باب إفشاء السلام من الإسلام وقال nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان الإنصاف من نفسك وبذل السلام للعالم والإنفاق من الإقتار
قوله : ( باب ) هو منون . وقوله : ( السلام من الإسلام ) زاد في رواية كريمة " إفشاء السلام " والمراد بإفشائه نشره سرا أو جهرا ، وهو مطابق للمرفوع في قوله " على من عرفت ومن لم تعرف " . وبيان كونه من الإسلام تقدم في باب إطعام الطعام مع بقية فوائده . وغاير المصنف بين شيخيه اللذين حدثاه عن الليث مراعاة للإتيان بالفائدة الإسنادية وهي تكثير الطرق حيث يحتاج إلى إعادة المتن ، فإنه لا يعيد الحديث الواحد في موضعين على صورة واحدة . فإن قيل : كان يمكنه أن يجمع الحكمين في ترجمة واحدة ويخرج الحديث عن شيخيه معا ، أجاب الكرماني باحتمال أن يكون كل من شيخيه أورده في معرض غير المعرض الآخر ، وهذا ليس بطائل ; لأنه متوقف على ثبوت وجود تصنيف مبوب لكل من شيخيه ، والأصل عدمه ; ولأن من اعتنى بترجمة كل من قتيبة nindex.php?page=showalam&ids=16704وعمرو بن خالد لم يذكر أن لواحد منهما تصنيفا على الأبواب ; ولأنه لزم منه أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري يقلد في التراجم ، والمعروف الشائع عنه أنه هو الذي يستنبط الأحكام في الأحاديث ويترجم لها ويتفنن في ذلك بما لا يدركه فيه غيره ; ولأنه يبقى السؤال بحاله إذ لا يمتنع معه أن يجمعهما المصنف ، ولو كان سمعهما مفترقين . والظاهر من صنيع nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أنه يقصد تعديد شعب الإيمان كما قدمناه ، فخص كل شعبة بباب تنويها بذكرها ، وقصد التنويه يحتاج إلى التأكيد فلذلك غاير بين الترجمتين .
[ ص: 104 ] قوله : ( وقال nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ) هو ابن ياسر ، أحد السابقين الأولين ، وأثره هذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في كتاب الإيمان من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، ورواه يعقوب بن شيبة في مسنده من طريق شعبة nindex.php?page=showalam&ids=15932وزهير بن معاوية وغيرهما كلهم عن nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق السبيعي عن nindex.php?page=showalam&ids=16238صلة بن زفر عن عمار ، ولفظ شعبة " ثلاث من كن فيه فقد استكمل الإيمان " وهو بالمعنى ، وهكذا رويناه في جامع معمر عن أبي إسحاق . وكذا حدث به عبد الرزاق في مصنفه عن معمر ، وحدث به عبد الرزاق بآخرة فرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كذا أخرجه البزار في مسنده nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم في العلل كلاهما عن الحسن بن عبد الله الكوفي ، وكذا رواه البغوي في شرح السنة من طريق أحمد بن كعب الواسطي ، وكذا أخرجه ابن الأعرابي في معجمه عن محمد بن الصباح الصنعاني ثلاثتهم عن عبد الرزاق مرفوعا . واستغربه البزار ، وقال أبو زرعة : هو خطأ . قلت : وهو معلول من حيث صناعة الإسناد ; لأن عبد الرزاق تغير بأخرة ، وسماع هؤلاء منه في حال تغيره ، إلا أن مثله لا يقال بالرأي فهو في حكم المرفوع ، وقد رويناه مرفوعا من وجه آخر عن عمار أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير وفي إسناده ضعف ، وله شواهد أخرى بينتها في " تعليق التعليق " .
قوله ( ثلاث ) أي : ثلاث خصال ، وإعرابه نظير ما مر في قوله " ثلاث من كن فيه " والعالم بفتح اللام والمراد به هنا جميع الناس ، والإقتار القلة وقيل الافتقار ، وعلى الثاني فمن في قوله " من الإقتار " بمعنى مع ، أو بمعنى عند . قال أبو الزناد بن سراج وغيره : إنما كان من جمع الثلاث مستكملا للإيمان لأن مداره عليها ; لأن العبد إذا اتصف بالإنصاف لم يترك لمولاه حقا واجبا عليه إلا أداه ، ولم يترك شيئا مما نهاه عنه إلا اجتنبه ، وهذا يجمع أركان الإيمان . وبذل السلام يتضمن مكارم الأخلاق والتواضع وعدم الاحتقار ، ويحصل به التآلف والتحابب ، والإنفاق من الإقتار يتضمن غاية الكرم لأنه إذا أنفق من الاحتياج كان مع التوسع أكثر إنفاقا ، والنفقة أعم من أن تكون على العيال واجبة ومندوبة ، أو على الضيف والزائر ، وكونه من الإقتار يستلزم الوثوق بالله والزهد في الدنيا وقصر الأمل وغير ذلك من مهمات الآخرة . وهذا التقرير يقوي أن يكون الحديث مرفوعا ; لأنه يشبه أن يكون كلام من أوتي جوامع الكلم . والله أعلم .