[ ص: 699 ] الحديث الثالث عشر حديث حذيفة في ذكر الفتنة :
قوله : ( حدثنا محمد ) هو ابن جعفر الذي يقال له غندر .
[ ص: 700 ] قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=13726سليمان ) هو الأعمش ، وقد وافقه على رواية أصل الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=16115أبي وائل - وهو شقيق ابن سلمة - جامع بن شداد أخرجه المصنف ، في الصوم ، ووافق شقيقا على روايته عن حذيفة ربعي بن حراش أخرجه أحمد ومسلم .
قوله : ( إن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : أيكم يحفظ ؟ ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان عن الأعمش في الصلاة " كنا جلوسا عند عمر فقال : أيكم " والمخاطب بذلك الصحابة ، ففي رواية ربعي عن حذيفة " أنه قدم من عند عمر فقال سأل عمر أمس أصحاب محمد أيكم سمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة ؟ قال أنا أحفظ كما قال " في رواية المصنف في الزكاة " أنا أحفظه كما قاله " .
قوله : ( قال هات إنك لجريء ) في الزكاة " إنك عليه لجريء ، فكيف >[1] " .
قوله : ( فتنة الرجل في أهله وماله وجاره ) زاد في الصلاة " وولده " .
قوله : ( تكفرها الصلاة والصدقة ) زاد في الصلاة " والصوم " قال بعض الشراح : يحتمل أن يكون كل واحدة من الصلاة وما معها مكفرة للمذكورات كلها لا لكل واحدة منها ، وأن يكون من باب اللف والنشر بأن الصلاة مثلا مكفرة للفتنة في الأهل والصوم في الولد إلخ ، والمراد بالفتنة ما يعرض للإنسان مع من ذكر من البشر ; أو الالتهاء بهم أو أن يأتي لأجلهم بما لا يحل له أو يخل بما يجب عليه . واستشكل ابن أبي جمرة وقوع التفكير بالمذكورات للوقوع في المحرمات والإخلال بالواجب ; لأن الطاعات لا تسقط ذلك ، فإن حمل على الوقوع في المكروه والإخلال بالمستحب لم يناسب إطلاق التكفير ، والجواب التزام الأول وأن الممتنع من تكفير الحرام والواجب ما كان كبيرة فهي التي فيها النزاع ، وأما الصغائر فلا نزاع أنها تكفر لقوله تعالى إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم الآية ، وقد مضى شيء من البحث في هذا في كتاب الصلاة . وقال الزين بن المنير : الفتنة بالأهل تقع بالميل إليهن أو عليهن في القسمة والإيثار حتى في أولادهن ، ومن جهة التفريط في الحقوق الواجبة لهن ، وبالمال يقع الاشتغال به عن العبادة أو بحبسه عن إخراج حق الله ، والفتنة بالأولاد تقع بالميل الطبيعي إلى الولد وإيثاره على كل أحد ، والفتنة بالجار تقع بالحسد والمفاخرة والمزاحمة في الحقوق وإهمال التعاقد ، ثم قال : وأسباب الفتنة بمن ذكر غير منحصرة فيما ذكرت من الأمثلة ، وأما تخصيص الصلاة وما ذكر معها بالتكفير دون سائر العبادات ففيه إشارة إلى تعظيم قدرها لا نفي أن غيرها من الحسنات ليس فيها صلاحية التكفير ، ثم إن التكفير المذكور يحتمل أن يقع بنفس فعل الحسنات المذكورة ، ويحتمل أن يقع بالموازنة ، والأول أظهر ، والله أعلم . وقال ابن أبي جمرة : خص الرجل بالذكر لأنه في الغالب صاحب الحكم في داره وأهله ، وإلا فالنساء شقائق الرجال في الحكم . ثم أشار إلى أن التكفير لا يختص بالأربع المذكورات ، بل نبه بها على ما عداها ، والضابط أن كل ما يشغل صاحبه عن الله فهو فتنة له ، وكذلك المكفرات لا تختص بما ذكر بل نبه به على ما عداها ، فذكر من عبادة الأفعال الصلاة والصيام ، ومن عبادة المال الصدقة ، ومن عبادة الأقوال الأمر بالمعروف .
[ ص: 701 ] قوله : ( ولكن التي تموج ) أي الفتنة ، وصرح بذلك في الرواية التي في الصلاة ، والفتنة بالنصب بتقدير فعل أي أريد الفتنة ، ويحتمل الرفع أي مرادي الفتنة .
قوله : ( تموج كموج البحر ) أي تضطرب اضطراب البحر عند هيجانه ، وكنى بذلك عن شدة المخاصمة وكثرة المنازعة وما ينشأ عن ذلك من المشاتمة والمقاتلة .
قوله : ( يا أمير المؤمنين لا بأس عليك منها ) زاد في رواية ربعي " تعرض الفتن على القلوب فأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى يصير أبيض مثل الصفاة لا تضره فتنة ، وأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء حتى يصير أسود كالكوز منكوسا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ، وحدثته أن بينها وبينه بابا مغلقا " .
قوله : ( إن بينك وبينها بابا مغلقا ) أي لا يخرج منها شيء في حياتك ، قال ابن المنير : آثر حذيفة الحرص على حفظ السر ولم يصرح لعمر بما سأل عنه ، وإنما كنى عنه كناية ، وكأنه كان مأذونا له في مثل ذلك . وقال النووي : يحتمل أن يكون حذيفة علم أن عمر يقتل ، ولكنه كره أن يخاطبه بالقتل لأن عمر كان يعلم أنه الباب فأتى بعبارة يحصل بها المقصود بغير تصريح بالقتل انتهى . وفي لفظ طريق ربعي ما يعكر على ذلك على ما سأذكره ، وكأنه مثل الفتن بدار ، ومثل حياة عمر بباب لها مغلق ، ومثل موته بفتح ذلك الباب ، فما دامت حياة عمر موجودة فهي الباب المغلق لا يخرج مما هو داخل تلك الدار شيء ، فإذا مات فقد انفتح ذلك الباب فخرج ما في تلك الدار .
قوله : ( قال يفتح الباب أو يكسر قال : لا بل يكسر ، قال : ذلك أحرى أن لا يغلق ) زاد في الصيام " ذاك أجدر أن لا يغلق إلى يوم القيامة " ، قال ابن بطال : إنما قال ذلك لأن العادة أن الغلق إنما يقع في الصحيح ، فأما إذا انكسر فلا يتصور غلقه حتى يجبر انتهى . ويحتمل أن يكون كنى عن الموت بالفتح وعن القتل بالكسر ولهذا قال في رواية ربعي " فقال عمر كسرا لا أبا لك " لكن بقية رواية ربعي تدل على ما قدمته ، فإن فيه : وحدثته أن ذلك الباب رجل يقتل ، أو يموت " وإنما قال عمر ذلك اعتمادا على ما عنده من النصوص الصريحة في وقوع الفتن في هذه الأمة ووقوع البأس بينهم إلى يوم القيامة ، وسيأتي في الاعتصام حديث جابر في قوله تعالى أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض الآية ، وقد وافق حذيفة على معنى روايته هذه أبو ذر ، فروى nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني بإسناد رجاله ثقات أنه " لقي عمر فأخذ بيده فغمزها ، فقال له أبو ذر : أرسل يدي يا قفل الفتنة " الحديث . وفيه أن أبا ذر قال " لا يصيبكم فتنة ما دام فيكم " وأشار إلى عمر . وروى البزار من حديث nindex.php?page=showalam&ids=121قدامة بن مظعون عن أخيه عثمان أنه قال لعمر يا غلق الفتنة ، فسأله عن ذلك فقال nindex.php?page=hadith&LINKID=889276مررت ونحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هذا غلق الفتنة ، لا يزال بينكم وبين الفتنة باب شديد الغلق ما عاش .
قوله : ( قلنا علم عمر الباب ) في رواية جامع بن شداد " فقلنا لمسروق : سله أكان عمر يعلم من الباب ؟ فسأله فقال : نعم " وفي رواية أحمد عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن الأعمش " فقال مسروق لحذيفة : يا أبا عبد الله كان عمر يعلم " .
[ ص: 702 ] قوله : ( كما أن دون غد الليلة ) أي أن ليلة غد أقرب إلى اليوم من غد .
قوله : ( فهبنا ) بكسر الهاء أي خفنا ، ودل ذلك على حسن تأدبهم مع كبارهم .
قوله : ( وأمرنا nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروقا ) هو ابن الأجدع من كبار التابعين ، وكان من أخصاء أصحاب ابن مسعود وحذيفة وغيرهما من كبار الصحابة .
قوله : ( فسأله فقال : من الباب ؟ قال : عمر ) قال الكرماني : تقدم قوله " إن بين الفتنة وبين عمر بابا " فكيف يفسر الباب بعد ذلك أنه عمر ؟! والجواب أن في الأول تجوزا والمراد بين الفتنة وبين حياة عمر ، أو بين نفس عمر وبين الفتنة بدنه ; لأن البدن غير النفس .
( تنبيه ) :
غالب الأحاديث المذكورة في هذا الباب من حديث حذيفة وهلم جرا يتعلق بإخباره صلى الله عليه وسلم عن الأمور الآتية بعده فوقعت على وفق ما أخبر به ، واليسير منها وقع في زمانه ، وليس في جميعها ما يخرج عن ذلك إلا حديث البراء في نزول السكينة ، وحديثه عن أبي بكر في قصة سراقة ، وحديث أنس في الذي ارتد فلم تقبله الأرض .