[ ص: 211 ] قوله : ( باب إسلام nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر الغفاري ) هو جندب - وقيل : بريد - ابن جنادة بضم الجيم والنون الخفيفة ابن سفيان - وقيل : سفير - ابن عبيد بن حرام بالمهملتين ابن غفار ، وغفار من بني كنانة .
قوله : ( حدثنا المثنى ) هو ابن سعيد الضبعي ، له في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حديثان : هذا وآخر تقدم في ذكر بني إسرائيل ، nindex.php?page=showalam&ids=11969وأبو جمرة هو بالجيم نصر بن عمران .
قوله : ( إن أبا ذر قال لأخيه ) هو أنيس .
قوله : ( اركب إلى هذا الوادي ) أي وادي مكة ، وفي أول رواية أبي قتيبة الماضية في مناقب قريش " قال لنا ابن عباس : " ألا أخبركم بإسلام أبي ذر ؟ قال : قلنا : بلى . قال : قال أبو ذر : كنت رجلا من غفار " وهذا السياق يقتضي أن ابن عباس تلقاه من أبي ذر ، وقد أخرج مسلم قصة إسلام أبي ذر من طريق عبد الله بن الصامت عنه وفيها مغايرة كثيرة لسياق ابن عباس ، ولكن الجمع بينهما ممكن وأول حديثه " خرجنا من قومنا غفار وكانوا يحلون الشهر الحرام ، فخرجت أنا وأخي أنيس وأمنا ، فنزلنا على خال لنا ، فحسدنا قومه فقالوا له : إنك إذا خرجت عن أهلك خالف إليهم أنيس ، فذكر لنا ذلك فقلنا له : أما ما مضى لنا من معروفك فقد كدرته ، فتحملنا عليه ، وجلس يبكي ، فانطلقنا نحو مكة ، فنافر أخي أنيس رجلا إلى الكاهن ، فخير أنيسا ، فأتانا بصرمتنا ومثلها معها ، قال وقد صليت يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث سنين ، قلت : لمن ؟ قال : لله . قلت : فأين توجه ؟ قال : حيث يوجهني ربي . قال : فقال لي أنيس : إن لي حاجة بمكة . فانطلق ، ثم جاء فقلت : ما صنعت ؟ قال : لقيت رجلا بمكة على دينك ، يزعم أن الله أرسله . قلت : فما يقول الناس ؟ قال : يقولون : شاعر كاهن ساحر . وكان أنيس شاعرا ، فقال : لقد سمعت كلام الكهنة فما هو بقولهم ، ولقد [ ص: 212 ] وضعت قوله على أقراء الشعر فما يلتئم عليها ، والله إنه لصادق . قلت : وهذا الظاهر مغاير لقوله في حديث الباب : " إن أبا ذر قال لأخيه : ما شفيتني " ويمكن الجمع بأنه كان أراد منه أن يأتيه بتفاصيل من كلامه وأخباره فلم يأته إلا بمجمل .
قوله : ( فانطلق الأخ ) في رواية الكشميهني " فانطلق الآخر " أي أنيس ، قال عياض : وقع عند بعضهم " فانطلق الأخ الآخر " والصواب الاقتصار على أحدهما ؛ لأنه لا يعرف لأبي ذر إلا أخ واحد وهو أنيس . قلت : وعند مسلم من طريق عبد الرحمن بن مهدي - أي عن المثنى - " فانطلق الآخر " حسب .
قوله : ( حتى قدمه ) أي الوادي وادي مكة ، وفي رواية ابن مهدي " فانطلق الآخر حتى قدم مكة " .
قوله : ( رأيته يأمر بمكارم الأخلاق ، وكلاما ما هو بالشعر ) كذا في هذه الرواية ، ووافقها عبد الرحمن بن مهدي عند مسلم ، وقوله : " وكلاما " منصوب بالعطف على الضمير المنصوب ، وفيه إشكال لأن الكلام لا يرى . ويجاب عنه بأنه من قبيل " علفتها تبنا وماء باردا " وفيه الوجهان : الإضمار أي وسقيتها ، أو ضمن العلف معنى الإعطاء . وهنا يمكن أن يقال : التقدير رأيته يأمر بمكارم الأخلاق ، وسمعته يقول كلاما ما هو بالشعر . أو ضمن الرؤية معنى الأخذ عنه . ووقع في رواية أبي قتيبة " رأيته يأمر بالخير وينهى عن الشر " ولا إشكال فيها .
قوله : ( وكره أن يسأل عنه ) لأنه عرف أن قومه يؤذون من يقصده أو يؤذونه بسبب قصد من يقصده ، أو لكراهتهم في ظهور أمره لا يدلون من يسأل عنه عليه ، أو يمنعونه من الاجتماع به ، أو يخدعونه حتى يرجع عنه .
قوله : ( فرآه nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ) وهذا يدل على أن قصة أبي ذر وقعت بعد المبعث بأكثر من سنتين بحيث يتهيأ لعلي أن يستقل بمخاطبة الغريب ويضيفه ، فإن الأصح في سن علي حين المبعث كان عشر سنين وقيل أقل من ذلك ، هذا الخبر يقوي القول الصحيح في سنه .
قوله : ( فعرف أنه غريب ) في رواية : أبي قتيبة " فقال : كأن الرجل غريب . قلت : نعم " .
قوله : ( فلما رآه تبعه ) في رواية أبي قتيبة " قال : فانطلق إلى المنزل ، فانطلقت معه " .
قوله : ( أما نال للرجل ) أي أما حان ، يقال : نال له بمعنى آن له ، ويروى " أما آن " بمد الهمزة و " آنى " بالقصر وبفتح النون وكلها بمعنى ، وقد تقدم في قصة الهجرة في قول nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق : " أما آن للرحيل " مثله وقوله : " أن يعلم منزله " أي مقصده ، ويحتمل أن يكون علي أشار بذلك إلى دعوته إلى بيته لضيافته ثانيا ، وتكون إضافة المنزل إليه مجازية لكونه قد نزل به مرة ، ويؤيد الأول قول أبي ذر في جوابه " قلت : لا " كما في رواية أبي قتيبة .
قوله : ( يوم الثالث ) كذا فيه ، وهو كقولهم : مسجد الجامع ، وليس من إضافة الشيء إلى نفسه عند التحقيق .
قوله : ( فعاد علي على مثل ذلك ) في رواية الكشميهني " فغدا على مثل ذلك " وفي رواية أبي قتيبة " فقال : فانطلق معي " .
قوله : ( لترشدنني ) كذا للأكثر بنونين ، وفي رواية الكشميهني بواحدة مدغمة .
[ ص: 213 ] قوله : ( فأخبرته ) كذا للأكثر وفيه التفات ، وفي رواية الكشميهني " فأخبره " على نسق ما تقدم .
قوله : ( قمت كأني أريق الماء ) في رواية أبي قتيبة ( كأني أصلح نعلي ) ويحمل على أنه قالهما جميعا .
قوله : ( فانطلق يقفوه ) أي يتبعه .
قوله : ( ودخل معه ) قال الداودي : فيه الدخول بدخول المتقدم ، وكأن هذا قبل آية الاستئذان ، وتعقبه ابن التين فقال : لا تؤخذ الأحكام من مثل هذا . قلت : وفي كلام كل منهما من النظر ما لا يخفى .
قوله : ( ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري ) في رواية أبي قتيبة اكتم هذا الأمر ، وارجع إلى قومك فأخبرهم ، فإذا بلغك ظهورنا فأقبل وفي رواية عبد الله بن الصامت إنه قد وجهت لي أرض ذات نخل ، فهل أنت مبلغ عني قومك عسى الله أن ينفعهم بك فذكر قصة إسلام أخيهأنيس وأمه وأنهم توجهوا إلى قومهم غفار فأسلم نصفهم ، الحديث .
قوله : ( لأصرخن بها ) أي بكلمة التوحيد ، والمراد أنه يرفع صوته جهارا بين المشركين ، وكأنه فهم أن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - له بالكتمان ليس على الإيجاب بل على سبيل الشفقة عليه ، فأعلمه أن به قوة على ذلك ، ولهذا أقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، يؤخذ منه جواز قول الحق عند من يخشى منه الأذية لمن قاله وإن كان السكوت جائزا ، والتحقيق أن ذلك مختلف باختلاف الأحوال والمقاصد ، وبحسب ذلك يترتب وجود الأجر وعدمه .
[ ص: 214 ] قوله : ( ثم قام القوم ) في رواية أبي قتيبة " فقالوا : إلى هذا الصابي " بالياء اللينة " فقاموا " وكانوا يسمون من أسلم صابيا ؛ لأنه من صبا يصبو إذا انتقل من شيء إلى شيء .
قوله : ( فضربوه حتى أوجعوه ) في رواية أبي قتيبة " فضربت لأموت " أي ضربت ضربا لا يبالي من ضربني أن لو أموت منه .
قوله : ( فأكب العباس عليه ) في رواية أبي قتيبة " فقال مثل مقالته بالأمس " وفي الحديث ما يدل على حسن تأتي العباس وجودة فطنته حيث توصل إلى تخليصه منهم بتخويفهم من قومه أن يقاصوهم بأن يقطعوا طرق متجرهم ، وكان عيشهم من التجارة ، فلذلك بادروا إلى الكف عنه ، وفي الحديث دلالة على تقدم إسلام أبي ذر ، لكن الظاهر أن ذلك كان بعد المبعث بمدة طويلة لما فيه من الحكاية عن علي كما قدمناه ، ومن قوله أيضا في رواية عبد الله بن الصامت " إني وجهت لي أرض ذات نخل " ، فإن ذلك يشعر بأن وقوع ذلك كان قرب الهجرة والله أعلم .