فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي قال nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ولم يبلغنا في الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمثل ببيت شعر تام غير هذا البيت
[ ص: 272 ] " 5842 " [ ص: 273 ] الحديث الحادي عشر قوله : ( لم أعقل أبوي ) يعني أبا بكر وأم رومان .
قوله : ( يدينان الدين ) بالنصب على نزع الخافض أي يدينان بدين الإسلام ، أو هو مفعول به على التجوز .
قوله : ( خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة ) أي ليلحق بمن سبقه إليها من المسلمين ، وقد قدمت أن الذين هاجروا إلى الحبشة أولا ساروا إلى جدة وهي ساحل مكة ليركبوا منها البحر إلى الحبشة .
قوله : ( برك الغماد ) أما برك فهو بفتح الموحدة وسكون الراء بعدها كاف وحكي كسر أوله ، وأما الغماد فهو بكسر المعجمة وقد تضم وبتخفيف الميم ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس فيها ضم الغين ، موضع على خمس ليال من مكة إلى جهة اليمن ، وقال البكري : هي أقاصي هجر ، وحكى الهمداني في أنساب اليمن : هو في أقصى اليمن ، والأول أولى . وقال ابن خالويه : حضرت مجلس المحاملي وفيه زهاء ألف ، فأملى عليهم حديثا فيه : " فقالت الأنصار : لو دعوتنا إلى برك الغماد " قالها بالكسر ، فقلت للمستملي : هو بالضم ، فذكر له ذاك ، فقال لي : وما هو ؟ قلت : سألت ابن دريد عنه فقال : هو بقعة في جهنم . فقال المحاملي : وكذا في كتابي على الغين ضمة . قال ابن خالويه وأنشد ابن دريد :
69
وإذا تنكرت البلا د فأولها كنف البعاد
واجعل مقامك أو مقر ك جانبي برك الغماد
لست ابن أم القاطن ين ولا ابن عم للبلاد
قال ابن خالويه : وسألت أبا عمر - يعني غلام ثعلب - فقال : هو بالكسر والضم موضع باليمن ، قال : وموضع باليمن أوله بالكسر لكن آخره راء مهملة ، وهو عند بئر برهوت الذي يقال : إن أرواح الكفار تكون فيها . ا هـ واستبعد بعض المتأخرين ما ذكره ابن دريد فقال : القول بأنه موضع باليمن أنسب ؛ لأن النبي - صلى الله عليه [ ص: 274 ] وسلم - لا يدعوهم إلى جهنم . وخفي عليهم أن هذا بطريق المبالغة فلا يراد به الحقيقة ، ثم ظهر لي أن لا تنافي بين القولين ، فيحمل قوله : جهنم على مجاز المجاورة بناء على القول بأن برهوت مأوى أرواح الكفار وهم أهل النار .
قوله : ( ابن الدغنة ) بضم المهملة والمعجمة وتشديد النون عند أهل اللغة ، وعند الرواة بفتح أوله وكسر ثانيه وتخفيف النون ، قال الأصيلي : وقرأه لنا المروزي بفتح الغين ، وقيل : إن ذلك كان لاسترخاء في لسانه والصواب الكسر ، وثبت بالتخفيف والتشديد من طريق ، وهي أمه وقيل : أم أبيه . وقيل : دابته ، ومعنى الدغنة المسترخية وأصلها الغمامة الكثيرة المطر ، واختلف في اسمه فعند nindex.php?page=showalam&ids=13898البلاذري من طريق الواقدي عن معمر عن الزهري أنه الحارث بن يزيد ، وحكى السهيلي أن اسمه مالك ، ووقع في " شرح الكرماني " أن ابن إسحاق سماه ربيعة بن رفيع ; وهو وهم من الكرماني فإن ربيعة المذكور آخر يقال له : ابن الدغنة أيضا لكنه سلمي ، والمذكور هنا من القارة فاختلفا ، وأيضا السلمي إنما ذكره ابن إسحاق في غزوة حنين وأنه صحابي قتل دريد بن الصمة ، ولم يذكره ابن إسحاق في قصة الهجرة . وفي الصحابة ثالث يقال له : ابن الدغنة لكن اسمه حابس وهو كلبي ، له قصة في سبب إسلامه وأنه رأى شخصا من الجن فقال له : " يا حابس بن دغنة يا حابس " في أبيات ، وهو مما يرجح رواية التخفيف في الدغنة .
قوله : ( وهو سيد القارة ) بالقاف وتخفيف الراء ، وهي قبيلة مشهورة من بني الهون ، بالضم والتخفيف ، ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر وكانوا حلفاء بني زهرة من قريش ، وكانوا يضرب بهم المثل في قوة الرمي ، قال الشاعر :
قد أنصف القارة من راماها
قوله : ( أخرجني قومي ) أي تسببوا في إخراجي .
قوله : ( فأريد أن أسيح ) بالمهملتين ، لعل أبا بكر طوى عن ابن الدغنة تعيين جهة مقصده لكونه كان كافرا ، وإلا فقد تقدم أنه قصد التوجه إلى أرض الحبشة ، ومن المعلوم أنه لا يصل إليها من الطريق التي قصدها حتى يسير في الأرض وحده زمانا فيصدق أنه سائح ، لكن حقيقة السياحة أن لا يقصد موضعا بعينه يستقر فيه .
قوله : ( وتكسب المعدوم ) في رواية الكشميهني " المعدم " وقد تقدم شرح هذه الكلمات في حديث بدء الوحي أول الكتاب ، وفي موافقة وصف ابن الدغنة لأبي بكر بمثل ما وصفت به خديجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على عظيم فضل أبي بكر واتصافه بالصفات البالغة في أنواع الكمال .
قوله : ( وأنا لك جار ) أي مجير أمنع من يؤذيك .
قوله : ( فرجع ) أي أبو بكر ( وارتحل معه ابن الدغنة ) وقع في الكفالة " وارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر " والمراد في الروايتين مطلق المصاحبة ، وإلا فالتحقيق ما في هذا الباب .
قوله : ( لا يخرج مثله ) أي من وطنه باختياره على نية الإقامة في غيره مع ما فيه من النفع المتعدي لأهل بلده ( ولا يخرج ) أي ولا يخرجه أحد بغير اختياره للمعنى المذكور ، واستنبط بعض المالكية من هذا أن من كانت فيه منفعة متعدية لا يمكن من الانتقال عن البلد إلى غيره بغير ضرورة راجحة .
قوله : ( فلم تكذب قريش ) أي لم ترد عليه قوله في أمان أبي بكر ، وكل من كذبك فقد رد قولك ، فأطلق [ ص: 275 ] التكذيب وأراد لازمه ، وتقدم في الكفارة بلفظ " فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وأمنت أبا بكر " وقد استشكل هذا مع ما ذكر ابن إسحاق في قصة خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف وسؤاله حين رجع الأخنس بن شريق أن يدخل في جواره فاعتذر بأنه حليف ، وكان أيضا من حلفاء بني زهرة ، ويمكن الجواب بأن ابن الدغنة رغب في إجارة أبي بكر ، والأخنس لم يرغب فيما التمس منه فلم يثرب النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه .
قوله : ( بجوار ) بكسر الجيم وبضمها ، وقد تقدم بيان المراد منه في كتاب الكفالة .
قوله : ( مر أبا بكر فليعبد ربه ) دخلت الفاء على شيء محذوف لا يخفى تقديره .
قوله : ( فلبث أبو بكر ) تقدم في الكفالة بلفظ " فطفق " أي جعل ، ولم يقع لي بيان المدة التي أقام فيها أبو بكر على ذلك .
قوله : ( ثم بدا لأبي بكر ) أي ظهر له رأي غير الرأي الأول .
قوله : ( فينقذف ) بالمثناة والقاف والذال المعجمة الثقيلة ، تقدم في الكفالة بلفظ " " فيتقصف " أي يزدحمون عليه حتى يسقط بعضهم على بعض فيكاد ينكسر ، وأطلق يتقصف مبالغة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : هو المحفوظ ، وأما يتقذف فلا معنى له إلا أن يكون من القذف أي يتدافعون فيقذف بعضهم بعضا فيتساقطون عليه فيرجع إلى معنى الأول ، nindex.php?page=showalam&ids=15086وللكشميهني بنون وسكون القاف وكسر الصاد أي يسقط .
قوله : ( بكاء ) بالتشديد أي كثير البكاء .
قوله : ( لا يملك عينيه ) أي لا يطيق إمساكهما عن البكاء من رقة قلبه . وقوله : ( إذا قرأ ) إذا ظرفية والعامل فيه : " لا يملك " ، أو هي شرطية والجزاء مقدر .
قوله : ( فأفزع ذلك ) أي أخاف الكفار لما يعلمونه من رقة قلوب النساء والشباب أن يميلوا إلى دين الإسلام .
قوله : ( فقدم عليهم ) في رواية الكشميهني " فقدم عليه " أي على أبي بكر .
قوله : ( أن يفتن نساءنا ) بالنصب على المفعولية وفاعله أبو بكر ، كذا لأبي ذر ، وللباقين " أن يفتن " بضم أوله " نساؤنا " بالرفع على البناء للمجهول .
قوله : ( أجرنا ) بالجيم والراء للأكثر ، وللقابسي بالزاي أي أبحنا له ، والأول أوجه ، والألف مقصورة في الروايتين .
قوله : ( فاسأله ) في رواية الكشميهني " فسله " .
قوله : ( ذمتك ) أي أمانك له .
قوله : ( نخفرك ) بضم أوله وبالخاء المعجمة وكسر الفاء أي نغدر بك ، يقال : خفره إذا حفظه ، وأخفره [ ص: 276 ] إذا غدر به .
قوله : ( مقرين لأبي بكر الاستعلان ) أي لا نسكت عن الإنكار عليه للمعنى الذي ذكروه من الخشية على نسائهم وأبنائهم أن يدخلوا في دينه .
قوله : ( والنبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بمكة ) في هذا الفصل من فضائل الصديق أشياء كثيرة قد امتاز بها عمن سواه ظاهرة لمن تأملها .
قوله : ( بين لابتين وهما الحرتان ) هذا مدرج في الخبر وهو من تفسير الزهري ، والحرة أرض حجارتها سود ، وهذه الرؤيا غير الرؤيا السابقة أول الباب من حديث أبي موسى التي تردد فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سبق ، قال ابن التين : كأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أري دار الهجرة بصفة تجمع المدينة وغيرها ، ثم أري الصفة المختصة بالمدينة فتعينت .
قوله : ( ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة ) أي لما سمعوا باستيطان المسلمين المدينة رجعوا إلى مكة فهاجر إلى أرض المدينة معظمهم لا جميعهم ؛ لأن جعفرا ومن معه تخلفوا في الحبشة ، وهذا السبب في مجيء مهاجرة الحبشة غير السبب المذكور في مجيء من رجع منهم أيضا في الهجرة الأولى ؛ لأن ذاك كان بسبب سجود المشركين مع النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين في سورة النجم فشاع أن المشركين أسلموا وسجدوا فرجع من رجع من الحبشة فوجدوهم أشد ما كانوا كما سيأتي شرحه وبيانه في تفسير سورة النجم .
قوله : ( على رسلك ) بكسر أوله أي على مهلك ، والرسل السير الرفيق ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان " فقال : اصبر " .
قوله : ( وهل ترجو ذلك بأبي أنت ) لفظ " أنت " مبتدأ وخبره " بأبي " أي مفدى بأبي ، ويحتمل أن يكون أنت تأكيدا لفاعل ترجو وبأبي قسم .
قوله : ( فحبس نفسه ) أي منعها من الهجرة ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان " فانتظره أبو بكر رضي الله عنه " .
قوله : ( ورق السمر ) بفتح المهملة وضم الميم .
قوله : ( وهو الخبط ) مدرج أيضا في الخبر ، وهو من تفسير الزهري ، ويقال : السمر شجرة أم غيلان ، وقيل : كل ما له ظل ثخين ، وقيل : السمر ورق الطلح والخبط بفتح المعجمة والموحدة ما يخبط بالعصا فيسقط من ورق الشجر قاله nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس .
قوله : ( أحث الجهاز ) أحث بالمهملة والمثلثة أفعل تفضيل من الحث وهو الإسراع ، وفي رواية لأبي ذر " أحب " بالموحدة ، والأول أصح . والجهاز بفتح الجيم وقد تكسر - ومنهم من أنكر الكسر - وهو ما يحتاج إليه في السفر .
قوله : ( وصنعنا لهما سفرة في جراب ) أي زادا في جراب ؛ لأن أصل السفرة في اللغة الزاد الذي يصنع للمسافر ، ثم استعمل في وعاء الزاد ، ومثله المزادة للماء ، وكذلك الراوية . فاستعملت السفرة في هذا الخبر على أصل اللغة . وأفاد الواقدي أنه كان في السفرة شاة مطبوخة
قوله : ( ذات النطاق ) بكسر النون ، nindex.php?page=showalam&ids=15086وللكشميهني النطاقين بالتثنية ، والنطاق ما يشد به الوسط ، وقيل : هو إزار فيه تكة ، وقيل : هو ثوب تلبسه المرأة ثم تشد وسطها بحبل ثم ترسل الأعلى على الأسفل قاله nindex.php?page=showalam&ids=12076أبو عبيدة الهروي ، قال : وسميت ذات النطاقين ؛ لأنها كانت تجعل نطاقا على نطاق . وقيل : كان لها نطاقان تلبس أحدهما وتجعل في الآخر الزاد . ا هـ . والمحفوظ كما سيأتي بعد هذا الحديث أنها شقت نطاقها نصفين فشدت بأحدهما الزاد واقتصرت على الآخر ، فمن ثم قيل لها : ذات النطاق وذات النطاقين ، فالتثنية والإفراد بهذين الاعتبارين . وعند ابن سعد من حديث الباب " شقت نطاقها فأوكأت بقطعة منه الجراب وشدت فم القربة بالباقي فسميت ذات النطاقين " .
قوله : ( قالت : ثم لحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر بغار في جبل ثور ) بالمثلثة ذكر الواقدي أنهما خرجا من خوخة في ظهر بيت أبي بكر ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : تواترت الأخبار أن خروجه كان يوم الاثنين ودخوله المدينة كان يوم الاثنين ، إلا أن محمد بن موسى الخوارزمي قال : إنه خرج من مكة يوم الخميس . قلت : يجمع بينهما بأن خروجه من مكة كان يوم الخميس وخروجه من الغار كان ليلة الاثنين ، لأنه أقام فيه ثلاث ليال ، فهي ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد وخرج في أثناء ليلة الاثنين . ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عند nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان " فركبا حتى أتيا الغار وهو ثور ، فتواريا فيه " وذكر nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=889731فرقد علي على فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوري عنه ، وباتت قريش تختلف وتأتمر أيهم يهجم على صاحب الفراش فيوثقه ، حتى أصبحوا فإذا هم بعلي ; فسألوه ، فقال : لا علم لي فعلموا أنه فر منهم " .
قوله : ( فكمنا فيه ) بفتح الميم ويجوز كسرها أي اختفيا .
قوله : ( ثلاث ليال ) في رواية عروة بن الزبير " ليلتين " فلعله لم يحسب أول ليلة ، وروى أحمد nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم من رواية طلحة النضري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=889736لبثت مع صاحبي - يعني أبا بكر - في الغار بضعة عشر يوما ما لنا طعام إلا ثمر البرير قال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : معناه مكثنا مختفين من المشركين في الغار وفي الطريق بضعة عشر يوما . قلت : لم يقع في رواية أحمد ذكر الغار ، وهي زيادة في الخبر من بعض رواته ، ولا يصح حمله على حالة الهجرة لما في الصحيح كما تراه من أن عامر بن فهيرة كان يروح عليهما في الغار باللبن ، ولما وقع لهما في الطريق من لقي الراعي كما في حديث البراء في هذا الباب ، ومن النزول بخيمة أم معبد وغير ذلك ، فالذي يظهر أنها قصة أخرى ، والله أعلم .
قوله : ( عبد الله بن أبي بكر ) وقع في نسخة " عبد الرحمن " وهو وهم .
قوله : ( ثقف ) بفتح المثلثة وكسر القاف ويجوز إسكانها وفتحها وبعدها فاء : الحاذق ، تقول : ثقفت الشيء إذا أقمت عوجه .
قوله : ( لقن ) بفتح اللام وكسر القاف بعدها نون : اللقن السريع الفهم .
قوله : ( فيدلج ) بتشديد الدال بعدها جيم أي يخرج بسحر إلى مكة .
قوله : ( فيصبح مع قريش بمكة كبائت ) أي مثل البائت ، يظنه من لا يعرف حقيقة أمره لشدة رجوعه [ ص: 280 ] بغلس .
قوله : ( يكتادان به ) في رواية الكشميهني " يكادان به " بغير مثناة أي يطلب لهما فيه المكروه ، وهو من الكيد .
قوله : ( عامر بن فهيرة ) تقدم ذكره في " باب الشراء من المشركين " من كتاب البيوع ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن ابن شهاب أن أبا بكر اشتراه من الطفيل بن سخبرة ، فأسلم ، فأعتقه .
قوله : ( منحة ) بكسر الميم وسكون النون بعدها مهملة ، تقدم بيانها في الهبة ، وتطلق أيضا على كل شاة . وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن ابن شهاب أن الغنم كانت لأبي بكر ، فكان يروح عليهما بالغنم كل ليلة فيحلبان ، ثم تسرح بكرة فيصبح في رعيان الناس فلا يفطن له .
قوله : ( في رسل ) بكسر الراء بعدها مهملة ساكنة : اللبن الطري .
قوله : ( ورضيفهما ) بفتح الراء وكسر المعجمة بوزن رغيف أي اللبن المرضوف أي التي وضعت فيه الحجارة المحماة بالشمس أو النار لينعقد وتزول رخاوته ، وهو بالرفع ويجوز الجر .
قوله : ( حتى ينعق بها عامر ) ينعق بكسر العين المهملة أي يصيح بغنمه ، والنعيق صوت الراعي إذا زجر الغنم ووقع في رواية أبي ذر " حتى ينعق بهما " بالتثنية أي يسمعهما صوته إذا زجر غنمه ، ووقع في حديث ابن عباس عند ابن عائذ في هذه القصة " ثم يسرح عامر بن فهيرة فيصبح في رعيان الناس كبائت فلا يفطن به " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن ابن شهاب " وكان عامر أمينا مؤتمنا حسن الإسلام " .
قوله : ( من بني الديل ) بكسر الدال وسكون التحتانية ، وقيل : بضم أوله وكسر ثانيه مهموز .
قوله : ( من بني عبد بن عدي ) أي ابن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ، ويقال : من بني عدي بن عمرو بن خزاعة ، ووقع في سيرة ابن إسحاق تهذيب ابن هشام اسمه عبد الله بن أرقد ، وفي رواية الأموي عن ابن إسحاق : ابن أريقد ، كذا رواه الأموي في المغازي بإسناد مرسل في غير هذه القصة ، قال : وهو دليل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة في الهجرة . وعند nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة أريقط بالتصغير أيضا لكن بالطاء وهو أشهر ، وعند ابن سعد عبد الله بن أريقط ، وعن مالك اسمه رقيط حكاه ابن التين وهو في " العتبية " .
قوله : ( هاديا خريتا ) بكسر المعجمة وتشديد الراء بعدها تحتانية ساكنة ثم مثناة .
قوله : ( والخريت الماهر بالهداية ) هو مدرج في الخبر من كلام الزهري بينه ابن سعد ، ولم يقع ذلك في رواية الأموي عن ابن إسحاق ، قال ابن سعد : وقال الأصمعي : إنما سمي خريتا لأنه يهدي بمثل خرت الإبرة أي ثقبها ، وقال غيره : قيل له ذلك ؛ لأنه يهتدي لأخرات المفازة وهي طرقها الخفية .
قوله : ( قد غمس ) بفتح الغين المعجمة والميم بعدها مهملة ( حلفا ) بكسر المهملة وسكون اللام أي كان حليفا ، وكانوا إذا تحالفوا غمسوا أيمانهم في دم أو خلوق أو في شيء يكون فيه تلويث فيكون ذلك تأكيدا [ ص: 281 ] للحلف .
قوله : ( فأمناه ) بكسر الميم .
قوله : ( فأتاهما >[1] براحلتيهما صبح ثلاث ) زاد مسلم بن عقبة عن ابن شهاب " حتى إذا هدأت عنهما الأصوات جاء صاحبهما ببعيرهما فانطلق معهما بعامر بن فهيرة يخدمهما ويعينهما يردفه أبو بكر ويعقبه ليس معهما غيره .
قوله : ( فأخذ بهم طريق الساحل ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة " فأجاز بهما أسفل مكة ثم مضى بهما حتى جاء بهما الساحل أسفل من عسفان ، ثم أجاز بهما حتى عارض الطريق " وعند nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من طريق ابن إسحاق " حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة " نحوه وأتم منه وإسناده صحيح ، وأخرج الزبير بن بكار في " أخبار المدينة " مفسرا منزلة منزلة إلى قباء ، وكذلك ابن عائذ من حديث ابن عباس ، وقد تقدم في " علامات النبوة " وفي " مناقب أبي بكر " ما اتفق لهما حين خرجا من الغار من لقيهما راعي الغنم وشربهما من اللبن .
[ ص: 282 ] [ ص: 283 ] الحديث الثاني عشر حديث سراقة بن جعشم . قوله : ( قال ابن شهاب ) هو موصول بإسناد حديث عائشة ، وقد أفرده nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " الدلائل " وقبله nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في " الإكليل " من طريق ابن إسحاق " حدثني nindex.php?page=showalam&ids=12300محمد بن مسلم هو الزهري به " وكذلك أورده nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي منفردا من طريق معمر والمعافي في الجليس من طريق صالح بن كيسان كلاهما عن الزهري .
قوله : ( المدلجي ) بضم الميم وسكون المهملة وكسر اللام ثم جيم من بني مدلج بن مرة بن عبد مناة بن كنانة . وعبد الرحمن بن مالك هذا اسم جده مالك بن جعشم ، ونسب أبوه في هذه الرواية إلى جده كما سنبينه في سراقة ، وأبوه مالك بن جعشم له إدراك ، ولم أر من ذكره في الصحابة بل ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في التابعين ، وليس له ولا لأخيه سراقة ولا لابنه عبد الرحمن في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري غير هذا الحديث .
قوله : ( ابن أخي سراقة بن جعشم ) في رواية أبي ذر " ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم " ثم قال : " إنه سمع سراقة بن جعشم " والأول هو المعتمد ، وحيث جاء في الروايات سراقة بن جعشم يكون نسب إلى جده ، وسيأتي في حديث البراء بعدها بقليل أنه سراقة بن مالك بن جعشم ولم يختلف عليه فيه ، جعشم بضم الجيم والشين المعجمة بينهما عين مهملة هو ابن مالك بن عمرو وكنية سراقة أبو سفيان ، وكان ينزل قديدا وعاش إلى خلافة عثمان .
قوله : ( أسودة ) أي أشخاصا ، في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق " لقد رأيت ركبة ثلاثة إني لأظنه محمدا وأصحابه " ونحوه في رواية صالح بن كيسان .
قوله : ( رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا ) أي في نظرنا معاينة يبتغون ضالة لهم ، في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق " فأومأت إليه أن اسكت ، وقلت : إنما هم بنو فلان يبتغون ضالة لهم ، قال : لعل ، وسكت " ونحوه في رواية معمر ، وفي حديث أسماء " فقال سراقة : إنهما راكبان ممن بعثنا في طلب القوم " .
قوله : ( فأمرت جاريتي ) لم أقف على اسمها ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة nindex.php?page=showalam&ids=16214وصالح بن كيسان وأمرت بفرسي فقيد إلى بطن الوادي وزاد : ثم أخذت قداحي - بكسر القاف أي الأزلام - فاستقسمت بها ، فخرج الذي أكره ، لا تضر ، وكنت أرجو أن أرده فآخذ المائة ناقة " .
[ ص: 284 ] قوله : ( فخططت ) بالمعجمة ، nindex.php?page=showalam&ids=15086وللكشميهني والأصيلي بالمهملة أي أمكنت أسفله وقوله : ( بزجه ) الزج بضم الزاي بعدها جيم الحديدة التي في أسفل الرمح ، وفي رواية الكشميهني : " فخططت به " وزاد nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة nindex.php?page=showalam&ids=16214وصالح بن كيسان nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق " فأمرت بسلاحي فأخرج من ذنب حجرتي ، ثم انطلقت فلبست لأمتي " .
قوله : ( وخفضت ) أي أمسكه بيده وجر زجه على الأرض فخطها به لئلا يظهر بريقه لمن بعد منه ; لأنه كره أن يتبعه منهم أحد فيشركوه في الجعالة . ووقع في رواية الحسن عن سراقة عند ابن أبي شيبة " وجعلت أجر الرمح مخافة أن يشركني أهل الماء فيها " .
قوله : ( فرفعتها ) أي أسرعت بها السير .
قوله : ( تقرب بي ) التقريب السير دون العدو وفوق العادة ، وقيل : أن ترفع الفرس يديها معا وتضعهما معا .
قوله : ( فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها أضرهم أم لا ) والأزلام هي الأقداح وهي السهام التي لا ريش لها ولا نصل ، وسيأتي شرحها وكيفيتها وصنيعهم بها في تفسير المائدة .
قوله : ( فخرج الذي أكره ) أي لا تضرهم ، وصرح به nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي وموسى nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق وزاد " وكنت أرجو أن أرده فآخذ المائة ناقة " وفي حديث ابن عباس عند ابن عائذ : " وركب سراقة ، فلما أبصر الآثار على غير الطريق وهو وجل أنكر الآثار فقال : والله ما هذه بآثار نعم الشام ولا تهامة ، فتبعهم حتى أدركهم " .
قوله : ( ساخت ) بالخاء المعجمة أي غاصت ، وفي حديث أسماء بنت أبي بكر " فوقعت لمنخريها " .
قوله : ( حتى بلغتا الركبتين ) في رواية البراء " فارتطمت به فرسه إلى بطنها " وفي رواية أبي خليفة " في الأرض إلى بطنها " .
قوله : ( فخررت عنها ) في رواية أبي خليفة " فوثبت عنها " زاد ابن إسحاق " فقلت : ما هذا ؟ ثم أخرجت قداحي " نحو الأول .
قوله : ( ثم زجرتها فنهضت فلم تكد ) وفي حديث أنس >[2] " ثم قامت تحمحم " الحمحمة بمهملتين هو صوت الفرس .
قوله : ( عثان ) بضم المهملة بعدها مثلثة خفيفة أي دخان ، قال معمر : قلت nindex.php?page=showalam&ids=12114لأبي عمرو بن العلاء : [ ص: 285 ] ما العثان ؟ قال : الدخان من غير نار . وفي رواية الكشميهني : غبا بمعجمة ثم موحدة ثم راء ، والأول أشهر . وذكر أبو عبيد في غريبه قال : وإنما أراد بالعثان الغبار نفسه ، شبه غبار قوائمها بالدخان ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة nindex.php?page=showalam&ids=13779والإسماعيلي " وأتبعها دخان مثل الغبار " وزاد " فعلمت أنه منع مني " .
قوله : ( كتاب أمن ) بسكون الميم ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي " كتاب موادعة " وفي رواية إسحاق " كتابا يكون آية بيني وبينك " .
أبا حكم واللات لو كنت شاهدا لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه عجبت ولم تشكك بأن محمدا نبي وبرهان فمن ذا يكاتمه
وذكر ابن سعد أن سراقة عارضهم يوم الثلاثاء بقديد . الحديث الثالث عشر :
قوله : ( قال ابن شهاب : فأخبرني عروة بن الزبير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي الزبير في ركب ) هو متصل إلى ابن شهاب بالإسناد المذكور أولا ، وقد أفرده nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من وجه آخر عن يحيى بن بكير بالإسناد المذكور ، ولم يستخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي أصلا وصورته مرسل ، لكنه وصله nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أيضا من طريق معمر عن الزهري قال : " أخبرني عروة أنه سمع الزبير " به ، وأفاد أن قوله " وسمع المسلمون إلخ " من بقية الحديث المذكور . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن ابن شهاب به وأتم منه وزاد " قال : ويقال : لما دنا من المدينة كان طلحة قدم من الشام ، فخرج عائدا إلى مكة إما متلقيا وإما معتمرا ، ومعه ثياب أهداها لأبي بكر من ثياب الشام ، فلما لقيه أعطاه فلبس منها هو وأبو بكر " انتهى .
وهذا إن كان محفوظا احتمل أن يكون كل من طلحة والزبير أهدى لهما من الثياب . والذي في السير هو الثاني ، ومال الدمياطي إلى ترجيحه على عادته في ترجيح ما في السير على ما في الصحيح ، والأولى الجمع بينهما وإلا فما في الصحيح أصح ؛ لأن الرواية التي فيها طلحة من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة ، والتي في الصحيح من طريق عقيل عن الزهري عن عروة . ثم وجدت عند ابن أبي شيبة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه نحو رواية أبي الأسود ، وعند ابن عائذ في المغازي من حديث ابن عباس " خرج عمر والزبير وطلحة وعثمان وعياش بن ربيعة نحو المدينة ، فتوجه عثمان وطلحة إلى الشام " فتعين تصحيح القولين .
قوله : ( حتى يردهم ) في رواية معمر " يؤذيهم " وفي رواية ابن سعد " فإذا أحرقتهم رجعوا إلى منازلهم . ووقع في رواية أبي خليفة في حديث أبي البراء " حتى أتينا المدينة ليلا " .
قوله : ( فانقلبوا يوما بعدما طال >[3] انتظارهم ) في رواية عبد الرحمن بن عويم " حتى إذا كان اليوم الذي جاء فيه جلسنا كما كنا نجلس حتى إذا رجعنا جاء " .
[ ص: 287 ] قوله : ( أوفى رجل من يهود ) أي طلع إلى مكان عال فأشرف منه ، ولم أقف على اسم هذا اليهودي .
قوله : ( أطم ) بضم أوله وثانيه هو الحصن ، ويقال : كان بناء من حجارة كالقصر .
قوله : ( مبيضين ) أي عليهم الثياب البيض التي كساهم إياها الزبير أو طلحة ، وقال ابن التين : يحتمل أن يكون معناه مستعجلين ، وحكى عن nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس يقال : بايض أي مستعجل .
قوله : ( يزول بهم السراب ) أي يزول السراب عن النظر بسبب عروضهم له ، وقيل : معناه ظهرت حركتهم للعين .
قوله : ( يا معاشر العرب ) في رواية عبد الرحمن بن عويم " يا بني قيلة " وهو بفتح القاف وسكون التحتانية وهي الجدة الكبرى للأنصار والدة الأوس والخزرج ، وهي قيلة بنت كاهل بن عذرة .
قوله : ( هذا جدكم ) بفتح الجيم أي حظكم وصاحب دولتكم الذي تتوقعونه ، وفي رواية معمر " هذا صاحبكم " .
قوله : ( حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف ) أي ابن مالك بن الأوس بن حارثة ومنازلهم بقباء ، وهي على فرسخ من المسجد النبوي بالمدينة ، كان نزوله على nindex.php?page=showalam&ids=7483كلثوم بن الهرم ، وقيل : كان يومئذ مشركا ، وجزم به محمد بن الحسن بن زبالة في " أخبار المدينة " .
قوله : ( وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول ) وهذا هو المعتمد وشذ من قال : يوم الجمعة ، في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن ابن شهاب " قدمها لهلال ربيع الأول " أي أول يوم منه ، وفي رواية جرير بن حازم عن ابن إسحاق " قدمها لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول " ونحوه عند أبي معشر ، لكن قال : ليلة الاثنين ، ومثله عن ابن البرقي ، وثبت كذلك في أواخر صحيح مسلم ، وفي رواية إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق " قدمها لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول " وعند أبي سعيد في " شرف المصطفى " من طريق أبي بكر بن حزم " قدم لثلاث عشرة من ربيع الأول " .
وهذا يجمع بينه وبين الذي قبله بالحمل على الاختلاف في رؤية الهلال ، وعنده من حديث عمر " ثم نزل على بني عمرو بن عوف يوم الاثنين لليلتين بقيتا من ربيع الأول " كذا فيه ولعله كان فيه " خلتا " ليوافق رواية جرير وابن حازم ، وعند الزبير في خبر المدينة عن ابن شهاب " في نصف ربيع الأول " وقيل : كان قدومه في سابعه ، وجزم nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم بأنه خرج من مكة لثلاث ليال بقين من صفر ، وهذا يوافق قول nindex.php?page=showalam&ids=12861هشام بن الكلبي إنه خرج من الغار ليلة الاثنين أول يوم من ربيع الأول فإن كان محفوظا فلعل قدومه قباء كان يوم الاثنين ثامن ربيع الأول ، وإذا ضم إلى قول أنس إنه أقام بقباء أربع عشرة ليلة خرج منه أن دخوله المدينة كان لاثنين وعشرين منه ، لكن الكلبي جزم بأنه دخلها لاثنتي عشرة خلت منه فعلى قوله تكون إقامته بقباء أربع ليال فقط وبه جزم nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان فإنه قال : " أقام بها الثلاثاء والأربعاء والخميس " يعني وخرج يوم الجمعة ، فكأنه لم يعتد بيوم الخروج ، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة إنه أقام فيهم ثلاث ليال فكأنه لم يعتد بيوم الخروج ، ولا الدخول ، وعن قوم من بني عمرو بن عوف أنه أقام فيهم اثنين وعشرين يوما حكاه الزبير بن بكار ، وفي مرسل عروة بن الزبير ما يقرب منه كما يذكر عقب هذا ، والأكثر أنه قدم نهارا ، ووقع في رواية مسلم ليلا ، ويجمع بأن القدوم كان آخر الليل فدخل نهارا .
[ ص: 288 ] قوله : ( فقام أبو بكر للناس ) أي يتلقاهم .
قوله : ( فطفق ) أي جعل ( من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحيي أبا بكر ) أي يسلم عليه ، قال ابن التين : إنما كانوا يفعلون ذلك بأبي بكر لكثرة تردده إليهم في التجارة إلى الشام فكانوا يعرفونه ، وأما النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يأتها بعد أن كبر . قلت : ظاهر السياق يقتضي أن الذي يحيي ممن لا يعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - يظنه أبا بكر فلذلك يبدأ بالسلام عليه ، ويدل عليه قوله في بقية الحديث " فأقبل أبو بكر يظلل عليه بردائه ، فعرف الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ووقع بيان ذلك في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=889752وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صامتا ، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم يكن رآه يحسبه أبا بكر ، حتى إذا أصابته الشمس أقبل أبو بكر بشيء أظله به ولعبد الرحمن بن عويم في رواية ابن إسحاق " أناخ إلى الظل هو وأبو بكر ، والله ما أدري أيهما هو ، حتى رأينا أبا بكر ينحاز له عن الظل فعرفناه بذلك " .
قوله : ( فلبث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة ) في حديث أنس الآتي في الباب الذي يليه أنه أقام فيهم أربع عشرة ليلة ، وقد ذكرت قبله ما يخالفه ، والله أعلم . قال nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن ابن شهاب : " أقام فيهم ثلاثا " قال وروى ابن شهاب عن مجمع بن حارثة " أنه أقام اثنين وعشرين ليلة " وقال ابن إسحاق . أقام فيهم خمسا ، وبنو عمرو بن عوف يزعمون أكثر من ذلك . قلت : ليس أنس من بني عمرو بن عوف ، فإنهم من الأوس وأنس من الخزرج ، وقد جزم بما ذكرته فهو أولى بالقبول من غيره .
قوله : ( وأسس المسجد الذي أسس على التقوى ) أي مسجد قباء ، وفي رواية عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب عن عروة قال : الذين بنى فيهم المسجد الذي أسس على التقوى هم بنو عمرو بن عوف ، وكذا في حديث ابن عباس عند ابن عائذ ولفظه " ومكث في بني عمرو بن عوف ثلاث ليال واتخذ مكانه مسجدا فكان يصلي فيه ، ثم بناه بنو عمرو بن عوف فهو الذي أسس على التقوى " وروى nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير في " زيادات المغازي " عن المسعودي عن nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=889753 " لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزل بقباء قال nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر : ما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بد من أن يجعل له مكانا يستظل به إذا استيقظ ويصلي فيه ، فجمع حجارة فبنى مسجد قباء ، فهو أول مسجد بني " يعني بالمدينة ، وهو في التحقيق أول مسجد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه بأصحابه جماعة ظاهرا ، وأول مسجد بني لجماعة المسلمين عامة ، وإن كان قد تقدم بناء غيره من المساجد لكن لخصوص الذي بناها كما تقدم في حديث عائشة في بناء أبي بكر مسجده . وروى ابن أبي شيبة عن جابر قال : " لقد لبثنا بالمدينة قبل أن يقدم علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسنين نعمر المساجد ونقيم الصلاة " .
قوله : ( وكان ) أي موضع المسجد ( مربدا ) بكسر الميم وسكون الراء وفتح الموحدة : هو الموضع الذي يجفف فيه التمر . وقال الأصمعي : المربد كل شيء حبست فيه الإبل أو الغنم ، وبه سمي مربد البصرة ؛ لأنه كان موضع سوق الإبل .
[ ص: 290 ] قوله : ( لسهيل وسهل ) زاد ابن عيينة في جامعه عن أبي موسى عن الحسن " وكانا من الأنصار " وعند الزبير بن بكار في " أخبار المدينة " أنهما أتيا رافع بن عمرو ، وعند ابن إسحاق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل : " لمن هذا ؟ فقال له معاذ ابن عفراء : هو لسهيل وسهل ابني عمرو يتيمان لي وسأرضيهما منه " .
قوله : ( في حجر سعد بن زرارة ) كذا لأبي ذر وحده ، وفي رواية الباقين " أسعد " بزيادة ألف وهو الوجه ، كان أسعد من السابقين إلى الإسلام من الأنصار ، ويكنى أبا أمامة ، وأما أخوه سعد فتأخر إسلامه ، ووقع في مرسل ابن سيرين عند أبي عبيد في " الغريب " أنهما كانا في حجر معاذ ابن عفراء ، وحكى الزبير أنهما كانا في حجر أبي أيوب ، والأول أثبت ، وقد يجمع باشتراكهما أو بانتقال ذلك بعد أسعد إلى من ذكر واحدا بعد واحد ، وذكر ابن سعد أن أسعد بن زرارة كان يصلي فيه قبل أن يقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قوله : ( فساومهما ) في رواية ابن عيينة فكلم عمهما أي الذي كانا في حجره أن يبتاعه منهما فطلبه منهما فقالا ما تصنع به فلم يجد بدا من أن يصدقهما . ووقع لأبي ذر عن الكشميهني " فأبى أن يقبله منهما " .
قوله : ( حتى ابتاعه منهما ) ذكر ابن سعد عن الواقدي عن معمر عن الزهري " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بكر أن يعطيهما ثمنه " ، قال : وقال غير معمر : أعطاهما عشرة دنانير . وتقدم في أبواب المساجد من حديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=889761يا بني النجار ثامنوني بحائطكم . قالوا : لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله ويأتي مثله في آخر الباب الذي يليه ، ولا منافاة بينهما ، فيجمع بأنهم لما قالوا : لا نطلب ثمنه إلا إلى الله سأل عمن يختص بملكه منهم فعينوا له الغلامين فابتاعه منهما ، فحينئذ يحتمل أن يكون الذين قالوا له : لا نطلب ثمنه إلا إلى الله تحملوا عنه للغلامين بالثمن ، وعند الزبير أن أبا أيوب أرضاهما عن ثمنه .
قوله : ( وطفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) أي جعل ( ينقل معهم اللبن ) أي الطوب المعمول من الطين الذي لم يحرق ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=14794عطاف بن خالد عند ابن عائذ أنه صلى فيه وهو عريش اثني عشر يوما ، ثم بناه وسقفه . وعند الزبير في خبر المدينة من حديث أنس أنه بناه أولا بالجريد ثم بناه باللبن بعد الهجرة بأربع سنين .
قوله : ( هذا الحمال ) بالمهملة المكسورة وتخفيف الميم أي هذا المحمول من اللبن ( أبر ) عند الله ، أي أبقى ذخرا وأكثر ثوابا وأدوم منفعة وأشد طهارة من حمال خيبر ، أي التي يحمل منها التمر والزبيب ونحو ذلك . ووقع في بعض النسخ في رواية المستملي " هذا الجمال " بفتح الجيم ، وقوله : " ربنا " منادى مضاف .
قوله : ( اللهم إن الأجر أجر الآخرة ، فارحم الأنصار والمهاجرة ) كذا في هذه الرواية ، ويأتي في حديث أنس في الباب الذي بعده nindex.php?page=hadith&LINKID=889762اللهم لا خير إلا خير الآخرة ، فانصر الأنصار والمهاجرة وجاء في غزوة الخندق بتغيير آخر من حديث سهل بن سعد ، ونقل الكرماني أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقف على الآخرة والمهاجرة بالتاء محركة فيخرجه عن الوزن ذكره في أوائل كتاب الصلاة ولم يذكر مستنده ، والكلام الذي بعد هذا يرد عليه .
قوله : ( فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي ) قال الكرماني : يحتمل أن يكون المراد الرجز المذكور ، ويحتمل أن يكون شعرا آخر . قلت : الأول هو المعتمد ، ومناسبة الشعر المذكور للحال المذكور واضحة ، وفيها إشارة إلى أن الذي ورد في كراهية البناء مختص بما زاد على الحاجة ، أو لم يكن في أمر ديني كبناء المسجد .
[ ص: 291 ] قوله : ( قال ابن شهاب : ولم يبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تمثل ببيت شعر تام غير هذه الأبيات ) زاد ابن عائذ في آخره " التي كان يرتجز بهن وهو ينقل اللبن لبناء المسجد " قال ابن التين : أنكر على الزهري هذا من وجهين ، أحدهما أنه رجز وليس بشعر ، ولهذا يقال لقائله : راجز ، ويقال : أنشد رجزا ، ولا يقال له : شاعر ولا أنشد شعرا . والوجه الثاني أن العلماء اختلفوا هل ينشد النبي - صلى الله عليه وسلم - شعراأم لا . وعلى الجواز هل ينشد بيتا واحدا أو يزيد ؟ وقد قيل : إن البيت الواحد ليس بشعر ، وفيه نظر . ا هـ . والجواب عن الأول أن الجمهور على أن الرجز من أقسام الشعر إذا كان موزونا ، وقد قيل : إنه كان - صلى الله عليه وسلم - إذا قال ذلك لا يطلق القافية بل يقولها متحركة التاء ، ولا يثبت ذلك ، وسيأتي من حديث سهل بن سعد في غزوة الخندق بلفظ " فاغفر للمهاجرين والأنصار " وهذا ليس بموزون ، وعن الثاني بأن الممتنع عنه - صلى الله عليه وسلم - إنشاؤه لا إنشاده ، ولا دليل على منع إنشاده متمثلا .
وقول الزهري : " لم يبلغنا " لا اعتراض عليه فيه ، ولو ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أنشد غير ما نقله الزهري ، لأنه نفى أن يكون بلغه ، ولم يطلق النفي المذكور . على أن ابن سعد روى عن عفان عن معتمر بن سليمان عن معمر عن الزهري قال : " لم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا من الشعر قيل قبله أو يروى عن غيره إلا هذا " كذا قال ، وقد قال غيره : إن الشعر المذكور nindex.php?page=showalam&ids=16431لعبد الله بن رواحة فكأنه لم يبلغه ، وما في الصحيح أصح ، وهو قوله : " شعر رجل من المسلمين " وفي الحديث جواز قول الشعروأنواعه خصوصا الرجز في الحرب ، والتعاون على سائر الأعمال الشاقة ، لما فيه من تحريك الهمم وتشجيع النفوس وتحركها على معالجة الأمور الصعبة ، وذكر الزبير من طريق مجمع بن يزيد قال قائل من المسلمين في ذلك :
لئن قعدنا والنبي يعمل ذاك إذا للعمل المضلل
ومن طريق أخرى عن أم سلمة نحوه وزاد : قال : وقال nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب :
لا يستوي من يعمر المساجدا يدأب فيها قائما وقاعدا ومن يرى عن التراب حائدا
وسيأتي كيفية نزوله على أبي أيوب إلى أن أكمل المسجد في حديث أنس في هذا الباب إن شاء الله تعالى .
( تنبيه ) : أخرج المصنف هذا الحديث بطوله في " التاريخ الصغير " بهذا السند فزاد بعد قوله هذه الأبيات " وعن ابن شهاب قال : كان بين ليلة العقبة - يعني الأخيرة - وبين مهاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أشهر أو قريب منها " . قلت : هي ذو الحجة والمحرم وصفر ، لكن كان مضى من ذي الحجة عشرة أيام ، ودخل المدينة بعد أن استهل ربيع الأول فمهما كان الواقع أنه اليوم الذي دخل فيه من الشهر يعرف منه القدر على التحرير ، فقد يكون ثلاثة سواء وقد ينقص وقد يزيد ، لأن أقل ما قيل : إنه دخل في اليوم الأول منه وأكثر ما قيل : إنه دخل الثاني عشر منه . الحديث الرابع عشر .