[ ص: 326 ] قوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم . كتاب المغازي . باب غزوة العشيرة ) : بالشين المعجمة كذا لأبي ذر ، ولغيره تأخير البسملة عن قوله : " كتاب المغازي " وزادوا " باب غزوة العشيرة أو العسيرة " بالشك هل هي بالإهمال أو بالإعجام ، مكانها عند منزل الحج بينبع ، وليس بينها وبين البلد إلا الطريق . وخرج في خمسين ومائة وقيل : مائتين ، واستخلف فيها nindex.php?page=showalam&ids=233أبا سلمة بن عبد الأسد . والمغازي جمع مغزى ، يقال : غزا يغزو غزوا ومغزى والأصل غزوا والواحدة غزوة والميم زائدة ، وعن ثعلب الغزوة المرة والغزاة عمل سنة كاملة ، وأصل الغزو القصد ، ومغزى الكلام مقصده ، والمراد بالمغازي هنا ما وقع من قصد النبي - صلى الله عليه وسلم - الكفار بنفسه أو بجيش من قبله ، وقصدهم أعم من أن يكون إلى بلادهم أو إلى الأماكن التي حلوها حتى دخل مثل أحد والخندق .
قوله : ( قال ابن إسحاق : أول ما غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - الأبواء ثم بواط ثم العشيرة ) كذا للأكثر ، وسقط لأبي ذر إلا عن المستملي وحده لكنه ذكره آخر الباب ، والأبواء بفتح الهمزة وسكون الموحدة وبالمد قرية من عمل الفرع بينها وبين الجحفة من جهة المدينة ثلاثة وعشرون ميلا ، قيل : سميت بذلك لما كان فيها من الوباء وهي على القلب وإلا لقيل : الأوباء ، والذي وقع في مغازي ابن إسحاق ما صورته : غزوة ودان بتشديد المهملة ، قال : وهي أول غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من المدينة في صفر على رأس اثني عشر شهرا من مقدمه المدينة يريد قريشا ، فوادع بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة من كنانة ، وادعه رئيسهم مجدي بن عمرو الضمري ورجع [ ص: 327 ] بغير قتال . قال ابن هشام : وكان قد استعمل على المدينة سعد بن عبادة ا هـ . وليس بين ما وقع في السيرة وبين ما نقله nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن ابن إسحاق اختلاف ; لأن الأبواء وودان مكانان متقاربان بينهما ستة أميال أو ثمانية ، ولهذا وقع في حديث الصعب بن جثامة " وهو بالأبواء أو بودان " كما تقدم في كتاب الحج ، ووقع في " مغازي الأموي " حدثني أبي عن ابن إسحاق قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3503075خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - غازيا بنفسه حتى انتهى إلى ودان وهي الأبواء . وقال nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة : nindex.php?page=hadith&LINKID=3503076أول غزوة غزاها النبي - صلى الله عليه وسلم - - يعني بنفسه - الأبواء . وفي nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3503077أول غزاة غزوناها مع النبي الأبواء .
وأما بواط فبفتح الموحدة وقد تضم وتخفيف الواو وآخره مهملة : جبل من جبال جهينة بقرب ينبع ، قال ابن إسحاق . ثم غزا في شهر ربيع الأول يريد قريشا أيضا حتى بلغ بواط من ناحية رضوى ورجع ولم يلق أحدا ، ورضوى بفتح الراء وسكون المعجمة مقصور : جبل مشهور عظيم بينبع ، قال ابن هشام : وكان استعمل على المدينة nindex.php?page=showalam&ids=3321السائب بن عثمان بن مظعون ، وفي نسخة السائب بن مظعون ، وعليه جرى السهيلي ، وقال الواقدي : nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ .
وأما العشيرة فلم يختلف على أهل المغازي أنها بالمعجمة والتصغير وآخرها هاء ، قال ابن إسحاق : هي ببطن ينبع ، وخرج إليها جمادى الأولى يريد قريشا أيضا ، فوادع فيها بني مدلج من كنانة . قال ابن هشام : استعمل فيها على المدينة أبا مسلمة بن عبد الأسد . وذكر الواقدي أن هذه السفرات الثلاث كان يخرج فيها ليلتقي تجار قريش حين يمرون إلى الشام ذهابا وإيابا ، وسبب ذلك أيضا أنها كانت وقعة بدر وكذلك السرايا التي بعثها قبل بدر كما سيأتي ، قال ابن إسحاق : ولما رجع إلى المدينة لم يقم إلا ليالي حتى أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في طلبه حتى بلغ سفران - بفتح المهملة والفاء - من ناحية بدر ، فقاتله كرز بن جابر ، وهذه هي بدر الأولى ، وقد تقدم في العلم البيان عن سرية عبد الله بن جحش وأنه ومن معه لقوا ناسا من قريش راجعين بتجارة من الشام فقاتلوهم ، واتفق وقوع ذلك في رجب ، فقتلوا منهم وأسروا وأخذوا الذي كان معهم ، وكان أول قتل وقع في الإسلام وأول مال غنم ، وممن قتل عبد الله بن الحضرمي أخو عمرو بن الحضرمي الذي حرض به أبو جهل قريشا على القتال ببدر ، وقال الزهري : أول آية نزلت في القتال كما أخبرني عروة عن عائشة أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وإسناده [ ص: 328 ] صحيح ، وأخرج هو nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وصححه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال nindex.php?page=hadith&LINKID=3503080 " لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة قال أبو بكر : أخرجوا نبيهم ، ليهلكن . فنزلت أذن للذين يقاتلون الآية . قال ابن عباس : فهي أول آية أنزلت في القتال " وذكر غيره أنهم أذن لهم في قتال من قاتلهم بقوله تعالى : وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ثم أمروا بالقتال مطلقا بقوله تعالى : انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا الآية .
قوله : ( حدثنا وهب ) هو ابن جرير بن حازم ، وأبو إسحاق هو السبيعي .
قوله : ( فقيل له ) القائل هو الراوي أبو إسحاق بينه nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق كما سيأتي آخر المغازي بلفظ " سألت nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم " ويؤيده أيضا قوله في هذه الرواية آخرا " فأيهم " .
قوله : ( تسع عشرة ) كذا قال ومراده الغزوات التي خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بنفسه سواء قاتل أو لم يقاتل ، لكن روى أبو يعلى من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن جابر أن عدد الغزوات إحدى وعشرون وإسناده صحيح وأصله في مسلم ، فعلى هذا ففات nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم ذكر ثنتين منها ولعلهما الأبواء وبواط ، وكأن ذلك خفي عليه لصغره ، ويؤيد ما قلته ما وقع عند مسلم بلفظ " قلت : ما أول غزوة غزاها ؟ قال : ذات العشير أو العشيرة " ا هـ والعشيرة كما تقدم هي الثالثة ، وأما قول ابن التين : يحمل قول nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم على أن العشيرة أول ما غزا هو ، أي nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم ، فقلت : ما أول غزوة غزاها أي وأنت معه ؟ قال : العشير ، فهو محتمل أيضا ، ويكون قد خفي عليه ثنتان مما بعد ذلك . أو عد الغزوتين واحدة ، فقد قال nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة : nindex.php?page=hadith&LINKID=3503081 " قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه في ثمان : بدر ثم أحد ثم الأحزاب ثم المصطلق ثم خيبر ثم مكة ثم حنين ثم الطائف " ا هـ وأهمل غزوة قريظة ؛ لأنه ضمها إلى الأحزاب لكونها كانت في إثرها ، وأفردها غيره لوقوعها منفردة بعد هزيمة الأحزاب ، وكذا وقع لغيره عد الطائف وحنين واحدة لتقاربهما ، فيجتمع على هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم وقول جابر ، وقد توسع ابن سعد فبلغ عدة المغازي التي خرج فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه سبعا وعشرين ، وتبع في ذلك الواقدي ، وهو مطابق لما عده ابن إسحاق إلا أنه لم يفرد وادي القرى من خيبر ، أشار إلى ذلك السهيلي ، وكأن الستة الزائدة من هذا القبيل ، وعلى هذا يحمل ما أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال nindex.php?page=hadith&LINKID=3503082 " غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعا وعشرين " وأخرجه يعقوب بن سفيان عن سلمة بن شبيب عن عبد الرزاق فيه أن سعيدا قال أولا ثماني عشرة ثم قال أربعا وعشرين ، قال الزهري : فلا أدري أوهم أو كان شيئا سمعه بعد . قلت : وحمله على ما ذكرته يدفع الوهم ويجمع الأقوال والله أعلم . وأما البعوث والسرايا فعد ابن إسحاق ستا وثلاثين وعد الواقدي ثمانيا وأربعين . وحكى nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في " التلقيح " ستا وخمسين ، وعد المسعودي ستين ، وبلغها شيخنا في " نظم السيرة " زيادة على السبعين ، ووقع عند nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في " الإكليل " أنها تزيد على مائة فلعله أراد ضم المغازي إليها .
قوله : ( قلت فأيهم كان أول ) ؟ كذا للجميع ، قال ابن مالك : والصواب " فأيها " أو " أيهن " ووجهه بعضهم على أن المضاف محذوف والتقدير فأي غزوتهم ؟ قلت : وقد أخرجه الترمذي عن محمود بن غيلان عن nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير بالإسناد الذي ذكره المصنف بلفظ " قلت : فأيتهن " ؟ فدل على أن التعبير من nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أو من [ ص: 329 ] شيخه عبد الله بن محمد المسندي أو من شيخه nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير حدث به مرة على الصواب ومرة على غيره إن لم يصح له توجيه .
قوله : ( العشير أو العشيرة ) كذا بالتصغير والأول بالمعجمة بلا هاء والثانية بالمهملة وبالهاء ، ووقع في الترمذي العشير أو العسير بلا هاء فيهما .
قوله : ( فذكرت لقتادة ) القائل هو شعبة ، وقول قتادة " العشيرة " هو بالمعجمة وبإثبات الهاء ومنهم من حذفها ، وقول قتادة هو الذي اتفق عليه أهل السير وهو الصواب ، وأما غزوة العسيرة بالمهملة فهي غزوة تبوك قال الله تعالى : الذين اتبعوه في ساعة العسرة وسميت بذلك لما كان فيها من المشقة كما سيأتي بيانه ، وهي بغير تصغير ، وأما هذه فنسبت إلى المكان الذي وصلوا إليه واسمه العشير أو العشيرة يذكر ويؤنث وهو موضع ، وذكر ابن سعد أن المطلوب في هذه الغزاة هي عير قريش التي صدرت من مكة إلى الشام بالتجارة ففاتتهم ، وكانوا يترقبون رجوعها فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يتلقاها ليغنمها ، فبسبب ذلك كانت وقعة بدر ، قال ابن إسحاق : فإن السبب في غزوة بدر ما حدثني يزيد بن رومان عن عروة أن أبا سفيان كان بالشام في ثلاثين راكبا منهم مخرمة بن نوفل nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص ، فأقبلوا في قافلة عظيمة فيها أموال قريش ، فندب النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم ، وكان أبو سفيان يتجسس الأخبار فبلغه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استنفر أصحابه بقصدهم ، فأرسل ضمضم بن عمرو الغفاري إلى قريش بمكة يحرضهم على المجيء لحفظ أموالهم ويحذرهم المسلمين فاستنفرهم ضمضم ، فخرجوا في ألف راكب ومعهم مائة فرس ، واشتد حذر أبي سفيان فأخذ طريق الساحل وجد في السير حتى فات المسلمين ، فلما أمن أرسل إلى من يلقى قريشا يأمرهم بالرجوع ، فامتنع أبو جهل من ذلك ، فكان ما كان من وقعة بدر .