قوله : ( أن عمر انطلق إلخ ) هذا الحديث فيه ثلاث قصص أوردها المصنف تامة : في الجنائز من طريق يونس ، وهنا من طريق معمر ، وفي الأدب من طريق شعيب ، واقتصر في الشهادات على الثانية ، وذكرها أيضا فيما مضى من الجهاد من وجه آخر ، واقتصر في الفتن على الثالثة ، وقد مضى شرح أكثر مفرداته في الجنائز . وقوله " قبل ابن صياد " بكسر القاف وفتح الموحدة أي إلى جهته ، وقوله ( وقد قارب ابن صياد يومئذ يحتلم ) في رواية يونس ، وشعيب " وقد قارب ابن صياد الحلم " ولم يقع ذلك في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي فاعترض به فقال : لا يلزم من كونه غلاما أن يكون لم يحتلم .
[ ص: 200 ] قوله : ( أشهد أنك رسول الأميين ) فيه إشعار بأن اليهود الذين كان ابن صياد منهم كانوا معترفين ببعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن يدعون أنها مخصوصة بالعرب ، وفساد حجتهم واضح جدا ، لأنهم إذا أقروا بأنه رسول الله استحال أن يكذب على الله ، فإذا ادعى أنه رسوله إلى العرب وإلى غيرها تعين صدقه ، فوجب تصديقه .
قوله : ( فقال ابن صياد أتشهد أني رسول الله ) في حديث أبي سعيد عند الترمذي " فقال أتشهد أنت أني رسول الله " .
قوله : ( ماذا ترى ؟ قال ابن صياد : يأتيني صادق وكاذب ) في حديث جابر عند الترمذي ونحوه لمسلم " فقال أرى حقا وباطلا ، وأرى عرشا على الماء " وفي حديث أبي سعيد عنده " أرى صادقين وكاذبا " nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد " أرى عرشا على البحر حوله الحيتان " .
قوله : ( قال لبس ) بضم اللام وتخفيف الموحدة المكسورة بعدها مهملة أي خلط ، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل عند أحمد فقال " تعوذوا بالله من شر هذا " .
قوله : ( إني قد خبأت لك خبئا ) بكسر المعجمة وبفتحها وسكون الموحدة بعدها همز ، وبفتح المعجمة وكسر الموحدة بعدها تحتانية ساكنة ثم همز أي أخفيت لك شيئا .
قوله : ( هو الدخ ) بضم المهملة بعدها معجمة ، وحكى صاحب المحكم الفتح ، ووقع عند nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم [ ص: 201 ] " الزخ " بفتح الزاي بدل الدال وفسره بالجماع ، واتفق الأئمة على تغليظه في ذلك ، ويرده ما وقع في حديث أبي ذر المذكور " فأراد أن يقول الدخان فلم يستطع فقال الدخ " ، nindex.php?page=showalam&ids=13863وللبزار nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في " الأوسط " من حديث nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة قال " كان النبي صلى الله عليه وسلم خبأ له سورة الدخان " وكأنه أطلق السورة وأراد بعضها ، فإن عندأحمد عن عبد الرزاق في حديث الباب nindex.php?page=hadith&LINKID=888600وخبأت له : يوم تأتي السماء بدخان مبين وأما جواب ابن صياد بالدخ فقيل إنه اندهش فلم يقع من لفظ الدخان إلا على بعضه ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي أن الآية حينئذ كانت مكتوبة في يد النبي صلى الله عليه وسلم فلم يهتد ابن صياد منها إلا لهذا القدر الناقص على طريقة الكهنة ، ولهذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم " لن تعدو قدرك " أي قدر مثلك من الكهان الذين يحفظون من إلقاء شياطينهم ما يحفظونه مختلطا صدقه بكذبه . وحكى أبو موسى المديني أن السر في امتحان النبي صلى الله عليه وسلم له بهذه الآية الإشارة إلى أن عيسى ابن مريم يقتل الدجال بجبل الدخان ، فأراد التعريض ، لابن الصياد بذلك واستبعد nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ما تقدم وصوب أنه أخبأ له الدخ وهو نبت يكون بين البساتين ، وسبب استبعاده له أن الدخان لا يخبأ في اليد ولا الكم . ثم قال : إلا أن يكون خبأ له اسم الدخان في ضميره ، وعلى هذا فيقال : كيف اطلع ابن صياد أو شيطانه على ما في الضمير ؟ ويمكن أن يجاب باحتمال أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم تحدث مع نفسه أو أصحابه بذلك قبل أن يختبره فاسترق الشيطان ذلك أو بعضه .
قوله : ( اخسأ ) سيأتي الكلام عليها في كتاب الأدب في باب مفرد .
قوله : ( فلن تعدو قدرك ) أي لن تجاوز ما قدر الله فيك أو مقدار أمثالك من الكهان . قال العلماء : استكشف النبي صلى الله عليه وسلم أمره ليبين لأصحابه تمويهه لئلا يلتبس حاله على ضعيف لم يتمكن في الإسلام ومحصل ما أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له على طريق الفرض والتنزل : إن كنت صادقا في دعواك الرسالة ولم يختلط عليك الأمر آمنت بك . وإن كنت كاذبا وخلط عليك الأمر فلا . وقد ظهر كذبك والتباس الأمر عليك فلا تعدو قدرك .
قوله : ( إن يكن هو ) كذا للأكثر ، nindex.php?page=showalam&ids=15086وللكشميهني " إن يكنه " على وصل الضمير ، واختار ابن مالك جوازه ، ثم الضمير لغير مذكور لفظا ، وقد وقع في حديث ابن مسعود عند أحمد " أن يكون هو الذي تخاف فلن تستطيعه " وفي مرسل عروة عند الحارث بن أبي أسامة " إن يكن هو الدجال " .
قوله : ( فلن تسلط عليه ) في حديث جابر " فلست بصاحبه ، إنما صاحبه عيسى ابن مريم " . قوله : ( وإن لم يكن هو فلا خير لك في قتله ) قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : وإنما لم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم في قتله مع ادعائه النبوة بحضرته لأنه كان غير بالغ ، ولأنه كان من جملة أهل العهد ، قلت : الثاني هو المتعين ، وقد جاء مصرحا به في حديث جابر عند أحمد ، وفي مرسل عروة " فلا يحل لك قتله " ثم إن في السؤال عندي نظرا ، لأنه لم يصرح بدعوى النبوة ، وإنما أوهم أنه يدعي الرسالة ، ولا يلزم من دعوى الرسالة دعوى النبوة ، قال الله تعالى إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين الآية .