قوله : ( باب قول الله عز وجل : ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) هو مصير منه إلى أن الآية نزلت في الأنصار وهو ظاهر سياقها . وحديث الباب ظاهر في أنها نزلت في قصة الأنصاري فيطابق الترجمة ، وقد قيل : إنها نزلت في قصة أخرى ، ويمكن الجمع .
قوله : ( أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم ) لم أقف على اسمه وسيأتي أنه أنصاري زاد في رواية أبي أسامة عن فضيل بن غزوان في التفسير " فقال : يا رسول الله أصابني الجهد " أي المشقة من الجوع ، وفي رواية جرير عن فضيل بن غزوان عند مسلم " إني مجهود " .
قوله : ( فبعث إلى نسائه ) أي يطلب منهن ما يضيفه به .
قوله : ( فقلن ما معنا ) أي ما عندنا ( إلا الماء ) وفي رواية جرير " ما عندي " وفيه ما يشعر بأن ذلك كان في أول الحال قبل أن يفتح الله لهم خيبر وغيرها .
قوله : ( من يضم أو يضيف ) أي من يؤوي هذا فيضيفه ، وكأن " أو " للشك ، وفي رواية أبي أسامة ألا رجل يضيفه هذه الليلة يرحمه الله .
قوله : ( فقال رجل من الأنصار ) زعم ابن التين أنه nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس بن شماس ، وقد أورد ذلك ابن بشكوال من طريق أبي جعفر بن النحاس بسنده له عن nindex.php?page=showalam&ids=11904أبي المتوكل الناجي مرسلا ، ورواه إسماعيل القاضي في " أحكام القرآن " ولكن سياقه يشعر بأنها قصة أخرى ؛ لأن لفظه " nindex.php?page=hadith&LINKID=889482أن رجلا من الأنصار عبر عليه ثلاثة أيام لا يجد ما يفطر [ ص: 150 ] عليه ويصبح صائما حتى فطن له رجل من الأنصار يقال له nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس " فقص القصة ، وهذا لا يمنع التعدد في الصنيع مع الضيف وفي نزول الآية ، قال ابن بشكوال : وقيل : هو عبد الله بن رواحة ، ولم يذكر لذلك مستندا ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=11828أبو البختري القاضي أحد الضعفاء المتروكين في " كتاب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - " له أنه nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة راوي الحديث ، والصواب الذي يتعين الجزم به في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ما وقع عند مسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل بن غزوان عن أبيه بإسناد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " فقام رجل من الأنصار يقال له : أبو طلحة " وبذلك جزم الخطيب لكنه قال : أظنه غير أبي طلحة زيد بن سهل المشهور ، وكأنه استبعد ذلك من وجهين :
أحدهما : أن nindex.php?page=showalam&ids=86أبا طلحة زيد بن سهل مشهور لا يحسن أن يقال فيه " فقام رجل يقال له أبو طلحة "
والثاني : أن سياق القصة يشعر بأنه لم يكن عنده ما يتعشى به هو وأهله حتى احتاج إلى إطفاء المصباح ، وأبو طلحة زيد بن سهل كان أكثر أنصاري بالمدينة مالا فيبعد أن يكون بتلك الصفة من التقلل ، ويمكن الجواب عن الاستبعادين ، والله أعلم .
قوله : ( إلا قوت صبياني ) يحتمل أن يكون هو وامرأته تعشيا وكان صبيانهم حينئذ في شغلهم أو نياما فأخروا لهم ما يكفيهم ، أو نسبوا العشاء إلى الصبية لأنهم إليه أشد طلبا ، وهذا هو المعتمد لقوله في رواية أبي أسامة " ونطوي بطوننا الليلة " وفي آخر هذه الرواية أيضا " فأصبحا طاويين " ، وقد وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عند مسلم " فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه " .
قوله : ( وأصبحي سراجك ) بهمزة قطع أي أوقديه .
قوله : ( نومي صبيانك ) في رواية لمسلم " علليهم بشيء " .
قوله : ( فجعلا يريانه كأنهما ) في رواية الكشميهني بحذف الكاف من كأنهما ، وقوله : " طاويين " أي بغير عشاء .
قوله : ( ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما ) وفي رواية جرير " من صنيعك " وفي رواية التفسير " من فلان وفلانة " ونسبة الضحك والتعجب إلى الله مجازية والمراد بهما الرضا بصنيعهما >[1] ، وقوله : " فعالكما " في رواية " فعلكما " بالإفراد ، قال في البارع : الفعال بالفتح اسم الفعل الحسن مثل الجود والكرم ، وفي التهذيب : الفعال بالفتح فعل الواحد في الخير خاصة يقال : هو كريم الفعال بفتح الفاء ، وقد يستعمل في الشر ، والفعال بالكسر إذا كان الفعل بين اثنين يعني أنه مصدر فاعل مثل قاتل قتالا .
قوله : ( فأنزل الله : ويؤثرون على أنفسهم إلخ ) هذا هو الأصح في سبب نزول هذه الآية ، وعند ابن مردويه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16883محارب بن دثار عن ابن عمر " أهدي لرجل رأس شاة فقال : إن أخي وعياله أحوج منا إلى هذا فبعث به إليه ، فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر حتى رجعت إلى الأول بعد سبعة ، فنزلت " ويحتمل أن تكون نزلت [ ص: 151 ] بسبب ذلك كله ، قيل : في الحديث دليل على نفوذ فعل الأب في الابن الصغير وإن كان مطويا على ضرر خفيف إذا كان في ذلك مصلحة دينية أو دنيوية ، وهو محمول على ما إذا عرف بالعادة من الصغير الصبر على مثل ذلك ، والعلم عند الله تعالى .