قوله : من كان عدوا لجبريل قيل سبب عداوة اليهود لجبريل أنه أمر باستمرار النبوة فيهم فنقلها لغيرهم ، وقيل لكونه يطلع على أسرارهم . قلت : وأصح منهما ما سيأتي بعد قليل لكونه الذي ينزل عليهم بالعذاب .
قوله : ( قال : عكرمة : جبر وميك وسراف : عبد ، إيل : الله ) وصله الطبري في طريق عاصم عنه قال : جبريل عبد الله ، وميكائيل عبد الله ، إيل : الله . ومن وجه آخر عن عكرمة : جبر عبد ، وميك عبد ، وإيل الله . ومن طريق يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس نحو الأول وزاد : وكل اسم فيه إيل فهو الله . ومن طريق عبد الله بن الحارث البصري أحد التابعين قال : إيل الله بالعبرانية . ومن طريق علي بن الحسين قال : اسم جبريل عبد الله وميكائيل عبيد الله يعني بالتصغير وإسرافيل عبد الرحمن وكل اسم فيه إيل فهو معبد لله . وذكر عكس هذا وهو أن إيل معناه عبد وما قبله معناه اسم لله كما تقول : عبد الله وعبد الرحمن وعبد الرحيم فلفظ عبد لا يتغير وما بعده يتغير لفظه وإن كان المعنى واحدا ، ويؤيده أن الاسم المضاف في لغة غير العرب غالبا يتقدم فيه المضاف إليه على المضاف . وقال : الطبري وغيره : في جبريل لغات ، فأهل الحجاز يقولون بكسر الجيم بغير همز وعلى ذلك عامة القراء وبنو أسد مثله لكن آخره نون ، وبعض أهل نجد وتميم وقيس يقولون جبرئيل بفتح الجيم والراء بعدها همزة [ ص: 16 ] وهي قراءة حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وأبي بكر وخلف واختيار أبي عبيد ، وقراءة يحيى بن وثاب وعلقمة مثله لكن بزيادة ألف ، وقراءة nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم مثله لكن بغير ياء ، وذكر عن الحسن وابن كثير أنهما قرآ كالأول لكن بفتح الجيم ، وهذا الوزن ليس في كلام العرب فزعم بعضهم أنه اسم أعجمي وعن nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر جبرئيل بفتح الجيم والراء بعدها همزة مكسورة وتشديد اللام . ثم ذكر حديث أنس في قصة nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام وقد تقدمت قبيل كتاب المغازي ، وتقدم معظم شرحها هناك . وقوله ذاك عدو اليهود في الملائكة فقرأ هذه الآية من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك ظاهر السياق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي قرأ الآية ردا لقول اليهود . ولا يستلزم ذلك نزولها حينئذ وهذا هو المعتمد ، فقد روى أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في سبب نزول الآية قصة غير قصة nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام ، فأخرجوا من طريق بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس " أقبلت يهود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا أبا القاسم ، إنا نسألك عن خمسة أشياء ، فإن أنبأتنا بها عرفنا أنك نبي واتبعناك - فذكر الحديث وفيه - أنهم سألوه عما حرم إسرائيل على نفسه ، وعن علامة النبوة ، وعن الرعد وصوته وكيف تذكر المرأة وتؤنث ، وعمن يأتيه بالخبر من السماء فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه " وفي رواية لأحمد nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب عن ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=890392عليكم عهد الله لئن أنا أنبأتكم لتبايعني ؟ فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق فذكر الحديث لكن ليس فيه السؤال عن الرعد . وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب nindex.php?page=hadith&LINKID=890393لما سألوه عمن يأتيه من الملائكة قال : جبريل ، قال : ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه . فقالوا : فعندها نفارقك ، لو كان وليك سواه من الملائكة لبايعناك وصدقناك . قال : فما منعكم أن تصدقوه ؟ قالوا : إنه عدونا ، فنزلت وفي رواية بكير بن شهاب " قالوا جبريل ينزل بالحرب والقتل والعذاب ، لو كان ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر " فنزلت وروى الطبري من طريق الشعبي " أن عمر كان يأتي اليهود فيسمع من التوراة فيتعجب كيف تصدق ما في القرآن ، قال : فمر بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت نشدتكم بالله أتعلمون أنه رسول الله ؟ فقال له عالمهم : نعم نعلم أنه رسول الله . قال : فلم لا تتبعونه ؟ قالوا : إن لنا عدوا من الملائكة وسلما ، وإنه قرن بنبوته من الملائكة عدونا " فذكر الحديث وأنه لحق النبي - صلى الله عليه وسلم - فتلا عليه الآية . وأورده من طريق قتادة عن عمر نحوه . وأورد ابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري أيضا من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى " أن يهوديا لقي عمر فقال : إن جبريل الذي يذكره صاحبكم عدو لنا . فقال : عمر : من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين . فنزلت على وفق ما قال " وهذه طرق يقوي بعضها بعضا ، ويدل على أن سبب نزول الآية قول اليهودي المذكور لا قصة nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال له nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام : إن جبريل عدو اليهود ، تلا عليه الآية مذكرا له سبب نزولها والله أعلم . وحكى الثعلبي عن ابن عباس أن سبب عداوة اليهود لجبريل أن نبيهم أخبرهم أن بختنصر سيخرب بيت المقدس ، فبعثوا رجلا ليقتله فوجده شابا ضعيفا فمنعه جبريل من قتله وقال له : إن كان الله أراد هلاككم على يده فلن تسلط عليه . وإن كان غيره فعلى أي حق تقتله ؟ فتركه ، فكبر بختنصر وغزا بيت المقدس فقتلهم وخربه ، فصاروا يكرهون جبريل لذلك ، وذكر أن الذي خاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك هو عبد الله بن صوريا .
وقوله " أما أول أشراط الساعة فنار " يأتي شرح ذلك في أواخر كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى .