قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=16313عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد ) أي ابن الخطاب ، وفي الإسناد أربعة من التابعين على نسق : قرينان وهما nindex.php?page=showalam&ids=16214صالح وهو ابن كيسان nindex.php?page=showalam&ids=13283وابن شهاب ، وقريبان وهما عبد الحميد ومحمد بن سعد وكلهم مدنيون .
قوله : ( استأذن عمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده نسوة من قريش ) هن من أزواجه ، ويحتمل أن يكون معهن من غيرهن لكن قرينة قوله : " يستكثرنه " يؤيد الأول ، والمراد أنهن يطلبن منه مما يعطيهن . وزعم الداودي أن المراد أنهن يكثرن الكلام عنده ، وهو مردود بما وقع التصريح به في حديث جابر عند مسلم أنهن يطلبن النفقة .
قوله : ( عالية ) بالرفع على الصفة وبالنصب على الحال ، وقوله " أصواتهن على صوته " قال ابن التين : يحتمل أن يكون ذلك قبل نزول النهي عن رفع الصوت على صوته ، أو كان ذلك طبعهن . انتهى . وقال غيره : يحتمل أن يكون الرفع حصل من مجموعهن لا أن كل واحدة منهن كان صوتها أرفع من صوته ، وفيه [ ص: 58 ] نظر . قيل : ويحتمل أن يكون فيهن جهيرة ، أو النهي خاص بالرجال وقيل في حقهن للتنزيه ، أو كن في حال المخاصمة فلم يتعمدن ، أو وثقن بعفوه . ويحتمل في الخلوة ما لا يحتمل في غيرها .
قوله : ( أضحك الله سنك ) لم يرد به الدعاء بكثرة الضحك بل لازمه وهو السرور ، أو نفي لازمه وهو الحزن .
قوله : ( أتهبنني ) من الهيبة أي توقرنني .
قوله : ( أنت أفظ وأغلظ ) بالمعجمتين بصيغة أفعل التفضيل من الفظاظة والغلظة وهو يقتضي الشركة في أصل الفعل ، ويعارضه قوله تعالى : ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فإنه يقتضي أنه لم يكن فظا ولا غليظا ، والجواب أن الذي في الآية يقتضي نفي وجود ذلك له صفة لازمة فلا يستلزم ما في الحديث ذلك ، بل مجرد وجود الصفة له في بعض الأحوال وهو عند إنكار المنكر مثلا والله أعلم . وجوز بعضهم أن الأفظ هنا بمعنى الفظ ، وفيه نظر للتصريح بالترجيح المقتضي لحمل " أفعل " على بابه ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يواجه أحدا بما يكره إلا في حق من حقوق الله ، وكان عمر يبالغ في الزجر عن المكروهات مطلقا وطلب المندوبات ، فلهذا قال النسوة له ذلك .
قوله : ( أيها يا ابن الخطاب ) قال أهل اللغة " أيها " بالفتح والتنوين معناها لا تبتدئنا بحديث ، وبغير تنوين كف من حديث عهدناه ، و " إيه " بالكسر والتنوين معناها حدثنا ما شئت وبغير التنوين زدنا مما حدثتنا . ووقع في روايتنا بالنصب والتنوين . وحكى ابن التين أنه وقع له بغير تنوين وقال : معناه : كف عن لومهن . وقال الطيبي : الأمر بتوقير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مطلوب لذاته تحمد الزيادة منه ، فكأن قوله - صلى الله عليه وسلم - : " إيه " استزادة منه في طلب توقيره وتعظيم جانبه ، ولذلك عقبه بقوله " والذي نفسي بيده إلخ " فإنه يشعر بأنه رضي مقالته وحمد فعاله ، والله أعلم .
قوله : ( إلا سلك فجا غير فجك ) فيه فضيلة عظيمة لعمر تقتضي أن الشيطان لا سبيل له عليه ، لا أن ذلك يقتضي وجود العصمة إذ ليس فيه إلا فرار الشيطان منه أن يشاركه في طريق يسلكها ، ولا يمنع ذلك من وسوسته له بحسب ما تصل إليه قدرته . فإن قيل : عدم تسليطه عليه بالوسوسة يؤخذ بطريق مفهوم الموافقة لأنه إذا منع من السلوك في طريق فأولى أن لا يلابسه بحيث يتمكن من وسوسته له فيمكن أن يكون حفظ من الشيطان ، ولا يلزم من ذلك ثبوت العصمة له لأنها في حق النبي واجبة وفي حق غيره ممكنة ، ووقع في حديث حفصة عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في " الأوسط " بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=889382إن الشيطان لا يلقى عمر منذ أسلم إلا خر لوجهه وهذا دال على صلابته في الدين ، واستمرار حاله على الجد الصرف والحق المحض ، وقال النووي : هذا الحديث محمول على ظاهره [ ص: 59 ] وأن الشيطان يهرب إذا رآه وقال عياض : يحتمل أن يكون ذاك على سبيل ضرب المثل ، وأن عمر فارق سبيل الشيطان وسلك طريق السداد فخالف كل ما يحبه الشيطان ، والأول أولى ، انتهى .