قوله : ( باب إذا تسارع قوم في اليمين ) أي حيث تجب عليهم جميعا بأيهم يبدأ .
قوله : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم عرض على قوم اليمين فأسرعوا ، فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم [ ص: 338 ] يحلف ) أي قبل الآخر ، هذا اللفظ أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أيضا عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق وقال فيه : " فأسرع الفريقان " وقد رواه أحمد عن عبد الرزاق شيخ شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيه بلفظ " إذا أكره الاثنان على اليمين واستحباها فليستهما عليها " وأخرجه أبو نعيم في مسند إسحاق ابن راهويه عن عبد الرزاق مثل رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وتعقبه بأنه رآه في أصل إسحاق عن عبد الرزاق باللفظ الذي رواه أحمد ، قال : وقد وهم شيخنا أبو أحمد في ذلك انتهى .
قلت : وهكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل عن عبد الرزاق ، وأخرجه من طريق الحسن بن يحيى عن عبد الرزاق مثله لكن قال : " فاستحباها " ، وأخرجه أبو داود عن أحمد nindex.php?page=showalam&ids=16023وسلمة بن شبيب عن عبد الرزاق بلفظ " أو استحباها " قال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : هذا هـو الصحيح ، أي أنه بلفظ " أو " لا بالفاء ولا بالواو . قلت : ورواية الواو يمكن حملها على رواية أو ، وأما رواية الفاء فيمكن توجيهها بأنهما أكرها على اليمين في ابتداء الدعوى ، فلما عرفا أنهما لا بد لهما منها أجابا إليها وهو المعبر عنه بالاستحباب ، ثم تنازعا أيهما يبدأ فأرشد إلى القرعة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وغيره : الإكراه هنا لا يراد به حقيقته ، لأن الإنسان لا يكره على اليمين ، وإنما المعنى إذا توجهت اليمين على اثنين وأرادا الحلف - سواء كانا كارهين لذلك بقلبهما وهو معنى الإكراه ، أو مختارين لذلك بقلبهما وهو معنى الاستحباب - وتنازعا أيهما يبدأ فلا يقدم أحدهما على الآخر بالتشهي بل بالقرعة ، وهو المراد بقوله " فليستهما " أي فليقترعا . وقيل : صورة الاشتراك في اليمين أن يتنازع اثنان عينا ليست في يد واحد منهما ولا بينة لواحد منهما فيقرع بينهما ، فمن خرجت له القرعة حلف واستحقها . ويؤيد ذلك ما روى أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وغيرهما من طريق أبي رافع عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=3502896أن رجلين اختصما في متاع ليس لواحد منهما بينة ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : استهما على اليمين ما كان ، أحبا ذلك أو كرها ، وأما اللفظ الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيحتمل أن يكون عند عبد الرزاق فيه حديث آخر باللفظ المذكور ، ويؤيده رواية أبي رافع المذكورة فإنها بمعناها ، ويحتمل أن تكون قصة أخرى بأن يكون القوم المذكورون مدعى عليهم بعين في أيديهم مثلا وأنكروا ولا بينة للمدعى عليهم ، فتوجهت عليهم اليمين ، فتسارعوا إلى الحلف ، والحلف لا يقع معتبرا إلا بتلقين المحلف ، فقطع النزاع بينهم بالقرعة فمن خرجت له بدأ به في ذلك . والله أعلم .