قوله : ( لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء ) استشكل هذا لأن قدومه - صلى الله عليه وسلم - إنما كان في ربيع الأول ، وأجيب باحتمال أن يكون علمه بذلك تأخر إلى أن دخلت السنة الثانية ، قال بعض المتأخرين : يحتمل أن يكون صيامهم كان على حساب الأشهر الشمسية فلا يمتنع أن يقع عاشوراء في ربيع الأول ويرتفع الإشكال بالكلية ، هكذا قرره ابن القيم في " الهدي " قال : وصيام أهل الكتاب إنما هو بحساب سير الشمس . قلت : وما ادعاه من رفع الإشكال عجيب ؛ لأنه يلزم منه إشكال آخر وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر المسلمين أن يصوموا عاشوراء بالحساب والمعروف من حال المسلمين في كل عصر في صيام عاشوراء أنه في المحرم لا في غيره من الشهور ، نعم وجدت في nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني بإسناد جيد عن nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت قال : " ليس يوم عاشوراء باليوم الذي يقول الناس ، إنما كان يوم تستر فيه الكعبة وتقلس فيه الحبشة ، وكان يدور في السنة ، وكان الناس يأتون فلانا اليهودي يسألونه ، فلما مات أتوا nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت فسألوه " فعلى هذا فطريق الجمع أن تقول : كان الأصل فيه ذلك ، فلما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بصيام عاشوراء رده إلى حكم شرعه وهو الاعتبار بالأهلة فأخذ أهل الإسلام بذلك ، لكن في الذي ادعاه أن أهل الكتاب يبنون صومهم على حساب الشمس نظر ، فإن اليهود لا يعتبرون في صومهم إلا بالأهلة ، هذا الذي شاهدناه منهم ، فيحتمل أن يكون فيهم من كان يعتبر الشهور بحساب الشمس لكن لا وجود له الآن ، كما انقرض الذين أخبر الله عنهم أنهم يقولون : عزير ابن الله ، تعالى الله عن ذلك . وفي الحديث إشكال آخر سبق الجواب عنه في كتاب الصيام .
قوله : ( فأمر بصومه ) في رواية الكشميهني " ثم أمر بصومه "