[ ص: 197 ] قوله : ( باب بيع المدبر ) أي جوازه ، أو ما حكمه ؟ وقد تقدمت هذه الترجمة بعينها في كتاب البيوع ، وأورد هنا حديث جابر مختصرا جدا ، وقد تقدم شرحه مستوفى هناك .
قوله : ( أعتق رجل منا عبدا له ) لم يقع واحد منهما مسمى في شيء من طرق nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وقد قدمت في البيوع أن في رواية مسلم من طريق أيوب عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن جابر " أن رجلا من الأنصار يقال له أبو مذكور أعتق غلاما له عن دبر يقال له : يعقوب " ففيه التعريف بكل منهما ، وله من رواية الليث عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير أن الرجل كان من بني عذرة ، وكذا nindex.php?page=showalam&ids=13933للبيهقي من طريق مجاهد عن جابر ، فلعله كان من بني عذرة وحالف الأنصار .
قوله : ( فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم ) حذف المفعول ، وفي رواية أيوب المذكورة " فدعا به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : من يشتريه " أي الغلام .
قوله : ( فاشتراه نعيم بن عبد الله ) في رواية ابن المنكدر عن جابر كما مضى في الاستقراض " nindex.php?page=showalam&ids=17212نعيم بن النحام " وهو نعيم بن عبد الله المذكور ، والنحام بالنون والحاء المهملة الثقيلة عند الجمهور ، وضبطه ابن الكلبي بضم النون وتخفيف الحاء ، ومنعه الصغاني ، وهو لقب نعيم ، وظاهر الرواية أنه لقب أبيه ، قال النووي : وهو غلط لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=887862دخلت الجنة فسمعت فيها نحمة من نعيم ا هـ . وكذا قال ابن العربي وعياض وغير واحد ، لكن الحديث المذكور من رواية الواقدي وهو ضعيف ، ولا ترد الروايات الصحيحة بمثل هذا ، فلعل أباه أيضا كان يقال له النحام . والنحمة بفتح النون وإسكان المهملة : الصوت . وقيل : السعلة . وقيل : النحنحة . ونعيم المذكور هو ابن عبد الله بن أسيد بن عبد بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي ، وأسيد وعبيد وعويج في نسبه مفتوح أول كل منها ، قرشي عدوي أسلم قديما قبل عمر فكتم إسلامه ، وأراد الهجرة فسأله بنو عدي أن يقيم على أي دين شاء لأنه كان ينفق على أراملهم وأيتامهم ففعل ، ثم هاجر عام الحديبية ومعه أربعون من أهل بيته ، واستشهد في فتوح الشام زمن أبي بكر أو عمر . وروى الحارث في مسنده بإسناد حسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سماه صالحا ، وكان اسمه الذي يعرف به نعيما .
قوله : ( قال جابر مات الغلام عام أول ) يأتي في الأحكام من رواية حماد عن عمرو " سمعت جابرا يقول : عبدا قبطيا مات عام أول " زاد مسلم من طريق ابن عيينة عن عمرو " في إمارة ابن الزبير " وقد تقدم في " باب بيع المدبر " من البيوع نقل مذاهب الفقهاء في بيع المدبر ، وأن الجواز مطلقا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأهل الحديث ، وقد نقله nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " المعرفة " عن أكثر الفقهاء ، وحكى النووي عن الجمهور مقابله . وعن الحنفية والمالكية أيضا تخصيص المنع بمن دبر تدبيرا مطلقا ، أما إذا قيده - كأن يقول : إن مت من مرضي هذا ففلان حر - فإنه يجوز بيعه لأنها كالوصية فيجوز الرجوع فيها ، وعن أحمد يمتنع بيع المدبرة دون المدبر ، وعن الليث يجوز بيعه إن شرط على المشتري عتقه ، وعن ابن سيرين لا يجوز بيعه إلا من نفسه ، ومال ابن دقيق العيد إلى تقييد الجواز بالحاجة فقال : من منع بيعه مطلقا كان الحديث حجة عليه لأن المنع الكلي [ ص: 198 ] يناقضه الجواز الجزئي . ومن أجازه في بعض الصور فله أن يقول : قلت بالحديث في الصورة التي ورد فيها ، فلا يلزمه القول به في غير ذلك من الصور .
وأجاب من أجازه مطلقا بأن قوله : " وكان محتاجا " لا مدخل له في الحكم ، وإنما ذكر لبيان السبب في المبادرة لبيعه ليتبين للسيد جواز البيع ، ولولا الحاجة لكان عدم البيع أولى . وأما من ادعى أنه إنما باع خدمته كما تقدمت حكايته في الباب المذكور فقد أجيب عنه بما تقدم ، وهو أنه لا تعارض بين الحديثين ، وبأن المخالفين لا يقولون بجواز بيع خدمة المدبر ، وقد اتفقت طرق رواية nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار عن جابر أيضا على أن البيع وقع في حياة السيد ، إلا ما أخرجه الترمذي من طريق ابن عيينة عنه بلفظ " أن رجلا من الأنصار دبر غلاما له فمات ولم يترك مالا غيره " الحديث ، وقد أعله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بأنه سمعه من ابن عيينة مرارا لم يذكر قوله : " فمات " ، وكذلك رواه الأئمة أحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=16604وابن المديني والحميدي nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة عن ابن عيينة ، ووجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي الرواية المذكورة بأن أصلها أن رجلا من الأنصار أعتق مملوكه إن حدث به حادث فمات ، فدعا به النبي - صلى الله عليه وسلم - فباعه من نعيم كذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=17096مطر الوراق عن عمرو ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : فقوله فمات من بقية الشرط ، أي فمات من ذلك الحدث ، وليس إخبارا عن أن المدبر مات ، فحذف من رواية ابن عيينة قوله : " إن حدث به حدث " فوقع الغلط بسبب ذلك والله أعلم ا هـ .
وقد تقدم الجواب عما وقع من مثل ذلك في رواية عطاء عن جابر من طريق شريك عن سلمة بن كهيل في الباب المذكور والله أعلم .