[ ص: 435 ] قوله : ( باب الوصية بالثلث ) أي جوازها أو مشروعيتها ، وقد سبق تقرير ذلك في الباب الذي قبله ، واستقر الإجماع على منع الوصية بأزيد من الثلث ، لكن اختلف فيمن كان له وارث ، وسيأتي تحريره في " باب لا وصية لوارث " وفيمن لم يكن له وارث خاص فمنعه الجمهور وجوزه الحنفية وإسحاق وشريك وأحمد في رواية وهو قول علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، واحتجوا بأن الوصية مطلقة بالآية فقيدتها السنة بمن له وارث فيبقى من لا وارث له على الإطلاق وقد تقدم في الباب الذي قبله توجيه لهم آخر .
واختلفوا أيضا هـل يعتبر ثلث المال حال الوصية أو حال الموت ؟ على قولين ، وهما وجهان للشافعية أصحهما الثاني ، فقال بالأول مالك وأكثر العراقيين وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز ، وقال بالثاني أبو حنيفة وأحمد والباقون وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وجماعة من التابعين ، وتمسك الأولون بأن الوصية عقد والعقود تعتبر بأولها ، وبأنه لو نذر أن يتصدق بثلث ماله اعتبر ذلك حالة النذر اتفاقا ، وأجيب بأن الوصية ليست عقدا من كل جهة ولذلك لا تعتبر بها الفورية ولا القبول ، وبالفرق بين النذر والوصية بأنها يصح الرجوع عنها والنذر يلزم ، وثمرة هذا الخلاف تظهر فيما لو حدث له مال بعد الوصية ، واختلفوا أيضا : هل يحسب الثلث من جميع المال أو تنفذ بما علمه الموصي دون ما خفي عليه أو تجدد له ولم يعلم به ؟ وبالأول قال الجمهور ، وبالثاني قالمالك ، وحجة الجمهور أنه لا يشترط أن يستحضر تعداد مقدار المال حالة الوصية اتفاقا ولو كان عالما بجنسه ، فلو كان العلم به شرطا لما جاز ذلك .
( فائدة ) : أول من أوصى بالثلث في الإسلام nindex.php?page=showalam&ids=1023البراء بن المعرور بمهملات ، أوصى به للنبي - صلى الله عليه وسلم - وكان قد مات قبل أن يدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة بشهر ، فقبله النبي - صلى الله عليه وسلم - ورده على ورثته ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وابن المنذر من طريق يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن جده .
قوله : ( وقال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ) أي البصري ( لا يجوز للذمي وصية إلا بالثلث ) قال ابن بطال : أراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بهذا الرد على من قال كالحنفية بجواز الوصية بالزيادة على الثلث لمن لا وارث له ، قال : ولذلك احتج بقوله تعالى : وأن احكم بينهم بما أنزل الله والذي حكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - من الثلث هو الحكم بما أنزل الله ، فمن تجاوز ما حده فقد أتى ما نهي عنه . وقال ابن المنير : لم يرد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هذا وإنما أراد الاستشهاد بالآية على أن الذمي إذا تحاكم إلينا ورثته لا ينفذ من وصيته إلا الثلث ، لأنا لا نحكم فيهم إلا بحكم الإسلام لقوله تعالى : وأن احكم بينهم بما أنزل الله الآية .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان ) هو ابن عيينة فإن قتيبة لم يلحق الثوري .
[ ص: 436 ] قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ) وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي في مسنده عن سفيان " حدثنا هـشام " وليس nindex.php?page=showalam&ids=16561لعروة بن الزبير عن ابن عباس في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري سوى هذا الحديث الواحد .
قوله : ( لو غض الناس ) بمعجمتين أي نقص ، و " لو " للتمني فلا يحتاج إلى جواب ، أو شرطية والجواب محذوف ، وقد وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14771ابن أبي عمر في مسنده عن سفيان بلفظ " كان أحب إلي " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريقه ومن طريق أحمد بن عبدة أيضا وأخرجه من طريق العباس بن الوليد عن سفيان بلفظ " كان أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .
قوله : ( إلى الربع ) زاد nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي " في الوصية " وكذا رواه أحمد عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن هشام بلفظ " وددت أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع في الوصية " الحديث ، وفي رواية ابن نمير عن هشام عند مسلم " لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع " .
قوله : ( لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ) هو كالتعليل لما اختاره من النقصان عن الثلث ، وكأن ابن عباس أخذ ذلك من وصفه - صلى الله عليه وسلم - الثلث بالكثرة ، وقد قدمنا الاختلاف في توجيه ذلك في الباب الذي قبله ، ومن أخذ بقول ابن عباس في ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12418كإسحاق ابن راهويه ، والمعروف في مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي استحباب النقص عن الثلث ، وفي شرح مسلم للنووي : إن كان الورثة فقراء استحب أن ينقص منه وإن كانوا أغنياء فلا .
قوله : ( والثلث كثير ) في رواية مسلم " كثير أو كبير " بالشك هل هي بالموحدة أو بالمثلثة .