر مناسبة هذا الحديث للترجمة ، لأن الوسوسة لا اعتبار لها عند عدم التوطن [ ص: 192 ] فكذلك المخطئ والناسي لا توطن لهما ، وزاد ابن ماجه عن هشام بن عمار عن ابن عيينة في آخره " وما استكرهوا عليه " وأظنها مدرجة من حديث آخر ، دخل على هشام حديث في حديث . قيل : لا مطابقة بين الحديث والترجمة لأن الترجمة في النسيان ، والحديث في حديث النفس ، وأجاب الكرماني بأنه أشار إلى إلحاق النسيان بالوسوسة فكما أنه لا اعتبار للوسوسة لأنها لا تستقر فكذلك الخطأ والنسيان لا استقرار لكل منهما ، ويحتمل أن يقال : إن شغل البال بحديث النفس ينشأ عن الخطأ والنسيان ، ومن ثم رتب على من لا يحدث نفسه في الصلاة ما سبق في حديث عثمان في كتاب الطهارة من الغفران .
( تنبيه ) : ذكر خلف في " الأطراف " أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أخرج هذا الحديث في العتق عن محمد بن عرعرة عن شعبة عن قتادة ، ولم نره فيه ، ولم يذكره أبو مسعود ولا الطوقي ولا nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر ، ولا استخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي ولا أبو نعيم ، وسيأتي الكلام على هذا الحديث مستوفى في كتاب الأيمان والنذور إن شاء الله تعالى .