قوله : ( باب شهادة النساء وقول الله تعالى : فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان قال ابن المنذر : أجمع العلماء على القول بظاهر هذه الآية ، فأجازوا شهادة النساء مع الرجال ، وخص الجمهور ذلك بالديون والأموال وقالوا : لا تجوز شهادتهن في الحدود والقصاص ، واختلفوا في النكاح والطلاق والنسب والولاء ، فمنعها الجمهور وأجازها الكوفيون قال : واتفقوا على قبول شهادتهن مفردات فيما لا يطلع عليه الرجال ، كالحيض والولادة والاستهلال وعيوب النساء ، واختلفوا في الرضاع كما سيأتي في الباب الذي بعده .
وقال أبو عبيد : أما اتفاقهم على جواز شهادتهن في الأموال فللآية المذكورة ، وأما اتفاقهم على منعها في الحدود والقصاص فلقوله تعالى : فإن لم يأتوا بأربعة شهداء ، وأما اختلافهم في النكاح ونحوه فمن ألحقها بالأموال فذلك لما فيها من المهور والنفقات ونحو ذلك ، ومن ألحقها بالحدود فلأنها تكون استحلالا للفروج ، وتحريمها بها ، قال : وهذا هـو المختار ويؤيد ذلك قوله تعالى : وأشهدوا ذوي عدل منكم ثم سماها حدودا فقال : تلك حدود الله والنساء لا يقبلن في الحدود قال : وكيف يشهدن فيما ليس لهن فيه تصرف من عقد ولا حل انتهى .
وهذا التفصيل [ ص: 316 ] لا ينافي الترجمة ; لأنها معقودة لإثبات شهادتهن في الجملة ، وقد اختلفوا فيما لا يطلع عليه الرجال هل يكفي فيه قول المرأة وحدها أم لا ؟ فعند الجمهور لا بد من أربع ، وعن مالك nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى : يكفي شهادة اثنتين ، وعن الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري تجوز شهادتها وحدها في ذلك وهو قول الحنفية .
ذكر المصنف حديث أبي سعيد مختصرا وقد مضى بتمامه في الحيض ، والغرض منه قوله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=3502883 " أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل " ؟ قال المهلب : ويستنبط منه التفاضل بين الشهود بقدر عقلهم وضبطهم ، فتقدم شهادة الفطن اليقظ على الصالح البليد ، قال : وفي الآية أن الشاهد إذا نسي الشهادة فذكره بها رفيقه حتى تذكرها أنه يجوز أن يشهد بها . ومن اللطائف ما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن أمه أنها شهدت عند قاضي مكة هي وامرأة أخرى ، فأراد أن يفرق بينهما امتحانا فقالت له أم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ليس لك ذلك ; لأن الله تعالى يقول : أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى .