قوله : ( عن عبد الله بن أبي حسين ) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين بن الحارث النوفلي ، تابعي صغير مشهور نسب هنا لجده .
قوله : ( قدم مسيلمة الكذاب على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ) أي المدينة ، ومسيلمة مصغر بكسر اللام ابن ثمامة بن كبير بموحدة ابن حبيب بن الحارث من بني حنيفة . قال ابن إسحاق : ادعى النبوة سنة عشر ، وزعم وثيمة في " كتاب الردة " أن مسيلمة لقب واسمه ثمامة ، وفيه نظر لأن كنيته أبو ثمامة ، فإن كان محفوظا فيكون ممن توافقت كنيته واسمه ، وسياق هذه القصة يخالف ما ذكره ابن إسحاق أنه قدم مع وفد قومه ، وأنهم تركوه في رحالهم يحفظها لهم ، وذكروه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وأخذوا منه جائزته ، وأنه قال لهم إنه ليس بشركم وأن مسيلمة لما ادعى أنه أشرك في النبوة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتج بهذه المقالة ، وهذا مع شذوذه ضعيف السند لانقطاعه .
وأمر مسيلمة كان عند قومه أكثر من ذلك ، فقد كان يقال له : رحمان اليمامة لعظم قدره فيهم ، وكيف يلتئم هذا الخبر الضعيف مع قوله في هذا الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اجتمع به وخاطبه وصرح له بحضرة قومه أن لو سأله القطعة الجريدة ما أعطاه ، ويحتمل أن يكون مسيلمة قدم مرتين الأولى كان تابعا وكان رئيس بني حنيفة غيره ولهذا أقام في حفظ رحالهم ، ومرة متبوعا وفيها خاطبه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو القصة واحدة وكانت إقامته في رحالهم باختياره أنفة منه واستكبارا أن يحضر مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعامله النبي - صلى الله عليه وسلم - معاملة الكرم على عادته في الاستئلاف ، فقال لقومه : إنه ليس بشركم أي بمكان ، لكونه كان يحفظ رحالهم ، وأراد استئلافه بالإحسان بالقول والفعل ، فلما لم يفد مسيلمة توجه بنفسه إليهم ليقيم عليهم الحجة ويعذر إليه بالإنذار والعلم عند الله تعالى . ويستفاد من هذه القصة أن الإمام يأتي بنفسه إلى من قدم يريد لقاءه من الكفار إذا تعين ذلك طريقا لمصلحة المسلمين .
قوله : ( إن جعل لي محمد الأمر من بعده ) أي الخلافة ; وسقط لفظ " الأمر " هنا عند الأكثر وهو مقدر ، وقد ثبتت في رواية ابن السكن وثبتت أيضا في الرواية المتقدمة في علامات النبوة .
قوله : ( وقدمها في بشر كثير ) ذكر الواقدي كما تقدم أن عدد من كان مع مسيلمة من قومه سبعة عشر نفسا ، فيحتمل تعدد القدوم كما تقدم .
قوله : ( ولن تعدو أمر الله ) كذا للأكثر ، ولبعضهم لن تعد بالجزم وهو لغة ، أي الجزم بلن ، والمراد بأمر الله حكمه . وقوله : " ولئن أدبرت " أي خالفت الحق ، وقوله : " ليعقرنك " بالقاف أي يهلكك .
قوله : ( أريت ) بضم أوله وكسر الراء من رؤيا المنام ، وقد فسره ابن عباس عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وهو الحديث الثالث ، وسيأتي شرحه في تعبير الرؤيا إن شاء الله تعالى .
قوله : ( من ذهب ) من لبيان الجنس لقوله تعالى : وحلوا أساور من فضة ووهم من قال : الأساور لا تكون إلا من ذهب فإن كانت من فضة فهي القلب .
قوله : ( فأهمني شأنهما ) في رواية همام التي بعدها " فكبرا علي " .
قوله : ( أحدهما العنسي ) بالمهملة ثم نون ساكنة ثم سين مهملة وهو الأسود ، وهو صاحب صنعاء كما في الرواية الثانية ، وسأذكر شأنه في الباب الذي بعده إن شاء الله تعالى ، ويؤخذ من هذه القصة منقبة للصديق رضي الله عنه ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تولى نفخ السوارين بنفسه حتى طارا ، فأما الأسود فقتل في زمنه ، وأما مسيلمة فكان القائم عليه حتى قتله أبو بكر الصديق فقام مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ، ويؤخذ منه أن السوار وسائر آلات أنواع الحلي اللائقة بالنساء تعبير للرجال بما يسوءهم ولا يسرهم ، وسيأتي مزيد لذلك في كتاب التعبير إن شاء الله تعالى .