قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله ) هو ابن عمر .
قوله : ( لما توفي عبد الله بن أبي ) ذكر الواقدي ثم nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في " الإكليل " أنه مات بعد منصرفهم من تبوك وذلك في ذي القعدة سنة تسع ، وكانت مدة مرضه عشرين يوما ابتداؤها من ليال بقيت من شوال ، قالوا : وكان قد تخلف هو ومن تبعه من غزوة تبوك ، وفيهم نزلت لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا وهذا يدفع قول ابن التين أن هذه القصة كانت في أول الإسلام قبل تقرير الأحكام .
قوله : ( جاء ابنه عبد الله بن عبد الله ) وقع في رواية الطبري من طريق الشعبي : لما احتضر عبد الله جاء ابنه عبد الله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا نبي الله إن أبي قد احتضر فأحب أن تشهده وتصلي عليه ، قال : ما اسمك ؟ قال : الحباب - يعني بضم المهملة وموحدتين مخففا - قال : بل أنت عبد الله الحباب اسم الشيطان . وكان nindex.php?page=showalam&ids=4897عبد الله بن عبد الله بن أبي هذا من فضلاء الصحابة وشهد بدرا وما بعدها واستشهد يوم اليمامة في خلافة nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق ، ومن مناقبه nindex.php?page=hadith&LINKID=890520أنه بلغه بعض مقالات أبيه فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأذنه في قتله ، قال : بل أحسن صحبته ، أخرجه ابن منده من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بإسناد حسن ، وفي nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من طريق عروة بن الزبير عن nindex.php?page=showalam&ids=4897عبد الله بن عبد الله بن أبي أنه استأذن نحوه ، وهذا منقطع لأن عروة لم يدركه وكأنه كان يحمل أمر أبيه على ظاهر الإسلام فلذلك التمس من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحضر عنده ويصلي عليه ، ولا سيما وقد ورد ما يدل على أنه فعل ذلك بعهد من أبيه ، ويؤيد ذلك ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري من طريق سعيد كلاهما عن قتادة قال أرسل عبد الله بن أبي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما دخل عليه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=890521أهلكك حب يهود ، فقال : يا رسول الله إنما أرسلت إليك لتستغفر لي ولم أرسل إليك لتوبخني . ثم سأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه فأجابه وهذا مرسل مع ثقة رجاله ، ويعضده ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال nindex.php?page=hadith&LINKID=890522لما مرض عبد الله بن أبي جاءه النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلمه فقال : قد فهمت ما تقول ، فامنن علي فكفني في قميصك وصل علي ففعل وكأن عبد الله بن أبي أراد بذلك دفع العار عن ولده وعشيرته بعد موته فأظهر الرغبة في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ووقعت إجابته إلى سؤاله بحسب ما ظهر من حاله إلى أن كشف الله الغطاء عن ذلك كما سيأتي ، وهذا من أحسن الأجوبة فيما يتعلق بهذه القصة .
[ ص: 186 ] قوله : ( فقال : يا رسول الله أتصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه ) كذا في هذه الرواية إطلاق النهي عن الصلاة ، وقد استشكل جدا حتى أقدم بعضهم فقال : هذا وهم من بعض رواته ، وعاكسه غيره فزعم أن عمر اطلع على نهي خاص في ذلك . وقال القرطبي : لعل ذلك وقع في خاطر عمر فيكون من قبيل الإلهام ، ويحتمل أن يكون فهم ذلك من قوله : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين .
قلت : الثاني يعني ما قاله القرطبي أقرب من الأول ، لأنه لم يتقدم النهي عن الصلاة على المنافقين ، بدليل أنه قال في آخر هذا الحديث " قال فأنزل الله ولا تصل على أحد منهم " والذي يظهر أن في رواية الباب تجوزا بينته الرواية التي في الباب بعده من وجه آخر عن عبيد الله بن عمر بلفظ " nindex.php?page=hadith&LINKID=890524فقال تصلي عليه وقد نهاك الله أن تستغفر لهم " وروى عبد بن حميد والطبري من طريق الشعبي عن ابن عمر عن عمر قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=890525أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي على عبد الله بن أبي فأخذت بثوبه فقلت : والله ما أمرك الله بهذا ، لقد قال : إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم " ووقع عند ابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس فقال عمر : nindex.php?page=hadith&LINKID=890526أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه ؟ قال : أين ؟ قال قال : استغفر لهم الآية ، وهذا مثل رواية الباب ، فكأن عمر قد فهم من الآية المذكورة ما هو الأكثر الأغلب من لسان العرب من أن " أو " ليست للتخيير ، بل للتسوية في عدم الوصف المذكور أي أن الاستغفار لهم وعدم الاستغفار سواء ، وهو كقوله تعالى : سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لكن الثانية أصرح ، ولهذا ورد أنها نزلت بعد هذه القصة كما سأذكره ، وفهم عمر أيضا من قوله : ( سبعين مرة ) أنها للمبالغة وأن العدد المعين لا مفهوم له ، بل المراد نفي المغفرة لهم ولو كثر الاستغفار ، فيحصل من ذلك النهي عن الاستغفار فأطلقه ، وفهم أيضا أن المقصود الأعظم من الصلاة على الميت طلب المغفرة للميت والشفاعة له فلذلك استلزم عنده النهي عن الاستغفار ترك الصلاة ، فلذلك جاء عنه في هذه الرواية إطلاق النهي عن الصلاة ، ولهذه الأمور استنكر إرادة الصلاة على عبد الله بن أبي . هذا تقرير ما صدر عن عمر مع ما عرف من شدة صلابته في الدين وكثرة بغضه للكفار والمنافقين ، وهو القائل في حق nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة مع ما كان له من الفضل كشهوده بدرا وغير ذلك لكونه كاتب قريشا قبل الفتح " nindex.php?page=hadith&LINKID=890527دعني يا رسول الله أضرب عنقه فقد نافق " فلذلك أقدم على كلامه للنبي - صلى الله عليه وسلم - بما قال ، ولم يلتفت إلى احتمال إجراء الكلام على ظاهره لما غلب عليه من الصلابة المذكورة . قال الزين بن المنير : وإنما قال ذلك عمر حرصا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ومشورة لا إلزاما ، وله عوائد بذلك ، ولا يبعد أن يكون النبي كان أذن له في مثل ذلك فلا يستلزم ما وقع من عمر أنه اجتهد مع وجود النص كما تمسك به قوم في جواز ذلك ، وإنما أشار بالذي ظهر له فقط ، ولهذا احتمل منه النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذه بثوبه ومخاطبته له في مثل ذلك المقام ، حتى التفت إليه متبسما كما في حديث ابن عباس بذلك في هذا الباب .
قوله : ( قال إنه منافق فصلى عليه ) أما جزم عمر بأنه منافق فجرى على ما كان يطلع عليه من أحواله : وإنما لم يأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله وصلى عليه إجراء له على ظاهر حكم الإسلام كما تقدم تقريره ، واستصحابا لظاهر الحكم ، ولما فيه من إكرام ولده الذي تحققت صلاحيته ، ومصلحة الاستئلاف لقومه ودفع المفسدة ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول الأمر يصبر على أذى المشركين ويعفو ويصفح ، ثم أمر بقتال المشركين فاستمر صفحه وعفوه عما يظهر الإسلام ولو كان باطنه على خلاف ذلك لمصلحة الاستئلاف وعدم التنفير عنه ، ولذلك قال nindex.php?page=hadith&LINKID=884238لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه فلما حصل الفتح ودخل المشركون في الإسلام وقل أهل الكفر وذلوا أمر بمجاهرة المنافقين وحملهم على حكم مر الحق ، ولا سيما وقد كان ذلك قبل نزول النهي الصريح عن الصلاة على المنافقين وغير ذلك مما أمر فيه بمجاهرتهم ، وبهذا التقرير يندفع الإشكال عما وقع في هذه القصة بحمد الله تعالى . قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : إنما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع عبد الله بن أبي ما فعل لكمال شفقته على من تعلق بطرف من الدين ، ولتطييب قلب ولده عبد الله الرجل الصالح ، ولتألف قومه من الخزرج لرياسته فيهم ، فلو لم يجب سؤال ابنه وترك الصلاة عليه قبل ورود النهي الصريح لكان سبة على ابنه وعارا على قومه ، فاستعمل أحسن الأمرين في السياسة إلى أن نهي فانتهى . وتبعه ابن بطال وعبر بقوله : ورجا أن يكون معتقدا لبعض ما كان يظهر في الإسلام . وتعقبه وابن المنير بأن الإيمان لا يتبعض . وهو كما قال ، لكن مراد ابن بطال أن إيمانه كان ضعيفا . قلت : وقد مال بعض أهل الحديث إلى تصحيح إسلام عبد الله بن أبي لكون النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى عليه ، وذهل عن الوارد من الآيات والأحاديث المصرحة في حقه بما ينافي ذلك ، ولم يقف على جواب شاف في ذلك ، فأقدم على الدعوى المذكورة . وهو محجوج بإجماع من قبله على نقيض ما قال ، وإطباقهم على ترك ذكره في كتب الصحابة مع شهرته وذكر من هو دونه في الشرف والشهرة بأضعاف مضاعفة . وقد أخرج الطبري من طريق سعيد عن قتادة في هذه القصة قال : فأنزل الله تعالى ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره قال : فذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : وما يغني عنه قميصي من الله ، وإني لأرجو أن يسلم بذلك ألف من قومه .