[ ص: 119 ] قوله : ( باب الحرير في الحرب ) ذكر فيه حديث أنس في الرخصة للزبير nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف في قميص الحرير ، ذكره من خمسة طرق ، ففي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة عن قتادة " من حكة كانت بهما " وكذا قال شعبة في أحد الطريقين ، وفي رواية همام عن قتادة في أحد الطريقين " يعني القمل ، ورجح ابن التين الرواية التي فيها الحكة وقال : لعل أحد الرواة تأولها فأخطأ ، وجمع الداودي باحتمال أن يكون إحدى العلتين بأحد الرجلين ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : قد ورد أنه أرخص لكل منهما فالإفراد يقتضي أن لكل حكمة .
قلت : ويمكن الجمع بأن الحكة حصلت من القمل فنسبت العلة تارة إلى السبب وتارة إلى سبب السبب ، ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار عن غندر " رخص أو أرخص " كذا بالشك ، وقد أخرجه أحمد عن غندر بلفظ " رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم " وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن شعبة كما سيأتي في كتاب اللباس ، وأما تقييده بالحرب فكأنه أخذه من قوله في رواية همام " فرأيته عليهما في غزاة " ووقع في رواية أبي داود " في السفر من حكة ، وقد ترجم له في اللباس " ما يرخص للرجال من الحرير للحكة " ولم يقيده بالحرب ، فزعم بعضهم أن الحرب في الترجمة بالجيم وفتح الراء ، وليس كما زعم لأنها لا يبقى لها في أبواب الجهاد مناسبة ، ويلزم منه إعادة الترجمة في اللباس ، إذ الحكة والجرب متقاربان . وجعل الطبري جوازه في الغزو مستنبطا من جوازه للحكة فقال : دلت الرخصة في لبسه بسبب الحكة أن من قصد بلبسه ما هو أعظم من أذى الحكة كدفع سلاح العدو ونحو ذلك فإنه يجوز ، وقد تبع الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فترجم له " باب ما جاء في لبس الحرير في الحرب " ثم المشهور عن القائلين بالجواز أنه لا يختص بالسفر ، وعن بعض الشافعية يختص ، وقال القرطبي : الحديث حجة على من منع إلا أن يدعي الخصوصية بالزبير وعبد الرحمن ولا تصح تلك الدعوى .
قلت : قد جنح إلى ذلك عمر رضي الله عنه ، فروى nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر من طريق ابن عوف عن ابن سيرين " أن عمر رأى على خالد بن الوليد قميص حرير فقال : ما هذا ؟ فذكر له خالد قصة عبد الرحمن بن عوف فقال : وأنت مثل عبد الرحمن ؟ أو لك مثل ما لعبد الرحمن ؟ ثم أمر من حضره فمزقوه ، رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا . وقد اختلف السلف في لباسه فمنع مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة مطلقا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأبو يوسف بالجواز للضرورة ، وحكى ابن حبيب عن ابن الماجشون أنه يستحب في الحرب ، وقال المهلب : لباسه في الحرب لإرهاب العدو وهو مثل الرخصة في الاختيال في الحرب انتهى . ووقع في كلام النووي تبعا لغيره أن الحكمة في لبس الحرير للحكة لما فيه من البرودة ، وتعقب بأن الحرير حار فالصواب أن الحكة فيه لخاصة فيه لدفع ما تنشأ عنه الحكة كالقمل . والله أعلم .