ثم ذكر المصنف حديث علي في قصة nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة ، وسيأتي شرح القصة في فتح مكة مستوفى وذكر البرقاني أن مسلما أخرج نحو هذا الحديث من طريق ابن عباس عن عمر مستوفى ، والمراد منه هنا الاستدلال على فضل أهل بدر بقوله - صلى الله عليه وسلم - المذكور ، وهي بشارة عظيمة لم تقع لغيرهم ، ووقع الخبر بألفاظ : منها " فقد غفرت لكم " ومنها " فقد وجبت لكم الجنة " ومنها " لعل الله اطلع " لكن قال العلماء : إن الترجي في كلام الله وكلام رسوله الموقوع وعند أحمد وأبي داود nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بالجزم ولفظه nindex.php?page=hadith&LINKID=889831إن الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وعند أحمد بإسناد على شرط مسلم من حديث جابر مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=889832لن يدخل النار أحد شهد بدرا .
وقد استشكل قوله : " اعملوا ما شئتم " فإن ظاهره أنه للإباحة وهو خلاف عقد الشرع ، وأجيب بأنه إخبار عن الماضي أي كل عمل كان لكم فهو مغفور ، ويؤيده أنه لو كان لما يستقبلونه من العمل لم يقع بلفظ الماضي ولقال فسأغفره لكم ، وتعقب بأنه لو كان للماضي لما حسن الاستدلال به في قصة حاطب ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - خاطب به عمر منكرا عليه ما قال في أمر حاطب ، وهذه القصة كانت بعد بدر بست سنين فدل على أن المراد ما سيأتي ، وأورده في لفظ الماضي مبالغة في تحقيقه . وقيل : إن صيغة الأمر في قوله : " اعملوا " للتشريف والتكريم والمراد عدم المؤاخذة بما يصدر منهم بعد ذلك ، وأنهم خصوا بذلك لما حصل لهم من الحال العظيمة التي اقتضت محو ذنوبهم السابقة ، وتأهلوا لأن يغفر الله لهم الذنوب اللاحقة إن وقعت ، أي كل ما عملتموه بعد هذه الواقعة من أي عمل كان فهو مغفور . وقيل : إن المراد ذنوبهم تقع إذا وقعت مغفورة . وقيل : هي بشارة بعدم وقوع الذنوب منهم ، وفيه نظر ظاهر لما سيأتي في قصة nindex.php?page=showalam&ids=121قدامة بن مظعون حين شرب الخمر في أيام عمر وحده عمر ، فهاجر بسبب ذلك ، فرأى عمر في المنام من يأمره بمصالحته ، وكان قدامة بدريا . والذي يفهم من سياق القصة الاحتمال الثاني وهو الذي فهمه أبو عبد الرحمن السلمي التابعي حيث قال لحيان بن عطية : قد علمت الذي جرأ صاحبك على الدماء ، وذكر له هذا الحديث ، وسيأتي ذلك في " باب استتابة المرتدين " . واتفقوا على أن البشارة المذكورة فيما يتعلق بأحكام الآخرة لا بأحكام الدنيا من إقامة الحدود وغيرها ، والله أعلم .