[ ص: 293 ] قوله : ( كتاب الشهادات ) هي جمع شهادة وهي مصدر شهد يشهد . قال الجوهري : الشهادة خبر قاطع ، والمشاهدة المعاينة ، مأخوذة من الشهود أي الحضور ; لأن الشاهد مشاهد لما غاب عن غيره ، وقيل مأخوذة من الإعلام .
قوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم - باب ما جاء في البينة على المدعي ) كذا للأكثر وسقط لبعضهم لفظ " باب " وقدم النسفي وابن شبويه البسملة على " كتاب "
قوله : وقول الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله - إلى قوله - بما تعملون خبيرا كذا لأبي ذر وابن شبويه ، ووقع للنسفي بعد قوله في الآية الأولى فاكتبوه : وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله - إلى قوله - بما تعملون خبيرا وهو غلط لا محالة ، وكأنه سقط منه شيء أوضحته رواية غيره كما ترى ولم يسق في الباب حديثا إما اكتفاء بالآيتين ، وإما إشارة إلى الحديث الماضي قريبا في ذلك في آخر باب الرهن ، وستأتي ترجمة الشق الآخر وهي " اليمين على المدعى عليه " قريبا . قال ابن المنير : وجه الاستدلال بالآية للترجمة أن المدعي لو كان القول قوله لم يحتج إلى الإشهاد ولا إلى كتابة الحقوق وإملائها فالأمر بذلك يدل على الحاجة إليه ، ويتضمن أن البينة على المدعي ، ولأن الله حين أمر الذي عليه الحق بالإملاء اقتضى تصديقه فيما أقر به ، وإذا كان مصدقا فالبينة على من ادعى تكذيبه .
قوله : ( باب إذا عدل رجل رجلا فقال : لا نعلم إلا خيرا أو ما علمت إلا خيرا ) وفي رواية الكشميهني " أحدا " بدل " رجلا " . قال ابن بطال : حكى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي عن أبي يوسف أنه قال . إذا قال ذلك قبلت شهادته ، ولم يذكر خلافا عن الكوفيين في ذلك ، واحتجوا بحديث الإفك . وقال مالك : لا يكون ذلك تزكية حتى يقول : رضا أي بالقصر . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : حتى يقول : عدل ، وفي قول : عدل علي ولي . [ ص: 295 ] ولا بد من معرفة المزكي حاله الباطنة . والحجة لذلك أنه لا يلزم من أنه لا يعلم منه إلا الخير أن لا يكون فيه شر . وأما احتجاجهم بقصة أسامة ، فأجاب المهلب بأن ذلك وقع في العصر الذي زكى الله أهله ، وكانت الجرحة فيهم شاذة ، فكفى في تعديلهم أن يقال : لا أعلم إلا خيرا ، وأما اليوم فالجرحة في الناس أغلب ، فلا بد من التنصيص على العدالة . قلت : لم يبت nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري الحكم في الترجمة ، بل أوردها مورد السؤال لقوة الخلاف فيها .
قوله : ( وساق حديث الإفك فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأسامة حين استشاره فقال : أهلك ولا نعلم إلا خيرا ) كذا لأبي ذر ، ولم يقع هذا كله عند الباقين وهو اللائق ; لأن حديث الإفك قد ذكر في الباب موصولا وإن كان اختصره ، وسيأتي مطولا أيضا بعد أبواب ويأتي الكلام عليه في تفسير سورة النور وقوله فيه .
" وقال الليث حدثني يونس " وصله هناك أيضا .
وقوله : " أهلك ولا نعلم إلا خيرا " بنصب أهلك للأكثر على الإغراء أو على فعل محذوف تقديره أمسك أهلك ولبعضهم بالرفع أي هم أهلك ، قال ابن المنير : التعديل إنما هـو تنفيذ للشهادة nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة - رضي الله عنها - لم تكن شهدت ولا كانت محتاجة إلى التعديل ; لأن الأصل البراءة وإنما كانت محتاجة إلى نفي التهمة عنها حتى تكون الدعوى عليها بذلك غير مقبولة ، ولا شبهة ، فيكفي في هذا القدر هذا اللفظ فلا يكون فيه لمن اكتفى في التعديل بقوله : " لا أعلم إلا خيرا " حجة .