[ ص: 218 ] قوله : ( باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم ) ذكر فيه حديث رافع بن خديج في ذبحهم الإبل التي أصابوها لأجل الجوع ونصبهم ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإكفاء القدور .
وفيه قصة البعير الذي ند ، وفيه السؤال عن الذبح بالقصب ، وسيأتي الكلام على شرحه مستوفى في كتاب الذبائح ، وقد مضى في الشركة وغيرها ، وموضع الترجمة منه أمره صلى الله عليه وسلم بإكفاء القدور فإنه مشعر بكراهة ما صنعوا من الذبح بغير إذن . وقال المهلب : إنما أكفأ القدور ليعلم أن الغنيمة إنما يستحقونها بعد قسمته لها ، وذلك أن القصة وقعت في دار الإسلام لقوله فيها ( بذي الحليفة ) وأجاب ابن المنير بأنه قد قيل إن الذبح إذا كان على طريق التعدي كان المذبوح ميتة ، وكأن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري انتصر لهذا المذهب ، أو حمل الإكفاء على العقوبة بالمال وإن كان ذلك المال لا يختص بأولئك الذين ذبحوا ، لكن لما تعلق به طمعهم كانت النكاية حاصلة لهم . قال : وإذا جوزنا هذا النوع من العقوبة فعقوبة صاحب المال في ماله أولى ، ومن ثم قال مالك : يراق اللبن المغشوش ولا يترك لصاحبه وإن زعم أنه ينتفع به بغير البيع أدبا له ، انتهى .
وقال القرطبي : المأمور بإكفائه إنما هو المرق عقوبة للذين تعجلوا ، وأما نفس اللحم فلم يتلف بل يحمل على أنه جمع ورد إلى المغانم لأن النهي عن إضاعة المال تقدم ، والجناية بطبخه لم تقع من الجميع إذ من جملتهم أصحاب الخمس ، ومن الغانمين من لم يباشر ذلك ، وإذا لم ينقل أنهم أحرقوه وأتلفوه تعين تأويله على وفق القواعد الشرعية ، ولهذا قال في الحمر الأهلية لما أمر بإراقتها " أنها رجس " ولم يقل ذلك في هذه القصة ، فدل على أن لحومها لم تترك بخلاف تلك والله أعلم . وسيأتي بيان ما أبيح للغازي من الأكل من المغانم ما داموا في بلاد العدو في ( باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب ) في أواخر فرض الخمس .