الحديث الثاني حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أيضا .
قوله : ( أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ) كذا قال شعيب عن الزهري . وتابعه محمد بن أبي عتيق عن ابن شهاب كما سيأتي في التوحيد . وقال إبراهيم بن سعد " عن الزهري عن أبي سلمة ، nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج " كما سيأتي في الرقاق والحديث محفوظ للزهري على الوجهين . وقد جمع المصنف بين الروايتين في التوحيد إشارة إلى ثبوت ذلك عنه على الوجهين ، وله أصل من حديث nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج من رواية عبد الله بن الفضل عنه وسيأتي بعد ثلاثة أبواب ، ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عنه كما سيأتي في الرقاق ، ومن طريق أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أخرجه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من طريق محمد بن عمرو عنه ، ورواه - مع nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - أبو سعيد وقد تقدم في الإشخاص بتمامه .
قوله : ( استب رجل من المسلمين ورجل من اليهود ) وقع في رواية عبد الله بن الفضل سبب ذلك ، وأول حديثه " nindex.php?page=hadith&LINKID=888938بينما يهودي يعرض سلعة أعطي بها شيئا كرهه فقال : لا والذي اصطفى موسى على البشر " ولم أقف على اسم هذا اليهودي في هذه القصة ، وزعم ابن بشكوال أنه فنحاص بكسر الفاء وسكون النون ومهملتين وعزاه nindex.php?page=showalam&ids=12563لابن إسحاق ، والذي ذكره ابن إسحاق لفنحاص مع nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق في لطمه إياه قصة أخرى في نزول قوله تعالى : لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء الآية . وأما كون اللاطم في هذه القصة هو الصديق فهو مصرح به فيما أخرجه سفيان بن عيينة في جامعه nindex.php?page=showalam&ids=12455وابن أبي الدنيا في " كتاب البعث " من طريقه عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن عطاء ، وابن جدعان عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال : " كان بين رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وبين رجل من اليهود كلام في شيء " فقال nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار : هو أبو بكر الصديق " فقال اليهودي والذي اصطفى موسى على البشر فلطمه المسلم " الحديث .
قوله : ( فرفع المسلم يده عند ذلك فلطم اليهودي ) أي عند سماعه قول اليهودي : " والذي اصطفى موسى على العالمين " وإنما صنع ذلك لما فهمه من عموم لفظ العالمين فدخل فيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد تقرر عند المسلم أن محمدا أفضل ، وقد جاء ذلك مبينا في حديث أبي سعيد أن الضارب قال لليهودي حين قال ذلك : أي خبيث على محمد " فدل على أنه لطم اليهودي عقوبة له على كذبه عنده . ووقع في رواية إبراهيم بن سعد " فلطم وجه اليهودي " ووقع عند أحمد من هذا الوجه " فلطم على اليهودي ، وفي رواية عبد الله بن الفضل " فسمعه رجل من الأنصار فلطم وجهه وقال : أتقول هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ؟! وكذا وقع في حديث أبي سعيد أن الذي ضربه رجل من الأنصار ، وهذا يعكر على قول nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار أنه أبو بكر الصديق ، إلا إن كان المراد بالأنصار المعنى الأعم فإن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق رضي الله عنه من أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعا ، بل هو رأس من نصره ومقدمهم وسابقهم .
قوله : ( لا تخيروني على موسى ) في رواية ابن الفضل فقال لا تفضلوا بين أنبياء الله وفي حديث أبي سعيد لا تخيروا بين الأنبياء .
قوله : ( فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق ) في رواية إبراهيم بن سعد فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأصعق معهم ، فأكون أول من يفيق لم يبين في رواية الزهري من الطريقين محل الإفاقة من أي الصعقتين ووقع في رواية عبد الله بن الفضل فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ، ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث وفي رواية الكشميهني أول من يبعث " والمراد بالصعق غشي يلحق من سمع صوتا أو رأى شيئا يفزع منه . وهذه الرواية ظاهرة في أن الإفاقة بعد النفخة الثانية ، وأصرح من ذلك رواية الشعبي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في تفسير الزمر بلفظ إني أول من يرفع رأسه بعد النفخة الأخيرة وأما ما وقع في حديث أبي سعيد فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من تنشق عنه الأرض كذا وقع بهذا اللفظ في كتاب الإشخاص ، ووقع في غيرها فأكون أول من يفيق وقد استشكل ، وجزم المزي فيما نقله عنه ابن القيم في " كتاب الروح " أن هذا اللفظ وهم من راويه وأن الصواب ما وقع في رواية غيره فأكون أول من يفيق ، وأن كونه صلى الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض صحيح ، لكنه في حديث آخر ليس فيه قصة موسى انتهى . ويمكن الجمع بأن النفخة الأولى يعقبها الصعق من جميع الخلق أحيائهم وأمواتهم ، وهو الفزع كما وقع في سورة النمل ففزع من في السماوات ومن في الأرض ثم يعقب ذلك الفزع للموتى زيادة فيما هم فيه وللأحياء موتا ، ثم ينفخ الثانية للبعث فيفيقون أجمعين ، فمن كان مقبورا انشقت عنه الأرض فخرج من قبره ، ومن ليس بمقبور لا يحتاج إلى ذلك . وقد ثبت أن موسى ممن قبر في الحياة الدنيا ، ففي صحيح مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=888942مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره أخرجه عقب حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وأبي سعيد المذكورين ولعله أشار بذلك إلى ما قررته . وقد استشكل كون جميع الخلق يصعقون مع أن الموتى لا إحساس لهم ، فقيل المراد أن الذين يصعقون هم الأحياء ، وأما الموتى فهم في الاستثناء في قوله تعالى : إلا من شاء الله أي إلا من سبق له الموت قبل ذلك فإنه لا يصعق ، وإلى هذا جنح القرطبي . ولا يعارضه ما ورد في هذا الحديث أن موسى ممن استثنى الله لأن الأنبياء أحياء عند الله وإن كانوا في صورة الأموات بالنسبة إلى أهل الدنيا ، وقد ثبت ذلك للشهداء . ولا شك أن الأنبياء أرفع رتبة من الشهداء وورد التصريح بأن الشهداء ممن استثنى الله أخرجه إسحاق بن راهويه وأبو يعلى من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . وقال عياض : يحتمل أن يكون المراد صعقة فزع بعد البعث حين تنشق السماء والأرض ، وتعقبه القرطبي بأنه صرح صلى الله عليه وسلم بأنه حين يخرج من قبره يلقى موسى وهو متعلق بالعرش ، وهذا إنما هو عند نفخة البعث انتهى . ويرده قوله صريحا كما تقدم : إن الناس يصعقون فأصعق معهم إلى آخر ما تقدم ، قال : ويؤيده أنه عبر بقوله : " أفاق " لأنه إنما يقال أفاق من الغشي وبعث من الموت ، وكذا عبر عن صعقة الطور بالإفاقة لأنها لم [ ص: 513 ] تكن موتا بلا شك ، وإذا تقرر ذلك كله ظهر صحة الحمل على أنها غشية تحصل للناس في الموقف . هذا حاصل كلامه وتعقبه .
قوله : ( فأكون أول من يفيق ) لم تختلف الروايات في الصحيحين في إطلاق الأولية ، ووقع في رواية إبراهيم بن سعد عند أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي فأكون في أول من يفيق أخرجه أحمد عن أبي كامل ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من طريق يونس بن محمد كلاهما عن إبراهيم ، فعرف أن إطلاق الأولية في غيرها محمول عليها ، وسببه التردد في موسى عليه السلام كما سيأتي ، وعلى هذا يحمل سائر ما ورد في هذا الباب ، كحديث أنس عند مسلم رفعه " nindex.php?page=hadith&LINKID=888943أنا أول من تنشق عنه الأرض " وحديث nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني .
قوله : ( فإذا موسى باطش بجانب العرش ) أي آخذ بشيء من العرش بقوة ، والبطش الأخذ بقوة ، وفي رواية ابن الفضل فإذا موسى آخذ بالعرش وفي حديث أبي سعيد آخذ بقائمة من قوائم العرش وكذا في رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
قوله : ( فلا أدري أكان ممن صعق فأفاق قبلي أو كان ممن استثنى الله ) أي فلم يكن ممن صعق ، أي فإن كان أفاق قبلي فهي فضيلة ظاهرة وإن كان ممن استثنى الله فلم يصعق فهي فضيلة أيضا . ووقع في حديث أبي سعيد فلا أدري كان فيمن صعق - أي فأفاق قبلي - أم حوسب بصعقته الأولى أي التي صعقها لما سأل الرؤية ، وبين ذلك ابن الفضل في روايته بلفظ أحوسب بصعقته يوم الطور والجمع بينه وبين قوله : أو كان ممن استثنى الله أن في رواية ابن الفضل وحديث أبي سعيد بيان السبب في استثنائه ، وهو أنه حوسب بصعقته يوم الطور فلم يكلف بصعقة أخرى . والمراد بقوله : ممن استثنى الله قوله : إلا من شاء الله وأغرب الداودي الشارح فقال : معنى قوله : استثنى الله أي جعله ثانيا ، كذا قال ، وهو غلط شنيع . وقد وقع في مرسل الحسن في " كتاب البعث nindex.php?page=showalam&ids=12455لابن أبي الدنيا " في هذا الحديث فلا أدري أكان ممن استثنى الله أن لا تصيبه النفخة أو بعث قبلي وزعم ابن القيم في " كتاب الروح " أن هذه الرواية وهو قوله : أكان ممن استثنى الله وهم من بعض الرواة ، والمحفوظ أو جوزي بصعقة الطور قال : لأن الذين استثنى الله قد ماتوا من صعقة النفخة لا من الصعقة الأخرى ، فظن بعض الرواة أن هذه صعقة النفخة وأن موسى داخل فيمن استثنى الله ، قال : وهذا لا يلتئم على سياق الحديث ، فإن الإفاقة حينئذ هي إفاقة البعث فلا يحسن التردد فيها ، وأما الصعقة العامة فإنها تقع إذا جمعهم الله تعالى لفصل القضاء فيصعق الخلق حينئذ جميعا إلا من شاء الله ، ووقع التردد في موسى عليه السلام . قال : ويدل على ذلك قوله : وأكون أول من يفيق وهذا دال على أنه ممن صعق ، وتردد في موسى هل صعق فأفاق قبله أم لم يصعق ؟ قال : ولو كان المراد الصعقة الأولى للزم أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم جزم بأنه مات ، وتردد في موسى هل مات أم لا ؟ والواقع أن موسى قد كان مات لما تقدم من الأدلة ، فدل على أنها صعقة فزع لا صعقة موت ، والله أعلم . ووقع في رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عند ابن مردويه nindex.php?page=hadith&LINKID=888943أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ، فأنفض التراب عن رأسي ، فآتي قائمة العرش فأجد موسى قائما عندها فلا أدري ، أنفض التراب عن رأسه قبلي أو كان ممن استثنى [ ص: 514 ] الله ويحتمل قوله في هذه الرواية أنفض التراب قبلي تجويز المعية في الخروج من القبر أو هي كناية عن الخروج من القبر ، وعلى كل تقدير ففيه فضيلة لموسى كما تقدم .
الأولى : نفخة إماتة يموت فيها من بقي حيا في الأرض ،
والثانية نفخة إحياء يقوم بها كل ميت وينشرون من القبور ويجمعون للحساب ،
والثالثة نفخة فزع وصعق يفيقون منها كالمغشي عليه لا يموت منها أحد ،
والرابعة : نفخة إفاقة من ذلك الغشي . وهذا الذي ذكره من كون الثنتين أربعا ليس بواضح بل هما نفختان فقط ، ووقع التغاير في كل واحدة منهما باعتبار من يستمعهما ،
فالأولى : يموت بها كل من كان حيا ويغشى على من لم يمت ممن استثنى الله ،
والثانية : يعيش بها من مات ويفيق بها من غشي عليه والله أعلم .
قال العلماء في نهيه صلى الله عليه وسلم عن التفضيل بين الأنبياء : إنما نهى عن ذلك من يقوله برأيه لا من يقوله بدليل أو من يقوله بحيث يؤدي إلى تنقيص المفضول أو يؤدي إلى الخصومة والتنازع ، أو المراد لا تفضلوا بجميع أنواع الفضائل بحيث لا يترك للمفضول فضيلة ، فالإمام مثلا إذا قلنا إنه أفضل من المؤذن لا يستلزم نقص فضيلة المؤذن بالنسبة إلى الأذان ، وقيل : النهي عن التفضيل إنما هو في حق النبوة نفسها كقوله تعالى : لا نفرق بين أحد من رسله ولم ينه عن تفضيل بعض الذوات على بعض لقوله : تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14164الحليمي الأخبار الواردة في النهي عن التخيير إنما هي في مجادلة أهل الكتاب وتفضيل بعض الأنبياء على بعض بالمخايرة ، لأن المخايرة إذا وقعت بين أهل دينين لا يؤمن أن يخرج أحدهما إلى ازدراء بالآخر فيفضي إلى الكفر ، فأما إذا كان التخيير مستندا إلى مقابلة الفضائل لتحصيل الرجحان فلا يدخل في النهي ، وسيأتي مزيد لذلك في قصة يونس إن شاء الله تعالى .