قوله : ( سورة يوسف - بسم الله الرحمن الرحيم ) سقطت البسملة لغير أبي ذر .
قوله : ( وقال فضيل عن حصين عن مجاهد متكأ الأترج بالحبشية متكا ) كذا لأبي ذر ، ولغيره : متكا الأترج . قال فضيل : الأترج بالحبشية متكا . وهذا وصله ابن أبي حاتم من طريق يحيى بن يمان عن nindex.php?page=showalam&ids=14919فضيل بن عياض . وأما روايته عن حصين فرويناه في مسند مسدد رواية معاذ بن المثنى عنه عن فضيل عن حصين عن مجاهد في قوله تعالى وأعتدت لهن متكأ قال : أترج . ورويناه في تفسير ابن مردويه من هذا الوجه فزاد فيه عن [ ص: 209 ] مجاهد عن ابن عباس ، ومن طريقه أخرجه الحافظ الضياء في المختارة ، وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله : وأعتدت لهن متكأ قال : طعاما .
قوله : ( وقال ابن عيينة : عن رجل عن مجاهد متكا كل شيء قطع بالسكين ) هكذا رويناه في " تفسير ابن عيينة " رواية سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عنه بهذا ، وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن مجاهد : المتكأ بالتثقيل الطعام وبالتخفيف الأترج ، والرواية الأولى عنه أعم .
قوله : ( يقال بلغ أشده قبل أن يأخذ في النقصان . ويقال بلغوا أشدهم . وقال بعضهم واحدها شد . والمتكأ ما اتكأت عليه لشراب أو لحديث أو لطعام وأبطل الذي قال الأترج ، وليس في كلام العرب الأترج ، فلما احتج عليهم بأن المتكأ من نمارق فروا إلى شر منه وقالوا إنما هو المتك ساكنة التاء ، وإنما المتك طرف البظر ومن ذلك قيل لها متكاء وابن المتكاء ، فإن كان ثم أترج فإنه بعد المتكأ ) قلت : وقع هذا متراخيا عما قبله عند الأكثر ، والصواب إيراده تلوه ، فأما الكلام على الأشد فقال أبو عبيدة هو جمع لا واحد له من لفظه ، وحكى الطبري أنه واحد لا نظير له في الآحاد ، وقال سيبويه واحده شدة ، وكذا قال الكسائي لكن بلا هـاء . واختلف النقلة في قدر الأشد الذي بلغه يوسف فالأكثر أنه الحلم ، وعن سعيد بن جبير ثمان عشرة وقيل سبع عشرة وقيل عشرون وقيل خمسة وعشرون وقيل ما بين ثمان عشرة إلى ثلاثين ، وفي غيره قيل الأكثر أربعون وقيل ثلاثون وقيل ثلاثة وثلاثون وقيل خمسة وثلاثون وقيل ثمانية وأربعون وقيل ستون ، وقال ابن التين : الأظهر أنه أربعون لقوله تعالى ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكان النبي لا ينبأ حتى يبلغ أربعين ، وتعقب بأن عيسى - عليه السلام - نبئ لدون أربعين ويحيى كذلك لقوله تعالى وآتيناه الحكم صبيا وسليمان لقوله تعالى ففهمناها سليمان إلى غير ذلك . والحق أن المراد بالأشد بلوغ سن الحلم . ففي حق يوسف - عليه السلام - ظاهر ولهذا جاء بعده وراودته التي هو في بيتها وفي حق موسى - عليه السلام - لعله بعد ذلك كبلوغ الأربعين ولهذا جاء بعده ( واستوى ) ووقع في قوله آتيناه حكما وعلما في الموضعين فدل على أن الأربعين ليست حدا لذلك . وأما المتكأ فقال أبو عبيدة أعتدت أفعلت من العتاد ومعناه أعتدت لهن متكأ أي نمرقا يتكأ عليه ، وزعم قوم أنه الترنج وهذا أبطل باطل في الأرض ، ولكن عسى أن يكون مع المتكأ ترنج يأكلونه ، ويقال ألقى له متكأ يجلس عليه انتهى . وقوله " ليس في كلام العرب الأترج " يريد أنه ليس في كلام العرب تفسير المتكأ بالأترج ، قال صاحب " المطالع " وفي الأترج ثلاث لغات ثانيها بالنون وثالثها مثلها بحذف الهمزة وفي المفرد كذلك ، وعند بعض المفسرين أعتدت لهن البطيخ والموز ، وقيل كان مع الأترج عسل ، وقيل كان للطعام المذكور بزماورد ، لكن ما نفاه المؤلف رحمه الله تبعا لأبي عبيدة قد أثبته غيره . قد روى عبد بن حميد من طريق عوف الأعرابي حديث ابن عباس أنه كان يقرأها متكا مخففة ويقال هو الأترج ، وقد حكاها الفراء وتبعه الأخفش وأبو حنيفة الدينوري والقالي وابن فارس وغيرهم كصاحب " المحكم " و " الجامع " و " الصحاح " ، وفي الجامع أيضا : أهل عمان يسمون السوسن المتكأ ، وقيل بضم أوله الأترج وبفتحه السوسن ، وقال الجوهري : المتكأ ما تبقيه الخاتنة بعد الختان من المرأة ، والمتكاء التي لم تختن ، وعن الأخفش المتكأ الأترج .
( تنبيه ) :
متكا بضم أوله وسكون ثانيه وبالتنوين على المفعولية هو الذي فسره مجاهد وغيره بالأترج أو غيره وهي قراءة ، وأما القراءة المشهورة فهو ما يتكأ عليه من وسادة وغيرها كما جرت به عادة الأكابر عند الضيافة .
[ ص: 210 ] وبهذا التقرير لا يكون بين النقلين تعارض . وقد روى عبد بن حميد عن طريق منصور عن مجاهد قال : من قرأها مثقلة قال الطعام ، ومن قرأها مخففة قال الأترج ، ثم لا مانع أن يكون المتكأ مشتركا بين الأترج وطرف البظر ، والبظر بفتح الموحدة وسكون الظاء المشالة موضع الختان من المرأة ، وقيل البظراء التي لا تحبس بولها . قال الكرماني : أراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن المتكأ في قوله : وأعتدت لهن متكأ اسم مفعول من الاتكاء ، وليس هو متكأ بمعنى الأترج ولا بمعنى طرف البظر ، فجاء فيها بعبارات معجرفة . كذا قال فوقع في أشد مما أنكره فإنها إساءة على مثل هذا الإمام الذي لا يليق لمن يتصدى لشرح كلامه ، وقد ذكر جماعة من أهل اللغة أن البظر في الأصل يطلق على ما له طرف من الجسد كالثدي .
قوله : ( وقال قتادة لذو علم لما علمناه عامل بما علم ) وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن عيينة عن nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة عنه بهذا .
قوله : ( وقال سعيد بن جبير ( صواع الملك ) مكوك الفارسي الذي يلتقي طرفاه ، كانت تشرب الأعاجم به ) وصله ابن أبي حاتم من طريق أبي عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير مثله ، ورواه ابن منده في " غرائب شعبة " وابن مردويه من طريق عمرو بن مرزوق عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله : صواع الملك قال كان كهيئة المكوك من فضة يشربون فيه ، وقد كان للعباس مثله في الجاهلية . وكذا أخرجه أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة عن محمد بن جعفر عن شعبة وإسناده صحيح . والمكوك بفتح الميم وكافين الأولى مضمومة ثقيلة بينهما واو ساكنة هو مكيال معروف لأهل العراق .
( تنبيه ) :
قراءة الجمهور ( صواع ) ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه قرأ " صاع الملك " عن أبي رجاء " وصوع الملك " بسكون الواو ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر مثله لكن بغين معجمة حكاها الطبري .
قوله : ( وقال ابن عباس ( تفندون ) تجهلون ) وروى ابن أبي حاتم من طريق أبي سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل عن ابن عباس في قوله : لولا أن تفندون أي تسفهون ، كذا قال أبو عبيدة وكذا أخرجه عبد الرزاق ، وأخرج أيضا عن معمر عن قتادة مثله ، وأخرجه ابن مردويه من طريق ابن أبي الهذيل أيضا أتم منه قال في قوله : ولما فصلت العير قال لما خرجت العير هاجت ريح فأتت يعقوب بريح يوسف فقال إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون قال لولا أن تسفهون ، قال فوجد ريحه من مسيرة ثلاثة أيام ، وقوله ( تفندون ) مأخوذ من الفند محركا وهو الهرم .
قوله : ( غيابة الجب كل شيء غيب عنك فهو غيابة ، والجب الركية التي لم تطو ) كذا وقع لأبي ذر فأوهم أنه من كلام ابن عباس لعطفه عليه ، وليس كذلك وإنما هو كلام أبي عبيدة كما هو سأذكره . ووقع في رواية غير أبي ذر " وقال غيره غيابة إلخ " وهذا هو الصواب .
قوله : ( بمؤمن لنا بمصدق ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى وما أنت بمؤمن لنا : أي بمصدق .
قوله : ( شغفها حبا يقال بلغ شغافها وهو غلاف قلبها ، وأما شعفها يعني بالعين المهملة فمن الشعوف ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى قد شغفها حبا أي وصل الحب إلى شغاف قلبها وهو غلافه ، قال ويقرأه قوم " شعفها " أي بالعين المهملة وهو من الشعوف انتهى . والذي قرأها بالمهملة أبو رجاء nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج وعوف رواه الطبري ، ورويت عن علي والجمهور بالمعجمة ، يقال مشغوف بفلان إذا بلغ الحب أقصى المذاهب ، وشعاف [ ص: 211 ] الجبال أعلاها ، والشغاف بالمعجمة حبة القلب ، وقيل علقة سوداء في صميمه . وروى عبد بن حميد من طريق قرة عن الحسن قال : الشغف - يعني بالمعجمة - أن يكون قذف في بطنها حبه ، والشعف يعني بالمهملة أن يكون مشعوفا بها . وحكى الطبري عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن الشعف بالعين المهملة البغض وبالمعجمة الحب ، وغلطه الطبري وقال : إن الشعف بالعين المهملة بمعنى عموم الحب أشهر من أن يجهله ذو علم بكلامهم .
قوله : ( أصب إليهن أميل إليهن حبا ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن أي أهواهن وأميل إليهن ، قال الشاعر :
إلى هند صبا قلبي وهند مثلها يصبى
أي يمال .
قوله : ( أضغاث أحلام ما لا تأويل له ، الضغث ملء اليد من حشيش وما أشبهه ، ومنه وخذ بيدك ضغثا لا من قوله أضغاث أحلام واحدها ضغث ) كذا وقع لأبي ذر ، وتوجيهه أنه أراد أن ضغثا في قوله تعالى وخذ بيدك ضغثا بمعنى ملء الكف من الحشيش لا بمعنى ما لا تأويل له ، ووقع عند أبي عبيدة في قوله تعالى قالوا أضغاث أحلام : واحدها ضغث بالكسر وهي ما لا تأويل له من الرؤيا ، وأراه جماعات تجمع من الرؤيا كما يجمع الحشيش فيقول ضغث أي ملء كف منه ، وفي آية أخرى وخذ بيدك ضغثا فاضرب به وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله : أضغاث أحلام قال : أخلاط أحلام ، ولأبي يعلى من حديث ابن عباس في قوله : أضغاث أحلام قال : هي الأحلام الكاذبة .
قوله : ( نمير من الميرة ، ونزداد كيل بعير ما يحمل بعير ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى ونمير أهلنا : من مرت تمير ميرا وهي الميرة نأتيهم ونشتري لهم الطعام ، وقوله : كيل بعير أي حمل بعير يكال له ما حمل بعيره . وروى الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله : كيل بعير أي كيل حمار ، وقال ابن خالويه في كتاب " ليس " : هذا حرف نادر ، ذكر مقاتل عن الزبور البعير كل ما يحمل بالعبرانية ، ويؤيد ذلك أن إخوة يوسف كانوا من أرض كنعان وليس بها إبل . كذا قال .
قوله : ( آوى إليه ضم ) قال أبو عبيدة في قوله : آوى إليه أخاه أي ضمه ، آواه فهو يؤوي إليه إيواء .
قوله : ( السقاية مكيال ) هي الإناء الذي كان يشرب به ، قيل جعله يوسف - عليه السلام - مكيالا لئلا يكتالوا بغيره فيظلموا ، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله : جعل السقاية قال إناء الملك الذي يشرب به .
قوله : ( تفتأ لا تزال ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى : تالله تفتأ تذكر يوسف أي لا تزال تذكره ، وروى الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد ( تفتأ ) أي لا تفتر عن حبه . وقيل معنى ( تفتأ ) تزال فحذف حرف النفي .
قوله : ( تحسسوا تخبروا ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى : اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه يقول تخبروا والتمسوا في المظان .
[ ص: 212 ] قوله : ( مزجاة قليلة ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى وجئنا ببضاعة مزجاة أي يسيرة قليلة ، قيل فاسدة . وروى عبد الرزاق عن قتادة ( مزجاة ) قال : يسيرة ، nindex.php?page=showalam&ids=16000ولسعيد بن منصور عن عكرمة في قوله ( مزجاة ) قال : قليلة . واختلف في بضاعتهم فقيل : كانت من صوف ونحوه ، وقيل دراهم رديئة ، وروى عبد الرزاق بإسناد حسن عن ابن عباس وسئل عن قوله : ببضاعة مزجاة قال : رثة الحبل والغرارة والشن .
قوله : ( غاشية من عذاب الله عامة مجللة ) بالجيم ، وهو تأكيد لقوله : عامة . وقال أبو عبيدة غاشية من عذاب الله مجللة ، وهي بالجيم وتشديد اللام أي تعمهم ، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله غاشية من عذاب الله أي وقيعة تغشاهم .
قوله : ( حرضا محرضا يذيبك الهم ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى : حتى تكون حرضا : الحرض الذي أذابه الحزن أو الحب ، وهو موضع محرض ، قال الشاعر :
إني امرؤ لج بي حزن فأحرضني
أي أذابني .
قوله : ( استيأسوا يئسوا ولا تيأسوا من روح الله معناه الرجاء ) ثبت هذا لأبي ذر عن المستملي nindex.php?page=showalam&ids=15086والكشميهني ، وسقط لغيرهما ، وقد تقدم في ترجمة يوسف من أحاديث الأنبياء .
قوله : ( خلصوا نجيا أي اعتزلوا نجيا والجمع أنجية يتناجون الواحد نجي والاثنان والجمع نجي وأنجية ) ثبت هذا لأبي ذر عن المستملي nindex.php?page=showalam&ids=15086والكشميهني ، ووقع في رواية المستملي " اعترفوا " بدل اعتزلوا والصواب الأول ، قال أبو عبيدة في قوله تعالى خلصوا نجيا : أي اعتزلوا نجيا يتناجون ، والنجي يقع لفظه على الواحد والجمع أيضا ، وقد يجمع فيقال أنجية .
قوله باب قوله : ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب الآية ) ذكر فيه حديث ابن عمر الكريم ابن الكريم الحديث ، وأخرج الحاكم مثله من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وهو دال على فضيلة خاصة وقعت ليوسف - عليه السلام - لم يشركه فيها أحد ، ومعنى قوله أكرم الناس أي من جهة النسب ، ولا يلزم من ذلك أن يكون أفضل من غيره مطلقا . وقوله في أول الإسناد " حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15241عبد الله بن محمد " هو الجعفي شيخه المشهور ، ووقع في " أطراف خلف " هنا : وقال عبد الله بن محمد ، والأول أولى