قوله : ( لأعنتكم لأحرجكم وضيق ) هو تفسير ابن عباس أخرجه ابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عنه ، وزاد بعد قوله ضيق عليكم " ولكنه وسع ويسر فقال : ومن كان غنيا فليستعفف ، ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف " يقول يأكل الفقير إذا ولي مال اليتيم بقدر قيامه على ماله ومنفعته ما لم يسرف أو يبذر ، [ ص: 463 ] ثم أخرج من طريق سعيد بن جبير قال في قوله : " لأعنتكم " : لأحرجكم اهـ ، وقوله : أعنتكم فعل ماض من العنت بفتح المهملة والنون بعدها مثناة والهمزة للتعدية أي أوقعكم في العنت .
قوله : ( وعنت خضعت ) كذا وقع هنا ، واستغرب لأنه لا تعلق له بقوله : ( أعنتكم ) بل هو فعل ماض من العنو بضم المهملة والنون وتشديد الواو ، وليس هو من العنت في شيء لأن التاء في العنت أصلية وفي عنت للتأنيث ولام الفعل منه واو لكنها ذهبت في الوصل ، فلعل المصنف ذكر ذلك هنا استطرادا ، وتفسير ( عنت الوجوه ) بخضعت أخرجه ابن المنذر أيضا من طريق مجاهد وأخرج من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : " قوله وعنت الوجوه أي ذلت " ومن طريق أبي عبيدة قال : " عنت استأسرت " لأن العاني هو الأسير فكأن من فسره بخضعت فسره بلازمه لأن من لازم الأسر الذلة والخضوع غالبا .
قوله : ( وقال لنا سليمان بن حرب إلخ ) هو موصول ، وسليمان من شيوخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وجرت عادة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري الإتيان بهذه الصيغة في الموقوفات غالبا وفي المتابعات نادرا ، ولم يصب من قال إنه لا يأتي بها إلا في المذاكرة ، وأبعد من قال إن ذلك للإجازة .
قوله : ( ما رد ابن عمر على أحد وصيته ) يعني أنه كان يقبل وصية من يوصي إليه ، قال ابن التين كأنه كان يبتغي الأجر بذلك لحديث nindex.php?page=hadith&LINKID=888216أنا وكافل اليتيم كهاتين الحديث اهـ . وسيأتي في كتاب الأدب مع الكلام عليه ، ومحل كراهة الدخول في الوصايا أن يخشى التهمة أو الضعف عن القيام بحقها .
قوله : ( وكان ابن سيرين أحب الأشياء إليه إلخ ) لم أقف عليه موصولا عنه .
وعبد العزيز المذكور في الإسناد هو ابن صهيب ، والإسناد كله بصريون . وأبو طلحة كان زوج nindex.php?page=showalam&ids=11088أم سليم والدة أنس فالحديث مطابق لأحد ركني الترجمة ، وأما الركن الذي قبله وهو نظر الأم فكأنه استفيد من كون أبي طلحة لم يفعل ذلك إلا بعد رضا أم سليم ، أو أشار إلى ما ورد في بعض طرقه " أن أم سليم هي التي أحضرته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أول ما قدم المدينة " وأما أبو طلحة فأحضره إليه لما أراد الخروج إلى غزوة خيبر كما سيأتي ذلك صريحا في " باب من غزا بصبي للخدمة " من كتاب الجهاد ، ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=16698عمرو بن أبي عمرو عن أنس ، وقد اختلف في حكم ما ترجم به : فعن المالكية للأم وغيرها التصرف في مصالح من في كفالتهم من الأيتام وإن لم يكونوا أوصياء ، واستشكل بعضهم جواز ذلك فإنه يفضي إلى أن اليتيم يشتغل بالخدمة عن التأديب وهو ضد المطلوب ، وجوابه أن انتزاع الحكم المذكور من هذا الخبر يقتضي التقييد بما ورد في الخبر المستدل به وهو أن يكون عند من يؤدبه وينتفع بتأديبه كما وقع لأنس في الخدمة النبوية فإنه استفاد بالمواظبة عليها من الآداب ما فاق غيره ممن أدبه أبوه .