قوله : ( باب هل يشير الإمام بالصلح ) أشار بهذه الترجمة إلى الخلاف ، فإن الجمهور استحبوا nindex.php?page=showalam&ids=14070للحاكم أن يشير بالصلح وإن اتجه الحق لأحد الخصمين ، ومنع من ذلك بعضهم وهو عن المالكية ، وزعم ابن التين أنه ليست في حديثي الباب ما ترجم به وإنما فيه الحض على ترك بعض الحق ، وتعقب بأن الإشارة بذلك بمعنى الصلح ، على أن المصنف ما جزم بذلك فكيف يعترض عليه .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل بن أبي أويس حدثني أخي ) هو أبو بكر عبد الحميد ، nindex.php?page=showalam&ids=16036وسليمان هو ابن بلال ، nindex.php?page=showalam&ids=17316ويحيى بن سعيد هو الأنصاري ، وأبو الرجال بالجيم محمد بن عبد الرحمن أي ابن حارثة بن النعمان الأنصاري كنيته أبو عبد الرحمن ، وقيل له أبو الرجال لأنه ولد له عشرة ذكور ، وهو من صغار التابعين ، وكذا الراوي عنه ; والإسناد كله مدنيون ، وفيه ثلاثة من التابعين في نسق منهم قرينان . وهذا الحديث أخرجه مسلم قال [ ص: 363 ] : " حدثنا غير واحد عن nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل بن أبي أويس " فعده بعضهم في المنقطع ، والتحقيق أنه متصل في إسناده مبهم ، وقد رواه عن إسماعيل أيضا محمد بن يحيى الذهلي أخرجه أبو عوانة nindex.php?page=showalam&ids=13779والإسماعيلي وغيرهما من طريقه ، وأخرجه أبو عوانة أيضا من طريق إبراهيم بن الحسين الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=12425وإسماعيل بن إسحاق القاضي ، ورويناه في " المحامليات " عن عبد الله بن شبيب ، فيحتمل أن يفسر من أبهمه مسلم بهؤلاء أو بعضهم ، ولم ينفرد به إسماعيل بل تابعه أيوب بن سفيان عن أبي بكر بن أبي أويس أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي أيضا ، ولا انفرد به يحيى بن سعيد فقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان من طريق عبد الرحمن بن أبي الرجال عن أبيه .
قوله : ( سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوت خصوم بالباب عالية أصواتهم ) في رواية " أصواتهما " ، وكأنه جمع باعتبار من حضر الخصومة وثنى باعتبار الخصمين ، أو كأن التخاصم من الجانبين بين جماعة فجمع ثم ثنى باعتبار جنس الخصم ، وليس فيه حجة لمن جوز صيغة الجمع بالاثنين كما زعم بعض الشراح ، ويجوز في قوله : " عالية " الجر على الصفة والنصب على الحال .
قوله : ( وإذا أحدهما يستوضع الآخر ) أي يطلب منه الوضيعة ، أي الحطيطة من الدين .
قوله : ( فله أي ذلك أحب ) أي من الوضع أو الرفق ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : " nindex.php?page=hadith&LINKID=888067فقال إن شئت وضعت ما نقصوا إن شئت من رأس المال ، فوضع ما نقصوا " وهو يشعر بأن المراد بالوضع الحط من رأس المال ، وبالرفق الاقتصار عليه وترك الزيادة ، لا كما زعم بعض الشراح أنه يريد بالرفق الإمهال ، وفي هذا الحديث الحض على الرفق بالغريم والإحسان إليه بالوضع عنه ، والزجر عن الحلف على ترك فعل الخير ، قال الداودي : إنما كره ذلك لكونه حلف على ترك أمر عسى أن يكون قد قدر الله وقوعه ، وعن المهلب نحوه ، وتعقبه ابن التين بأنه لو كان كذلك لكره الحلف لمن حلف ليفعلن خيرا ، وليس كذلك بل الذي يظهر أنه كره له قطع نفسه عن فعل الخير ، قال : ويشكل في هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي الذي قال : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص : " أفلح إن صدق " ولم ينكر عليه حلفه على ترك الزيادة وهي من فعل الخير ، ويمكن الفرق بأنه في قصة الأعرابي كان في مقام الدعاء إلى الإسلام والاستمالة إلى الدخول فيه فكان يحرص على ترك [ ص: 364 ] تحريضهم على ما فيه نوع مشقة مهما أمكن ، بخلاف من تمكن في الإسلام فيحضه على الازدياد من نوافل الخير . وفيه سرعة فهم الصحابة لمراد الشارع ، وطواعيتهم لما يشير به ، وحرصهم على فعل الخير ، وفيه الصفح عما يجري بين المتخاصمين من اللغط ورفع الصوت عند الحاكم . وفيه جواز سؤال المدين الحطيطة من صاحب الدين خلافا لمن كرهه من المالكية واعتل بما فيه من تحمل المنة . وقال القرطبي : لعل من أطلق كراهته أراد أنه خلاف الأولى . وفيه هبة المجهول ، كذا قال ابن التين ، وفيه نظر لما قدمناه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان والله أعلم .