قوله : ( باب دفن النخامة في المسجد ) أي جواز ذلك ، وأورد فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة من طريق همام عنه بلفظ " إذا قام أحدكم إلى الصلاة " ثم قال في آخره " فيدفنها " فأشعر قوله في الترجمة في المسجد بأنه فهم من قوله " إلى الصلاة " أن ذلك يختص بالمسجد ، لكن اللفظ أعم من ذلك . وقيل : إنما ترجم الذي قبله [ ص: 611 ] بالكفارة وهذا بالدفن إشعارا بالتفرقة بين المتعمد بلا حاجة - وهو الذي أثبت عليه الخطيئة - وبين من غلبته النخامة وهو الذي أذن له في الدفن أو ما يقوم مقامه .
قوله : ( فإنما يناجي ) للكشميهني " فإنه " .
قوله : ( ما دام في مصلاه ) يقتضي تخصيص المنع بما إذا كان في الصلاة ، لكن التعليل المتقدم بأذى المسلم يقتضي المنع في جدار المسجد مطلقا ولو لم يكن في صلاة ، فيجمع بأن يقال : كونه في الصلاة أشد إثما مطلقا ، وكونه في جدار القبلة أشد إثما من كونه في غيرها من جدر المسجد ، فهي مراتب متفاوتة مع الاشتراك في المنع .
قوله : ( فإن عن يمينه ملكا ) تقدم أن ظاهره اختصاصه بحالة الصلاة ، فإن قلنا : المراد بالملك الكاتب فقد استشكل اختصاصه بالمنع مع أن عن يساره ملكا آخر ، وأجيب باحتمال اختصاص ذلك بملك اليمين تشريفا له وتكريما ، هكذا قاله جماعة من القدماء ولا يخفى ما فيه . وأجاب بعض المتأخرين بأن الصلاة أم الحسنات البدنية فلا دخل لكاتب السيئات فيها ، ويشهد له ما رواه ابن أبي شيبة من حديث حذيفة موقوفا في هذا الحديث قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=883951ولا عن يمينه ، فإن عن يمينه كاتب الحسنات " .
قوله : ( فيدفنها ) قال ابن أبي جمرة : لم يقل يغطيها ; لأن التغطية يستمر الضرر بها إذ لا يأمن أن يجلس غيره عليها فتؤذيه ، بخلاف الدفن فإنه يفهم منه التعميق في باطن الأرض ، وقال النووي في الرياض : المراد بدفنها ما إذا كان المسجد ترابيا أو رمليا ، فأما إذا كان مبلطا مثلا فدلكها عليه بشيء مثلا فليس ذلك بدفن بل زيادة في التقذير . قلت : لكن إذا لم يبق لها أثر البتة فلا مانع ، وعليه يحمل قوله في حديث عبد الله بن الشخير المتقدم " ثم دلكه بنعله " وكذا قوله في حديث طارق عند أبي داود " وبزق تحت رجله ودلك " .
( فائدة ) : قال القفال في فتاويه : هذا الحديث محمول على ما يخرج من الفم أو ينزل من الرأس ، أما ما يخرج من الصدر فهو نجس فلا يدفن في المسجد ا هـ . وهذا على اختياره ، لكن يظهر التفصيل فيما إذا كان طرفا من قيء ، وكذا إذا خالط البزاق دم . والله أعلم .