[ ص: 183 ] قوله : ( باب الحرب خدعة ) أورد من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17257همام بن منبه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مطولا ومختصرا ومن حديث جابر مختصرا وفي أول المطول ذكر كسرى وقيصر ، وسيأتي الكلام على هذا في علامات النبوة . وقوله : خدعة " بفتح المعجمة وبضمها مع سكون المهملة فيهما وبضم أوله وفتح ثانيه . قال النووي : اتفقوا على أن الأولى الأفصح ، حتى قال ثعلب : بلغنا أنها لغة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبذلك جزم nindex.php?page=showalam&ids=12002أبو ذر الهروي والقزاز . والثانية ضبطت كذلك في رواية الأصيلي . قال أبو بكر بن طلحة : أراد ثعلب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعمل هذه البنية كثيرا لوجازة لفظها ولكونها تعطي معنى البنيتين الأخيرتين ، قال : ويعطي معناها أيضا الأمر باستعمال الحيلة مهما أمكن ولو مرة وإلا فقاتل ; قال فكانت مع اختصارها كثيرة المعنى .
ومعنى خدعة بالإسكان أنها تخدع أهلها ، من وصف الفاعل باسم المصدر ، أو أنها وصف المفعول كما يقال هذا الدرهم ضرب الأمير أي مضروبه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : معناه أنها مرة واحدة ، أي إذا خدع مرة واحدة لم تقل عثرته . وقيل الحكمة في الإتيان بالتاء للدلالة على الوحدة فإن الخداع إن كان من المسلمين فكأنه حضهم على ذلك ولو مرة واحدة ، وإن كان من الكفار فكأنه حذرهم من مكرهم ولو وقع مرة واحدة ، فلا ينبغي التهاون بهم لما ينشأ عنهم من المفسدة ولو قل ، وفي اللغة الثالثة صيغة المبالغة كهمزة ولمزة ، وحكى المنذري لغة رابعة بالفتح فيهما ، قال : وهو جمع خادع أي أن أهلها بهذه الصفة ، وكأنه قال أهل الحرب خدعة .
قلت : وحكى مكي ومحمد بن عبد الواحد لغة خامسة كسر أوله مع الإسكان ، قرأت ذلك بخط مغلطاي . وأصل الخدع إظهار أمر وإضمار خلافه .
وفيه التحريض على أخذ الحذر في الحرب ، والندب إلى خداع الكفار ، وأن من لم يتيقظ لذلك لم يأمن أن ينعكس الأمر عليه ، قال النووي : واتفقوا على جواز خداع الكفار في الحرب كيفما أمكن ، إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يجوز ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : الخداع في الحرب يقع بالتعريض وبالكمين ونحو ذلك .
وفي الحديث الإشارة إلى استعمال الرأي في الحرب : بل الاحتياج إليه آكد من الشجاعة ، وكذا وقع الاقتصار على ما يشير إليه بهذا الحديث ، وهو كقوله " الحج عرفة " ، قال ابن المنير : معنى الحرب خدعة أي الحرب الجيدة لصاحبها الكاملة في مقصودها إنما هي المخادعة لا المواجهة ، وذلك لخطر المواجهة وحصول الظفر مع المخادعة بغير خطر .
( تكميل ) :
ذكر الواقدي أن أول ما قال النبي صلى الله عليه وسلم " الحرب خدعة " في غزوة الخندق .