[ ص: 612 ] قوله : ( باب إذا بدره البزاق ) أنكر السروجي قوله " بدره " وقال : المعروف في اللغة بدرت إليه وبادرته ، وأجيب بأنه يستعمل في المغالبة فيقال : بادرت كذا فبدرني أي سبقني ، واستشكل آخرون التقييد في الترجمة بالمبادرة ، مع أنه لا ذكر لها في الحديث الذي ساقه ، وكأنه أشار إلى ما في بعض طرق الحديث المذكور وهو ما رواه مسلم من حديث جابر بلفظ " وليبصق عن يساره وتحت رجله اليسرى ، فإن عجلت به بادرة فليقل بثوبه هكذا ثم طوى بعضه على بعض " nindex.php?page=showalam&ids=12508ولابن أبي شيبة وأبي داود من حديث أبي سعيد نحوه وفسره في رواية أبي داود " بأن يتفل في ثوبه ثم يرد بعضه على بعض " والحديثان صحيحان لكنهما ليسا على شرط nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، فأشار إليهما بأن حمل الأحاديث التي لا تفصيل فيها على ما فصل فيهما . والله أعلم .
وقد تقدم الكلام على حديث أنس قبل خمسة أبواب ، وقوله هنا " ورئي منه " بضم الراء بعدها واو مهموزة ، أي من النبي - صلى الله عليه وسلم - و " كراهيته " بالرفع أي ذلك الفعل ، وقوله " أو رئي " شك من الراوي وقوله " وشدته " بالرفع عطفا على كراهيته ويجوز الجر عطفا على قوله " لذلك " .
وفي الأحاديث المذكورة من الفوائد - غير ما تقدم - الندب إلى إزالة ما يستقذر أو يتنزه عنه من المسجد ، وتفقد الإمام أحوال المساجد وتعظيمها وصيانتها ، وأن للمصلي أن يبصق وهو في الصلاة ولا تفسد صلاته ، وأن النفخ والتنحنح في الصلاة جائزان ; لأن النخامة لا بد أن يقع معها شيء من نفخ أو تنحنح ، ومحله ما إذا لم يفحش ولم يقصد صاحبه العبث ولم يبن منه مسمى كلام وأقله حرفان أو حرف ممدود ، واستدل به المصنف على جواز النفخ في الصلاة كما سيأتي في أواخر كتاب الصلاة ، والجمهور على ذلك ، لكن بالشرط المذكور قبل . وقال أبو حنيفة : إن كان النفخ يسمع فهو بمنزلة الكلام يقطع الصلاة ، واستدلوا له بحديث عن أم سلمة عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وبأثر عن ابن عباس عند ابن أبي شيبة . وفيها أن البصاق طاهر ، وكذا النخامة والمخاط خلافا لمن يقول : كل ما تستقذره النفس حرام ، ويستفاد منه أن التحسين والتقبيح إنما هو بالشرع ، فإن جهة اليمين مفضلة على اليسار ، وأن اليد مفضلة على القدم . وفيها الحث على الاستكثار من الحسنات وإن كان صاحبها مليا لكونه - صلى الله عليه وسلم - باشر الحك بنفسه ، وهو دال على عظم تواضعه ، زاده الله تشريفا وتعظيما - صلى الله عليه وسلم - .