قوله : ( باب غسل المذي والوضوء منه ) أي بسببه وفي المذي لغات أفصحها بفتح الميم وسكون الذال المعجمة وتخفيف الياء ثم بكسر الذال وتشديد الياء وهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند الملاعبة أو تذكر الجماع أو إرادته وقد لا يحس بخروجه .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11928أبو الوليد ) هو الطيالسي .
) قوله : ( عن أبي عبد الرحمن ) هو السلمي .
[ ص: 452 ] قوله : ( مذاء ) صيغة مبالغة من المذي يقال مذى يمذي مثل مضى يمضي ثلاثيا ويقال أيضا أمذى يمذي بوزن أعطى يعطي رباعيا .
قوله : ( فأمرت رجلا ) هو المقداد بن الأسود كما تقدم في باب الوضوء من المخرجين من وجه آخر وزاد فيه " فاستحييت أن أسأل " .
قوله : ( لمكان ابنته ) في رواية مسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12691ابن الحنفية عن علي " من أجل فاطمة " رضي الله عنهما .
قوله : ( توضأ ) هذا الأمر بلفظ الإفراد يشعر بأن المقداد سأل لنفسه ويحتمل أن يكون سأل لمبهم أو لعلي فوجه النبي - صلى الله عليه وسلم - الخطاب إليه .
والظاهر أن عليا كان حاضر السؤال فقد أطبق أصحاب المسانيد والأطراف على إيراد هذا الحديث في مسند علي ولو حملوه على أنه لم يحضر لأوردوه في مسند المقداد . ويؤيده ما في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر بن عياش عن أبي حصين في هذا الحديث عن علي قال " فقلت لرجل جالس إلى جنبي سله فسأله " ووقع في رواية مسلم " فقال : يغسل ذكره ويتوضأ " بلفظ الغائب فيحتمل أن يكون سؤال المقداد وقع على الإبهام وهو الأظهر ففي مسلم أيضا " فسأله عن المذي يخرج من الإنسان " وفي الموطأ نحوه ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14724لأبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وابن خزيمة ذكر سبب ذلك من طريق حصين بن قبيصة عن علي قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=883790كنت رجلا مذاء فجعلت أغتسل منه في الشتاء حتى تشقق ظهري فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا تفعل " ولأبي داود وابن خزيمة من حديث سهل بن حنيف أنه وقع له نحو ذلك وأنه سأل عن ذلك بنفسه ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397للنسائي أن عليا قال " أمرت عمارا أن يسأل " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13053لابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=13779والإسماعيلي أن عليا قال " سألت " . وجمع nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان بين هذا الاختلاف بأن عليا أمر عمارا أن يسأل ثم أمر المقداد بذلك ثم سأل بنفسه ، وهو جمع جيد إلا بالنسبة إلى آخره ; لكونه مغايرا لقوله إنه استحيى من السؤال بنفسه لأجل فاطمة فيتعين حمله على المجاز بأن بعض الرواة أطلق أنه سأل لكونه الآمر بذلك وبهذا جزم nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي ثم النووي ويؤيد أنه أمر كلا من المقداد وعمار بالسؤال عن ذلك ما رواه عبد الرزاق من طريق عائش بن أنس قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=883791تذاكر علي nindex.php?page=showalam&ids=53والمقداد وعمار المذي فقال علي : إنني رجل مذاء فاسألا عن ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله أحد الرجلين " وصحح ابن بشكوال أن الذي تولى السؤال عن ذلك هو المقداد وعلى هذا فنسبة عمار إلى أنه سأل عن ذلك محمولة على المجاز أيضا ; لكونه قصده لكن تولى المقداد الخطاب دونه والله أعلم .
واستدل بقوله - صلى الله عليه وسلم - " توضأ " على أن الغسل لا يجب بخروج المذي وصرح بذلك في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14724لأبي داود وغيره وهو إجماع وعلى أن الأمر بالوضوء منه كالأمر بالوضوء من البول كما تقدم استدلال المصنف به في باب : من لم ير الوضوء إلا من المخرجين وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي عن قوم أنهم قالوا بوجوب الوضوء بمجرد خروجه ثم رد عليهم بما رواه من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=883792سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المذي فقال فيه الوضوء وفي المني الغسل فعرف بهذا أن حكم المذي حكم البول وغيره من نواقض الوضوء لا أنه يوجب الوضوء بمجرده .
قوله : ( واغسل ذكرك ) هكذا وقع في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري تقديم الأمر بالوضوء على غسله ووقع في العمدة نسبة ذلك إلى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بالعكس لكن الواو لا ترتب فالمعنى واحد وهي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي فيجوز تقديم غسله على الوضوء وهو أولى ويجوز تقديم الوضوء على غسله لكن من يقول بنقض الوضوء بمسه يشترط [ ص: 453 ] أن يكون ذلك بحائل واستدل به ابن دقيق العيد على تعين الماء فيه دون الأحجار ونحوها ; لأن ظاهره يعين الغسل ، والمعين لا يقع الامتثال إلا به وهذا ما صححه النووي في شرح مسلم وصحح في باقي كتبه جواز الاقتصار إلحاقا بالبول >[1] وحملا للأمر بغسله على الاستحباب أو على أنه خرج مخرج الغالب ، وهذا المعروف في المذهب واستدل به بعض المالكية والحنابلة على إيجاب استيعابه بالغسل عملا بالحقيقة لكن الجمهور نظروا إلى المعنى فإن الموجب لغسله إنما هو خروج الخارج فلا تجب المجاوزة إلى غير محله ويؤيده ما عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي في رواية nindex.php?page=hadith&LINKID=883793فقال توضأ واغسله فأعاد الضمير على المذي ونظير هذا قوله nindex.php?page=hadith&LINKID=883794من مس ذكره فليتوضأ فإن النقض لا يتوقف على مس جميعه واختلف القائلون بوجوب غسل جميعه هل هو معقول المعنى أو للتعبد ؟ فعلى الثاني تجب النية فيه قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : لم يكن الأمر بغسله لوجوب غسله كله بل ليتقلص فيبطل خروجه كما في الضرع إذا غسل بالماء البارد يتفرق لبنه إلى داخل الضرع فينقطع بخروجه واستدل به أيضا على نجاسة المذي وهو ظاهر .
وخرج nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل الحنبلي من قول بعضهم : إن المذي من أجزاء المني رواية بطهارته ، وتعقب بأنه لو كان منيا لوجب الغسل منه واستدل به على وجوب الوضوء على من به سلس المذي ; للأمر بالوضوء مع الوصف بصيغة المبالغة الدالة على الكثرة وتعقبه ابن دقيق العيد بأن الكثرة هنا ناشئة عن غلبة الشهوة مع صحة الجسد بخلاف صاحب السلس فإنه ينشأ عن علة في الجسد ويمكن أن يقال : أمر الشارع بالوضوء منه ولم يستفصل فدل على عموم الحكم واستدل به على قبول خبر الواحد وعلى جواز الاعتماد على الخبر المظنون مع القدرة على المقطوع وفيهما نظر لما قدمناه من أن السؤال كان بحضرة علي ثم لو صح أن السؤال كان في غيبته لم يكن دليلا على المدعى لاحتمال وجود القرائن التي تحف الخبر فترقيه عن الظن إلى القطع قاله القاضي عياض .
وقال ابن دقيق العيد : المراد بالاستدلال به على قبول خبر الواحد مع كونه خبر واحد أنه صورة من الصور التي تدل وهي كثيرة تقوم الحجة بجملتها لا بفرد معين منها . وفيه جواز الاستنابة في الاستفتاء وقد يؤخذ منه جواز دعوى الوكيل بحضرة موكله وفيه ما كان الصحابة عليه من حرمة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتوقيره . وفيه استعمال الأدب في ترك المواجهة بما يستحى منه عرفا . وحسن المعاشرة مع الأصهار . وترك ذكر ما يتعلق بجماع المرأة ونحوه بحضرة أقاربها وقد تقدم استدلال المصنف به في العلم لمن استحيى فأمر غيره بالسؤال ; لأن فيه جمعا بين المصلحتين : استعمال الحياء وعدم التفريط في معرفة الحكم .