[ ص: 280 ] قوله : ( باب ما من النبي صلى الله عليه وسلم على الأسارى من غير أن يخمس ) أراد بهذه الترجمة أنه كان له صلى الله عليه وسلم أن يتصرف في الغنيمة بما يراه مصلحة فينفل من رأس الغنيمة وتارة من الخمس ، واستدل على الأول بأنه كان يمن على الأسارى من رأس الغنيمة وتارة من الخمس ، فدل على أنه كان له أن ينفل من رأس الغنيمة ، وقد تقدم بيان الاختلاف في ذلك .
وذكر فيه حديث جبير بن مطعم " لو كان المطعم حيا وكلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له " قال ابن بطال : وجه الاحتجاج به أنه صلى الله عليه وسلم لا يجوز في حقه أن يخبر عن شيء لو وقع لفعله وهو غير جائز ، فدل على أن للإمام أن يمن على الأسارى بغير فداء خلافا لمن منع ذلك كما تقدم ، واستدل به على أن الغنائم لا يستقر ملك الغانمين عليها إلا بعد القسمة وبه قال المالكية والحنفية . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يملكون بنفس الغنيمة ، والجواب عن حديث الباب أنه محمول على أنه كان يستطيب أنفس الغانمين ، وليس في الحديث ما يمنع ذلك فلا يصلح للاحتجاج به .
وللفريقين احتجاجات أخرى وأجوبة تتعلق بهذه المسألة لم أطل بها هنا لأنها لا تؤخذ من حديث الباب لا نفيا ولا إثباتا ، واستبعد ابن المنير الحمل المذكور فقال : إن طيب قلوب الغانمين بذلك من العقود الاختيارية فيحتمل أن لا يذعن بعضهم ، فكيف بت القول بأنه يعطيه إياهم مع أن الأمر موقوف على اختيار من يحتمل أن لا يسمح قلت : والذي يظهر أن هذا كان باعتبار ما تقدم في أول الأمر أن الغنيمة كانت للنبي صلى الله عليه وسلم يتصرف فيها حيث شاء ، وفرض الخمس إنما نزل بعد قسمة غنائم بدر كما تقرر فلا حجة إذا في هذا الحديث لما ذكرنا . وقد أنكر الداودي دخول التخميس في أسارى بدر فقال : لم يقع فيهم غير أمرين إما المن بغير فداء وإما الفداء بمال ، ومن لم يكن له مال علم أولاد الأنصار الكتابة ، وأطال في ذلك ، ولم يأت بطائل . ولا يلزم من وقوع شيء أو شيئين مما خير فيه منع التخيير ، وقد قتل النبي صلى الله عليه وسلم منهم عقبة بن أبي معيط وغيره ، وادعاؤه أن قريشا لا يدخلون تحت الرق يحتاج إلى دليل خاص ، وإلا فأصل الخلاف هل يسترق العربي أو لا ثابت مشهور والله أعلم ، وسيأتي بقية شرحه في غزوة بدر إن شاء الله تعالى . وقوله " النتنى " بنونين مفتوحتين بينهما ساكنة مقصور جمع نتن أو نتين كزمن وزمنى أو جريح وجرحى ، وروي بمهملة فموحدة ساكنة وهو تصحيف ، وأبعد من جعله هو الصواب .