[ ص: 628 ] قوله : ( باب الصلاة في مواضع الإبل ) كأنه يشير إلى أن الأحاديث الواردة في التفرقة بين الإبل والغنم ليست على شرطه ، لكن لها طرق قوية : منها حديث nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة عند مسلم ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب عند أبي داود ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند الترمذي ، وحديث عبد الله بن مغفل عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، وحديث سبرة بن معبد عن ابن ماجه ، وفي معظمها التعبير " بمعاطن الإبل " . ووقع في حديث nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة والبراء " مبارك الإبل " ، ومثله في حديث سليك عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، وفي حديث سبرة وكذا في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند الترمذي " أعطان الإبل " وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=14493أسيد بن حضير عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني " مناخ الإبل " وفي حديث عبد الله بن عمرو أحمد " مرابد الإبل " ، فعبر المصنف بالمواضع ; لأنها أشمل ، والمعاطن أخص من المواضع ; لأن المعاطن مواضع إقامتها عند الماء خاصة .
وقد ذهب بعضهم إلى أن النهي خاص بالمعاطن دون غيرها من الأماكن التي تكون فيها الإبل ، وقيل هو مأواها مطلقا نقله صاحب المغني عن أحمد ، وقد نازع nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي المصنف في استدلاله بحديث ابن عمر المذكور بأنه لا يلزم من الصلاة إلى البعير وجعله سترة عدم كراهية الصلاة في مبركه ، وأجيب بأن مراده الإشارة إلى ما ذكر من علة النهي عن ذلك وهي كونها من الشياطين كما في حديث عبد الله بن مغفل فإنها خلقت من الشياطين ، ونحوه في حديث البراء ، كأنه يقول : لو كان ذلك مانعا من صحة الصلاة لامتنع مثله في جعلها أمام المصلي ، وكذلك صلاة راكبها ، وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي النافلة وهو على بعيره كما سيأتي في أبواب الوتر ، وفرق بعضهم بين الواحد منها وبين كونها مجتمعة لما طبعت عليه من النفار المفضي إلى تشويش قلب المصلي ، بخلاف الصلاة على المركوب منها أو إلى جهة واحد معقول ، وسيأتي بقية الكلام على حديث ابن عمر في أبواب سترة المصلي إن شاء الله تعالى .
وقيل علة النهي في التفرقة بين الإبل والغنم بأن عادة أصحاب الإبل التغوط بقربها فتنجس أعطانها وعادة أصحاب الغنم تركه ، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي عن شريك واستبعده ، وغلط أيضا من قال إن ذلك بسبب ما يكون في معاطنها من أبوالها وأرواثها ; لأن مرابض الغنم تشركها في ذلك ، وقال : إن النظر يقتضي عدم التفرقة بين الإبل والغنم في الصلاة وغيرها كما هو مذهب أصحابه . وتعقب بأنه مخالف للأحاديث الصحيحة المصرحة بالتفرقة فهو قياس فاسد الاعتبار ، وإذا ثبت الخبر بطلت معارضته بالقياس اتفاقا ، لكن جمع بعض الأئمة بين عموم قوله " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " وبين أحاديث الباب بحملها على كراهة التنزيه وهذا أولى . والله أعلم .
( تكملة ) : وقع في مسند أحمد من حديث عبد الله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في مرابض الغنم ولا يصلي في مرابض الإبل والبقر ، وسنده ضعيف ، فلو ثبت لأفاد أن حكم البقر حكم الإبل ، بخلاف ما ذكره ابن المنذر أن البقر في ذلك كالغنم .