[ ص: 465 ] قوله : ( باب إذا وقف أرضا ولم يبين الحدود فهو جائز ، وكذلك الصدقة ) كذا أطلق الجواز وهو محمول على ما إذا كان الموقوف أو المتصدق به مشهورا متميزا بحيث يؤمن أن يلتبس بغيره ، وإلا فلا بد من التحديد اتفاقا لكن ذكر nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في فتاويه أن من قال : اشهدوا على أن جميع أملاكي وقف على كذا وذكر مصرفها ولم يحدد شيئا منها صارت جميعها وقفا ، ولا يضر جهل الشهود بالحدود . ويحتمل أن يكون مراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن الوقف يصح بالصيغة التي لا تحديد فيها بالنسبة إلى اعتقاد الواقف وإرادته لشيء معين في نفسه ، وإنما يعتبر التحديد لأجل الإشهاد عليه ليبين حق الغير والله أعلم .
قوله : ( أكثر الأنصار ) في رواية الكشميهني " أكثر أنصاري " أي أكثر كل واحد من الأنصار ، والإضافة إلى المفرد النكرة عند إرادة التفضيل سائغ .
قوله ( مالا من نخل ) تقدم في رواية عبد العزيز الماجشون عن إسحاق تسمية حدائق أبي طلحة قريبا .
قوله : ( وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخلها ) زاد في رواية عبد العزيز " ويستظل فيها " .
قوله : ( بيرحاء ) تقدم شيء من ضبطها في الزكاة ، ومنه عند مسلم " بريحاء " بفتح الموحدة وكسر [ ص: 466 ] الراء وتقديمها على التحتانية الساكنة ثم حاء مهملة ، ورجح هذا صاحب الفائق وقال : هي وزن فعيلاء من البراح وهي الأرض الظاهرة المنكشفة ، وعند أبي داود باريحاء وهو بإشباع الموحدة والباقي مثله ، ووهم من ضبطه بكسر الموحدة وفتح الهمزة ، فإن أريحاء من الأرض المقدسة ، ويحتمل إن كان محفوظا أن تكون سميت باسمها قال عياض : رواية المغاربة إعراب الراء والقصر في حاء ، وخطأ هـذا الصوري ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11927الباجي : أدركت أهل العلم ومنهم أبو ذر يفتحون الراء في كل حال ، زاد الصوري وكذلك الباء أي أوله ، وقد قدمت في الزكاة أنه انتهى الخلاف في النطق بها إلى عشرة أوجه ، ونقل أبو علي الصدفي عن nindex.php?page=showalam&ids=12002أبي ذر الهروي أنه جزم أنها مركبة من كلمتين : بير كلمة وحاء كلمة ثم صارت كلمة واحدة ، واختلف في حاء هل هي اسم رجل أو امرأة أو مكان أضيفت إليه البئر أو هي كلمة زجر لإبل وكأن الإبل كانت ترعى هناك وتزجر بهذه اللفظة فأضيفت البئر إلى اللفظة المذكورة .
قوله ( بخ ) بفتح الموحدة وسكون المعجمة ، وقد تنون مع التثقيل والتخفيف بالكسر ، والرفع والسكون ويجوز التنوين لغات ، ولو كررت فالاختيار أن تنون الأولى وتسكن الثانية ، وقد يسكنان جميعا كما قال الشاعر :
بخ بخ لوالده وللمولود
ومعناها تفخيم الأمر والإعجاب به .
قوله : ( رابح أو رايح شك nindex.php?page=showalam&ids=15020ابن مسلمة ) أي القعنبي أي هل هو بالتحتانية أو بالموحدة .
قوله : ( أفعل ) بضم اللام على أنه قول أبي طلحة .
قوله : ( فقسمها أبو طلحة ) فيه تعيين أحد الاحتمالين في رواية غيره حيث وقع فيها " أفعل فقسمها " فإنه احتمل الأول واحتمل أن يكون أفعل صيغة أمر وفاعل قسمها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وانتفى هذا الاحتمال الثاني بهذه الرواية . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر أن إسماعيل القاضي رواه عن القعنبي عن مالك فقال في روايته nindex.php?page=hadith&LINKID=888220فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أقاربه وبني عمه ، قال وقوله : " في أقاربه " أي أقارب أبي طلحة ، قلت : ووقع في رواية ثابت عن أنس كما تقدم ، وكذا في رواية همام عن إسحاق بن أبي طلحة : فقال - صلى الله عليه وسلم - : ضعها في قرابتك ، فجعلها حدائق بين حسان بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب لفظ إسحاق أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي في مسنده عنه ، وحديث ثابت نحوه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : إضافة القسم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن كان سائغا شائعا في لسان العرب على معنى أنه الآمر به لكن أكثر الرواة لم يقولوا ذلك ، والصواب رواية من قال " فقسمها أبو طلحة " .
قوله : ( في أقاربه وبني عمه ) في رواية ثابت المتقدمة " فجعلها لحسان وأبي " وكذا في رواية همام عن إسحاق كما ترى ، وكذا في رواية الأنصاري عن أبيه عن ثمامة ، وقد تمسك به من قال : أقل من يعطى من الأقارب إذا لم يكونوا منحصرين اثنان ، وفيه نظر لأنه وقع في رواية الماجشون عن إسحاق المتقدمة " فجعلها أبو طلحة في ذي رحمه وكان منهم حسان nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب " فدل على أنه أعطى غيرهما معهما ، ثم رأيت في مرسل أبي بكر بن حزم المتقدم " فرده على أقاربه أبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=144وحسان بن ثابت وأخيه - أو ابن أخيه - شداد بن أوس ونبيط بن جابر فتقاوموه ، فباع حسان حصته من معاوية بمائة ألف درهم " .
قوله : ( وقال nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل ) أي ابن أبي أويس ( وعبد الله بن يوسف ويحيى بن يحيى عن مالك ) أي بهذا [ ص: 467 ] الإسناد ( رايح ) أي بالتحتانية ، وقد وصل حديث إسماعيل في التفسير وحديث عبد الله بن يوسف في الزكاة وحديث يحيى بن يحيى في الوكالة ، وقد تقدم توجيه الروايتين في كتاب الزكاة . وفي قصة أبي طلحة من الفوائد غير ما تقدم أن منقطع الآخر في الوقف يصرف لأقرب الناس إلى الواقف ، وأن الوقف لا يحتاج في انعقاده إلى قبول الموقوف عليه . واستدل به بعض المالكية على صحة الصدقة المطلقة ثم يعينها المتصدق لمن يريد ، واستدل به للجمهور في أن من أوصى أن يفرق ثلث ماله حيث أرى الله الوصي صحت وصيته ويفرقه الوصي في سبيل الخير ولا يأكل منه شيئا ولا يعطي منه وارثا للميت ، وخالف في ذلك أبو ثور وفاقا للحنفية في الأول دون الثاني .
استدل به لما ذهب إليه مالك من أن الصدقة تصح بالقول من قبل القبض ، فإن كانت لمعين استحق المطالبة بقبضها ، وإن كانت لجهة عامة خرجت عن ملك القائل وكان للإمام صرفه في سبيل الصدقة ، وكل هذا ما إذا لم يظهر مراد المتصدق فإن ظهر اتبع . وفيه جواز تولي المتصدق قسم صدقته ، وفيه جواز أخذ الغني من صدقة التطوع إذا حصل له بغير مسألة ، واستدل به على مشروعية الحبس والوقف خلافا لمن منع ذلك وأبطله ، ولا حجة فيه لاحتمال أن تكون صدقة أبي طلحة تمليكا وهو ظاهر سياق الماجشون عن إسحاق كما تقدم ، وفيه زيادة الصدقة في التطوع على قدر نصاب الزكاة خلافا لمن قيدها به ، وفيه فضيلة لأبي طلحة لأن الآية تضمنت الحث على الإنفاق من المحبوب فترقى هو إلى إنفاق أحب المحبوب فصوب - صلى الله عليه وسلم - رأيه وشكر عن ربه فعله ، ثم أمره أن يخص بها أهله ، وكنى عن رضاه بذلك بقوله : " بخ " . وفيه أن الوقف يتم بقول الواقف جعلت هذا وقفا ، وتقدم البحث فيه قبل أبواب ، وأن الصدقة على الجهة العامة لا تحتاج إلى قبول معين بل للإمام قبولها منه ووضعها فيما يراه كما في قصة أبي طلحة .
وفيه أنه لا يعتبر في القرابة من يجمعه والواقف أب معين لا رابع ولا غيره ، لأن أبيا إنما يجتمع مع أبي طلحة في الأب السادس ، وأنه لا يجب تقديم القريب على القريب الأبعد ، لأن حسان وأخاه أقرب إلى أبي طلحة من أبي ونبيط ، ومع ذلك فقد أشرك معهما أبيا ونبيط بن جابر ، وفيه أنه لا يجب الاستيعاب لأن بني حرام الذي اجتمع فيه أبو طلحة وحسان كانوا بالمدينة كثيرا فضلا عن عمرو بن مالك الذي يجمع أبا طلحة وأبيا .