قوله : ( باب قوله تعالى : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) وقع في روايتنا " واتخذوا " بكسر الخاء على الأمر وهي إحدى القراءتين ، والأخرى بالفتح على الخبر ، والأمر دال على الوجوب ، لكن انعقد الإجماع على جواز الصلاة إلى جميع جهات الكعبة فدل على عدم التخصيص ، وهذا بناء على أن المراد بمقام إبراهيم الحجر الذي فيه أثر قدميه وهو موجود إلى الآن ، وقال مجاهد : المراد بمقام إبراهيم الحرم كله ، والأول أصح ، وقد ثبت دليله عند مسلم من حديث جابر ، وسيأتي عند المصنف أيضا .
قوله : ( مصلى ) أي قبلة قاله nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري وغيره ، وبه يتم الاستدلال . وقال مجاهد : أي مدعى يدعى عنده ، ولا يصح حمله على مكان الصلاة ; لأنه لا يصلى فيه بل عنده ، ويترجح قول الحسن بأنه جار على المعنى الشرعي ، واستدل المصنف على عدم التخصيص أيضا بصلاته - صلى الله عليه وسلم - داخل الكعبة ، فلو تعين استقبال المقام لما صحت هناك ; لأنه كان حينئذ غير مستقبله ، وهذا هو السر في إيراد حديث ابن عمر عن بلال في هذا الباب ، وقد روى الأزرقي في " أخبار مكة " بأسانيد صحيحة أن المقام كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر في الموضع الذي هو فيه الآن ، حتى جاء سيل في خلافة عمر فاحتمله حتى وجد بأسفل مكة ، فأتي به فربط إلى أستار الكعبة حتى قدم عمر فاستثبت في أمره حتى تحقق موضعه الأول فأعاده إليه وبنى حوله فاستقر ثم إلى الآن .
قوله : ( طاف بالبيت للعمرة ) كذا للأكثر ، وللمستملي والحموي " طاف بالبيت لعمرة " بحذف اللام من قوله " للعمرة " ولا بد من تقديرها ليصح الكلام .
قوله : ( أيأتي امرأته ) أي هل حل من إحرامه حتى يجوز له الجماع وغيره من محرمات الإحرام ؟ وخص إتيان المرأة بالذكر ; لأنه أعظم المحرمات في الإحرام ، وأجابهم ابن عمر بالإشارة إلى وجوب اتباع [ ص: 596 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - لا سيما في أمر المناسك ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=3502617خذوا عني مناسككم وأجابهم جابر بصريح النهي ، وعليه أكثر الفقهاء ، وخالف فيه ابن عباس فأجاز للمعتمر التحلل بعد الطواف وقبل السعي ، وسيأتي بسط ذلك في موضعه من كتاب الحج إن شاء الله تعالى .
والمناسب للترجمة من هذا الحديث قوله " وصلى خلف المقام ركعتين " وقد يشعر بحمل الأمر في قوله " واتخذوا " على تخصيص ذلك بركعتي الطواف ، وقد ذهب جماعة إلى وجوب ذلك خلف المقام كما سيأتي في مكانه في الحج إن شاء الله تعالى .