قوله : ( باب الاستحاضة ) قدم أنها جريان الدم من فرج المرأة في غير أوانه ، وأنه يخرج من عرق يقال له العاذل بعين مهملة وذال معجمة .
قوله : ( إني لا أطهر ) تقدم في باب غسل الدم من رواية أبي معاوية عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام وهو ابن عروة . في هذا الحديث التصريح ببيان السبب وهو قولها " إني أستحاض " وكان عندها أن طهارة الحائض لا تعرف إلا بانقطاع الدم فكنت بعدم الطهر عن اتصاله ، وكانت علمت أن الحائض لا تصلي فظنت أن ذلك [ ص: 488 ] الحكم مقترن بجريان الدم من الفرج فأرادت تحقق ذلك فقالت " أفأدع الصلاة " .
قوله : ( إنما ذلك ) بكسر الكاف وزاد في الرواية الماضية " فقال لا " .
قوله : ( وليس بالحيضة ) بفتح الحاء كما نقله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي عن أكثر المحدثين أو كلهم ، وإن كان قد اختار الكسر على إرادة الحالة لكن الفتح هنا أظهر ، وقال النووي : وهو متعين أو قريب من المتعين ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - أراد إثبات الاستحاضة ونفي الحيض . وأما قوله فإذا أقبلت الحيضة فيجوز فيه الوجهان معا جوازا حسنا . انتهى كلامه . والذي في روايتنا بفتح الحاء في الموضعين . والله أعلم .
قوله : ( فاغسلي عنك الدم وصلي ) أي بعد الاغتسال كما سيأتي التصريح به في باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض من طريق أبي أسامة عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة في هذا الحديث قال في آخره ثم اغتسلي وصلي ولم يذكر غسل الدم . وهذا الاختلاف واقع بين أصحاب هشام ، منهم من ذكر غسل الدم ولم يذكر الاغتسال ومنهم من ذكر الاغتسال ولم يذكر غسل الدم ، كلهم ثقات وأحاديثهم في الصحيحين ، فيحمل على أن كل فريق اختصر أحد الأمرين لوضوحه عنده . وفيه اختلاف ثالث أشرنا إليه في باب غسل الدم من رواية أبي معاوية فذكر مثل حديث الباب وزاد ثم توضئي لكل صلاة ورددنا هناك قول من قال إنه مدرج ، وقول من جزم بأنه موقوف على عروة ، ولم ينفرد أبو معاوية بذلك فقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق حماد بن زيد عن هشام وادعى أن حمادا تفرد بهذه الزيادة ، وأومأ مسلم أيضا إلى ذلك ، وليس كذلك ، فقد رواه الدارمي من طريق حماد بن سلمة والسراج من طريق يحيى بن سليم كلاهما عن هشام .
وفي الحديث دليل على أن المرأة إذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضة تعتبر دم الحيض وتعمل على إقباله وإدباره ، فإذا انقضى قدره اغتسلت عنه ثم صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث فتتوضأ لكل صلاة ، لكنها لا تصلي بذلك الوضوء أكثر من فريضة واحدة مؤداة أو مقضية لظاهر قوله ثم توضئي لكل صلاة ، وبهذا قال الجمهور ، وعند الحنفية أن الوضوء متعلق بوقت الصلاة فلها أن تصلي به الفريضة الحاضرة وما شاءت من الفوائت ما لم يخرج وقت الحاضرة ، وعلى قولهم المراد بقوله وتوضئي لكل صلاة أي لوقت كل صلاة ، ففيه مجاز الحذف ويحتاج إلى دليل .
وعند المالكية يستحب لها الوضوء لكل صلاة ولا يجب إلا بحديث آخر ، وقال أحمد وإسحاق : إن اغتسلت لكل فرض فهو أحوط .
وفيه جوازا استفتاء المرأة بنفسها ومشافهتها للرجل فيما يتعلق بأحوال النساء ، وجواز سماع صوتها للحاجة . وفيه غير ذلك . وقد استنبط منه الرازي الحنفي أن مدة أقل الحيض ، ثلاثة أيام وأكثره عشرة لقوله : قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ; لأن أقل ما يطلق عليه لفظ " أيام ثلاثة وأكثره عشرة فأما دون الثلاثة فإنما يقال يومان ويوم وأما فوق عشرة فإنما يقال أحد عشر يوما وهكذا إلى عشرين ، وفي الاستدلال بذلك نظر