قوله : ( باب تقاسم المشركين على النبي - صلى الله عليه وسلم - ) كان ذلك أول يوم من المحرم سنة سبع من البعثة وكان النجاشي قد جهز جعفرا ومن معه ، فقدموا والنبي - صلى الله عليه وسلم - بخيبر وذلك في صفر منها ، فلعله مات بعد أن جهزهم ، وفي " الدلائل " nindex.php?page=showalam&ids=13933للبيهقي أنه مات قبل الفتح وهو أشبه ، قال ابن إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=17177وموسى بن عقبة وغيرهما من أصحاب المغازي : لما رأت قريش أن الصحابة قد نزلوا أرضا أصابوا بها أمانا وأن عمر أسلم وأن [ ص: 232 ] الإسلام فشا في القبائل أجمعوا على أن يقتلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبلغ ذلك أبا طالب فجمع بني هاشم وبني المطلب فأدخلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعبهم ومنعوه ممن أراد قتله ، فأجابوه إلى ذلك حتى كفارهم فعلوا ذلك حمية على عادة الجاهلية ، فلما رأت قريش ذلك أجمعوا أن يكتبوا بينهم وبين بني هاشم والمطلب كتابا أن لا يعاملوهم ولا يناكحوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففعلوا ذلك ، وعلقوا الصحيفة في جوف الكعبة ، وكان كاتبها منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي فشلت أصابعه ، ويقال : إن الذي كتبها النضر بن الحارث ، وقيل : طلحة بن أبي طلحة العبدري .
قال ابن إسحاق : فانحازت بنو هاشم وبنو المطلب إلى أبي طالب فكانوا معه كلهم إلا أبا لهب فكان مع قريش ، وقيل : كان ابتداء حصرهم في المحرم سنة سبع من المبعث . قال ابن إسحاق : فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا . وجزم nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة بأنها كانت ثلاث سنين حتى جهدوا ولم يكن يأتيهم شيء من الأقوات إلا خفية ، حتى كانوا يؤذون من اطلعوا على أنه أرسل إلى بعض أقاربه شيئا من الصلات ، إلى أن قام في نقض الصحيفة نفر من أشدهم في ذلك صنيعا هشام بن عمرو بن الحارث العامري ، وكانت أم أبيه تحت هاشم بن عبد مناف قبل أن يتزوجها جده ، فكان يصلهم وهم في الشعب ، ثم مشى إلى زهير بن أبي أمية وكانت أمه nindex.php?page=showalam&ids=10982عاتكة بنت عبد المطلب فكلمه في ذلك فوافقه ، ومشيا جميعا إلى المطعم بن عدي وإلى زمعة بن الأسود فاجتمعوا على ذلك ، فلما جلسوا بالحجر تكلموا في ذلك وأنكروه وتواطئوا عليه ، فقال أبو جهل : هذا أمر قضي بليل . وفي آخر الأمر أخرجوا الصحيفة فمزقوها وأبطلوا حكمها .
وذكر ابن هشام أنهم وجدوا الأرضة قد أكلت جميع ما فيها إلا اسم الله تعالى . وأما ابن إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=17177وموسى بن عقبة وعروة فذكروا عكس ذلك أن الأرضة لم تدع اسما لله تعالى إلا أكلته ، وبقي ما فيها من الظلم والقطيعة ، فالله أعلم . وذكر الواقدي أن خروجهم من الشعب كان في سنة عشر من المبعث ، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين ، ومات أبو طالب بعد أن خرجوا بقليل . قال ابن إسحاق : ومات هو nindex.php?page=showalam&ids=10640وخديجة في عام واحد ، فنالت قريش من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم تكن تناله في حياة أبي طالب . ولما لم يثبت عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري شيء من هذه القصة اكتفى بإيراد حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ؛ لأن فيه دلالة على أصل القصة ؛ لأن الذي أورده أهل المغازي من ذلك كالشرح لقوله في الحديث : " تقاسموا على الكفر " .
قوله : ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أراد حنينا : منزلنا غدا إن شاء الله تعالى بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر ) هكذا أورده مختصرا ، وقد تقدم في الحج من طريق شعيب عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب الزهري بهذا الإسناد بلفظ " قال حين أراد قدوم مكة " وهذا لا يعارض ما في الباب ؛ لأنه يحمل أنه قال ذلك حين أراد دخول مكة في غزوة الفتح ، وفي ذلك القدوم غزا حنينا ، ولكن تقدم أيضا من طريق شعيب عن الزهري بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=889580قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغد يوم النحر وهو بمنى : نحن نازلون غدا الحديث ، وهذا ظاهر في أنه قاله في حجة الوداع فيحمل قوله في رواية الأوزاعي " حين أراد قدوم مكة " أي صادرا من منى إليها لطواف الوداع ، ويحتمل التعدد ، وسيأتي بيان ذلك مع بقية شرح الحديث في غزوة الفتح من كتاب المغازي إن شاء الله تعالى .