قوله : ( باب وإذ قالت الملائكة يامريم إن الله اصطفاك - الآية إلى قوله - أيهم يكفل مريم ، يقال يكفل يضم كفلها ضمها مخففة ، ليس من كفالة الديون وشبهها ) أشار بقوله : " مخففة " إلى قراءة الجمهور ، وقرأها الكوفيون " كفلها " بالتشديد أي كفلها الله زكريا ، وفي قراءتهم زكريا بالقصر إلا أن أبا بكر بن عياش قرأه بالمد فاحتاج إلى أن يقرأ زكرياء بفتح الهمزة ، وقال أبو عبيدة في قوله تعالى : وكفلها زكريا يقال كفلها بفتح الفاء وكسرها أي ضمها ، وفي قوله : أيهم يكفل مريم أي يضم انتهى . وكسر الفاء هو في قراءة بعض التابعين . واستدل بقوله تعالى : إن الله اصطفاك على أنها كانت نبية وليس بصريح في ذلك ، وأيد بذكرها مع الأنبياء في سورة مريم ، ولا يمنع وصفها بأنها صديقة فقد وصف يوسف بذلك . وقد نقل عن الأشعري أن في النساء عدة نبيات ، وحصرهن nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم في ست ، حواء وسارة وهاجر وأم موسى وآسية ومريم . وأسقط القرطبي سارة وهاجر ، ونقله في " التمهيد " عن أكثر الفقهاء . وقال القرطبي : الصحيح أن مريم نبية . وقال عياض : الجمهور على خلافه . ونقل النووي في " الأذكار " أن الإمام >[1] نقل الإجماع على أن مريم ليست نبية . وعن الحسن : ليس في [ ص: 543 ] النساء نبية ولا في الجن . وقال السبكي الكبير : لم يصح عندي في هذه المسألة شيء ، ونقله السهيلي في آخر " الروض " عن أكثر الفقهاء .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15409النضر ) هو ابن شميل ، nindex.php?page=showalam&ids=17245وهشام هو ابن عروة بن الزبير ، nindex.php?page=showalam&ids=166وعبد الله بن جعفر أي ابن أبي طالب . قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : رواه أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عنه هكذا ; وخالفهم nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق فروياه عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن عبد الله بن جعفر زاد في الإسناد عبد الله بن الزبير ، والصواب إسقاطه ، والله أعلم .
قوله : ( خير نسائها مريم ) أي نساء أهل الدنيا في زمانها ، وليس المراد أن مريم خير نسائها لأنه يصير كقولهم زيد أفضل إخوانه ، وقد صرحوا بمنعه ، فهو كما لو قيل فلان أفضل الدنيا . وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث ابن عباس بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=888976أفضل نساء أهل الجنة فعلى هذا فالمعنى خير نساء أهل الجنة مريم ، وفي رواية nindex.php?page=hadith&LINKID=888977خير نساء العالمين وهو كقوله تعالى : واصطفاك على نساء العالمين وظاهره أن مريم أفضل من جميع النساء وهذا لا يمتنع عند من يقول إنها نبية . وأما من قال ليست بنبية فيحمله على عالمي زمانها ، وبالأول جزم الزجاج وجماعة واختاره القرطبي ; ويحتمل أيضا أن يراد نساء بني إسرائيل أو نساء تلك الأمة أو " من " فيه مضمرة والمعنى أنها من جملة النساء الفاضلات ، ويدفع ذلك حديث أبي موسى المتقدم بصيغة الحصر أنه لم يكمل من النساء غيرها وغير آسية .