وقوله : فمنهم من قضى نحبه أي مات ، وأصل النحب النذر ، فلما كان كل حي لا بد له من الموت فكأنه نذر لازم له ، فإذا مات فقد قضاه ، والمراد هنا من مات على عهده لمقابلته بمن ينتظر ذلك . وأخرج ذلك ابن أبي حاتم بإسناد حسن عن ابن عباس .
قوله : ( حدثنا محمد بن سعيد الخزاعي ) هو بصري يلقب بمردويه ما له في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري سوى هذا الحديث وآخر في غزوة خيبر ، nindex.php?page=showalam&ids=16299وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى السامي بالمهملة .
قوله : ( سألت أنسا ) كذا أورده وعطف عليه الطريق الأخرى فأشعر بأن السياق لها ، وأفادت رواية عبد الأعلى تصريح حميد له بالسماع من أنس فأمن تدليسه . وقد أخرجه مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من رواية ثابت عن أنس .
قوله : ( حدثنا زياد ) لم أره منسوبا في شيء من الروايات ، وزعم الكلاباذي ومن تبعه أنه ابن عبد الله البكائي بفتح الموحدة وتشديد الكاف ، وهو صاحب ابن إسحاق وراوي المغازي عنه ، وليس له ذكر في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري سوى هذا الموضع .
قوله : ( أول قتال ) أي لأن بدرا أول غزوة خرج فيها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه مقاتلا ، وقد تقدمها غيرها لكن ما خرج فيها صلى الله عليه وسلم بنفسه مقاتلا .
[ ص: 28 ] قوله : ( وانكشف المسلمون ) في رواية عبد الوهاب الثقفي عن حميد عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي " وانهزم الناس " وسيأتي بيان ذلك في غزوة أحد .
قوله : ( أعتذر ) أي من فرار المسلمين ( وأبرأ ) أي من فعل المشركين .
قوله : ( ثم تقدم ) أي نحو المشركين ( فاستقبله nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ ) زاد ثابت عن أنس " منهزما " كذا في مسند الطيالسي ، ووقع عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي مكانها " مهيم " وهو تصحيف فيما أظن .
قوله : ( فقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ ، الجنة ورب النضر ) كأنه يريد والده ، ويحتمل أن يريد ابنه فإنه كان له ابن يسمى النضر وكان إذ ذاك صغيرا . ووقع في رواية عبد الوهاب " فوالله " وفي رواية عبد الله بن بكر عن حميد عند الحارث بن أبي أسامة عنه : والذي نفسي بيده ، والظاهر أنه قال بعضها والبقية بالمعنى ، وقوله : الجنة " بالنصب على تقدير عامل نصب أي أريد الجنة أو نحوه ، ويجوز الرفع أي هي مطلوبي .
قوله : ( إني أجد ريحها ) أي ريح الجنة ( من دون أحد ) ، وفي رواية ثابت ، ( واها لريح الجنة أجدها دون أحد ) قال ابن بطال وغيره : يحتمل أن يكون على الحقيقة وأنه وجد ريح الجنة حقيقة أو وجد ريحا طيبة ذكره طيبها بطيب ريح الجنة ، ويجوز أن يكون أراد أنه استحضر الجنة التي أعدت للشهيد فتصور أنها في ذلك الموضع الذي يقاتل فيه فيكون المعنى إني لأعلم أن الجنة تكتسب في هذا الموضع فأشتاق لها . وقوله ( واها ) قاله إما تعجبا وإما تشوقا إليها ، فكأنه لما ارتاح لها واشتاق إليها صارت له قوة من استنشقها حقيقة .
قوله : ( قال سعد : فما استطعت يا رسول الله ما صنع أنس ) قال ابن بطال يريد ما استطعت أن أصف ما صنع أنس من كثرة ما أغنى وأبلى في المشركين .
قلت : وقع عند nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون عن حميد " nindex.php?page=hadith&LINKID=888328فقلت أنا معك فلم أستطع أن أصنع ما صنع . وظاهره أنه نفى استطاعة إقدامه الذي صدر منه حتى وقع له ما وقع من الصبر على تلك الأهوال بحيث وجد في جسده ما يزيد على الثمانين من طعنة وضربة ورمية ، فاعترف سعد بأنه لم يستطع أن يقدم إقدامه ولا يصنع صنيعه ، وهذا أولى مما تأوله ابن بطال .
قوله : ( بضعا وثمانين ) لم أر في شيء من الروايات بيان هذا البضع وقد تقدم أنه ما بين الثلاث والتسع ، وقوله : ( ضربة بالسيف أو طعنة برمح ، أو رمية بسهم ) أو هنا للتقسيم ، ويحتمل أن تكون بمعنى الواو ، وتفصيل مقدار كل واحدة من المذكورات غير معين .
قوله : ( وقد مثل به ) بضم الميم وكسر المثلثة وتخفيفها وقد تشدد وهو من المثلة بضم الميم وسكون المثلثة وهو قطع الأعضاء من أنف وأذن ونحوها .
قوله : ( قال أنس : كنا نرى أو نظن ) شك من الراوي وهما بمعنى واحد ، وفي رواية أحمد عن يزيد [ ص: 29 ] بن هارون عن حميد " فكنا نقول " وكذا لعبد الله بن بكر ; وفي رواية أحمد بن سنان عن يزيد " وكانوا يقولون " أخرجه ابن أبي حاتم عنه ، وكأن التردد فيه من حميد ، ووقع في رواية ثابت " وأنزلت هذه الآية " بالجزم .
قوله : ( وقال إن أخته ) كذا وقع هنا عند الجميع ولم يعين القائل ، وهو أنس بن مالك راوي الحديث ، والضمير في قوله : أخته " للنضر بن أنس ، ويحتمل أن يكون فاعل " قال " واحدا من الرواة دون أنس ولم أقف على تعيينه ، ولاستخرج nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي هذا الحديث هنا ، وهي تسمى الربيع ، بالتشديد أي أخت أنس بن النضر وهي عمة أنس بن مالك ، وسيأتي شرح قصتها في كتاب القصاص . وفي قصة أنس بن النضر من الفوائد جواز بذل النفس في الجهاد ، وفضل الوفاء بالعهد ولو شق على النفس حتى يصل إلى إهلاكها ، وأن طلب الشهادة في الجهاد لا يتناوله النهي عن الإلقاء إلى التهلكة . وفيه فضيلة ظاهرة لأنس بن النضر وما كان عليه من صحة الإيمان وكثرة التوقي والتورع وقوة اليقين . قال الزين بن المنير : من أبلغ الكلام وأفصحه قول أنس بن النضر في حق المسلمين : أعتذر إليك ، وفي حق المشركين : أبرأ إليك ، فأشار إلى أنه لم يرض الأمرين جميعا مع تغايرهما >[1] في المعنى ، وسيأتي في غزوة أحد من المغازي بيان ما وقعت الإشارة إليه هنا من انهزام بعض المسلمين ورجوعهم وعفو الله عنهم ، رضي الله عنهم وقوله أجمعين .