[ ص: 608 ] قوله : ( باب لا يبصق عن يمينه في الصلاة ) أورد فيه الحديث الذي قبله من طريق أخرى عن ابن شهاب ، ثم حديث أنس من طريق قتادة عنه مختصرا من روايته عن حفص بن عمر ، وليس فيهما تقييد ذلك بحالة الصلاة . نعم هو مقيد بذلك في رواية آدم الآتية في الباب الذي يليه ، وكذا في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة التقييد بذلك في رواية همام الآتية بعد ، فجرى المصنف في ذلك على عادته في التمسك بما ورد في بعض طرق الحديث الذي يستدل به وإن لم يكن ذلك في سياق حديث الباب ، وكأنه جنح إلى أن المطلق في الروايتين محمول على المقيد فيهما ، وهو ساكت عن حكم ذلك خارج الصلاة .
وقد جزم النووي بالمنع في كل حالة داخل الصلاة وخارجها سواء كان في المسجد أم غيره ، وقد نقل عن مالك أنه قال : لا بأس به ، يعني خارج الصلاة .
ويشهد للمنع ما رواه عبد الرزاق وغيره عن ابن مسعود أنه كره أن يبصق عن يمينه وليس في صلاة . وعن معاذ بن جبل قال : ما بصقت عن يميني منذ أسلمت . وعن عمر بن عبد العزيز أنه نهى ابنه عنه مطلقا .
وكأن الذي خصه بحالة الصلاة أخذه من علة النهي المذكورة في رواية همام عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة حيث قال " فإن عن يمينه ملكا " هذا إذا قلنا إن المراد بالملك غير الكاتب والحافظ ، فيظهر حينئذ اختصاصه بحالة الصلاة . وسيأتي البحث في ذلك إن شاء الله تعالى .
وقال القاضي عياض : النهي عن البصاق عن اليمين في الصلاة إنما هو مع إمكان غيره ، فإن تعذر فله ذلك ، قلت : لا يظهر وجود التعذر مع وجود الثوب الذي هو لابسه ، وقد أرشده الشارع إلى التفل فيه كما تقدم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : إن كان عن يساره أحد فلا يبزق في واحد من الجهتين ، لكن تحت قدمه أو ثوبه . قلت : وفي حديث طارق المحاربي عند أبي داود ما يرشد لذلك ، فإنه قال فيه : أو تلقاء شمالك إن كان فارغا . وإلا فهكذا ، وبزق تحت رجله ودلك . ولعبد الرزاق من طريق عطاء عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة نحوه ، ولو كان تحت رجله مثلا شيء مبسوط أو نحوه تعين الثوب ، ولو فقد الثوب مثلا فلعل بلعه أولى من ارتكاب المنهي عنه . والله أعلم .
( تنبيه ) : أخذ المصنف كون حكم النخامة والبصاق واحدا من أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى النخامة فقال لا يبزقن فدل على تساويهما . والله أعلم .