قوله : ( سورة الممتحنة ) سقطت البسملة لجميعهم ، والمشهور في هذه التسمية فتح الحاء ، وقد تكسر وبه جزم السهيلي ، فعلى الأول هي صفة المرأة التي نزلت السورة بسببها ، والمشهور فيها أنها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، وقيل سعيدة بنت الحارث ، وقيل أميمة بنت بشر ، والأول هو المعتمد كما سيأتي إيضاحه في كتاب النكاح . ومن كسر جعلها صفة للسورة كما قيل لبراءة : الفاضحة .
قوله : ( وقال مجاهد : لا تجعلنا فتنة للذين كفروا : لا تعذبنا بأيديهم إلخ ) وصله الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه بلفظه وزاد " ولا بعذاب من عندك " وزاد في آخره " ما أصابهم مثل هذا " وكذا أخرجه عبد بن حميد عن شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه ، nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري من طريق أخرى عن ورقاء عن عيسى عن ابن أبي نجيح كذلك ، فاتفقوا كلهم على أنه موقوف عن مجاهد ، وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم مثل هذا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11790آدم بن أبي إياس عن ورقاء [ ص: 502 ] فزاد فيه ابن عباس وقال : صحيح على شرط مسلم ، وما أظن زيادة ابن عباس فيه إلا وهما لاتفاق أصحاب ورقاء على عدم ذكره . وقد أخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : لا تجعلنا فتنة للذين كفروا لا تسلطهم علينا فيفتنونا " وهذا بخلاف تفسير مجاهد ، وفيه تقوية لما قلته . وأخرج الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله : لا تجعلنا فتنة للذين كفروا قال : لا تظهرهم علينا فيفتنونا يرون أنهم إنما ظهروا علينا بحقهم ، وهذا يشبه تأويل مجاهد .
قوله : ( بعصم الكوافر : أمر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بفراق نسائهم كن كوافر بمكة ) وصله الفريابي من طريق مجاهد ، وأخرجه الطبري من طريقه أيضا ولفظه " أمر أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - بطلاق نسائهم كوافر بمكة قعدن مع الكفار ، nindex.php?page=showalam&ids=16000ولسعيد بن منصور من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي قال : نزلت في المرأة من المسلمين تلحق بالمشركين فتكفر فلا يمسك زوجها بعصمتها قد برئ منها انتهى . والكوافر : جمع كافرة ، والعصم : جمع عصمة . وقال أبو علي الفارسي قال لي الكرخي : الكوافر في الآية يشمل الرجال والنساء ، قال : فقلت له : النحاة لا يجيزون هذا إلا في النساء جمع كافرة ، قال : أليس يقال طائفة كافرة انتهى . وتعقب بأنه لا يجوز كافرة وصفا للرجال إلا مع ذكر الموصوف فتعين الأول . والله أعلم .
قوله : باب لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء سقطت هذه الترجمة لغير أبي ذر ، والعدو لما كان بزنة المصادر وقع على الواحد فما فوقه ، وقوله : تلقون إليهم بالمودة تفسير للموالاة المذكورة ، ويحتمل أن يكون حالا أو صفة ، وفيه شيء لأنهم نهوا عن اتخاذهم أولياء مطلقا ، والتقييد بالصفة أو الحال يوهم الجواز عند [ ص: 503 ] انتفائهما ، لكن علم بالقواعد المنع مطلقا فلا مفهوم لهما ، ويحتمل أن تكون الولاية تستلزم المودة ، فلا تتم الولاية بدون المودة فهي حال لازمة . والله أعلم .
قوله : ( الحسن بن محمد بن علي ) أي ابن أبي طالب .
قوله : ( حتى تأتوا روضة خاخ ) بمعجمتين ، ومن قالها بمهملة ثم جيم فقد صحف ، وقد تقدم بيان ذلك في " باب الجاسوس " من كتاب الجهاد وفي أول غزوة الفتح .
قوله : ( كنت امرءا من قريش ) أي : بالحلف ، لقوله بعد ذلك " ولم أكن من أنفسهم " .
قوله : ( كنت امرءا من قريش ولم أكن من أنفسهم ) ليس هذا تناقضا ، بل أراد أنه منهم بمعنى أنه حليفهم ، وقد ثبت حديث : " حليف القوم منهم " وعبر بقوله " ولم أكن من أنفسهم " لإثبات المجاز .
قوله : ( إنه قد صدقكم ) بتخفيف الدال أي : قال الصدق .
قوله : ( فقال عمر : دعني يا رسول الله فأضرب عنقه ) إنما قال ذلك عمر مع تصديق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاطب فيما اعتذر به لما كان عند عمر من القوة في الدين وبغض من ينسب إلى النفاق ، وظن أن من خالف ما أمره به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استحق القتل ، لكنه لم يجزم بذلك فلذلك استأذن في قتله ، وأطلق عليه منافقا لكونه أبطن خلاف ما أظهر ، وعذر حاطب ما ذكره ، فإنه صنع ذلك متأولا أن لا ضرر فيه . وعند الطبري من طريق الحارث عن علي في هذه القصة " فقال : أليس قد شهد بدرا ؟ قال : بلى ، ولكنه نكث وظاهر أعداءك عليك " .
قوله ( فقال : إنه قد شهد بدرا وما يدريك ) أرشد أن علة ترك قتله بأنه شهد بدرا فكأنه قيل : وهل يسقط عنه شهوده بدرا هذا الذنب العظيم ؟ فأجاب بقوله " وما يدريك إلخ " .
قوله : ( لعل الله عز وجل اطلع على أهل بدر ) هكذا في أكثر الروايات بصيغة الترجي ، وهو من الله واقع ، ووقع في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند ابن أبي شيبة بصيغة الجزم ، وقد تقدم بيان ذلك واضحا في " باب فضل من شهد بدرا " من كتاب المغازي .
قوله : ( اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) كذا في معظم الطرق ، وعند الطبري من طريق معمر عن الزهري عن عروة " فإني غافر لكم " وهذا يدل على أن المراد بقوله " غفرت " أي أغفر ، على طريق التعبير عن الآتي بالواقع مبالغة في تحققه . وفي " مغازي ابن عائذ " من مرسل عروة " اعملوا ما شئتم فسأغفر لكم " والمراد غفران ذنوبهم في الآخرة ، وإلا فلو وجب على أحدهم حد مثلا لم يسقط في الدنيا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : ليس هذا على الاستقبال ، وإنما هو على الماضي ، تقديره اعملوا ما شئتم أي عمل كان لكم فقد غفر ، قال : لأنه لو كان للمستقبل كان جوابه فسأغفر لكم ، ولو كان كذلك لكان إطلاقا في الذنوب ولا يصح ، ويبطله أن القوم خافوا من العقوبة بعد حتى كان عمر يقول : يا حذيفة ، بالله هل أنا منهم ؟ وتعقبه القرطبي بأن " اعملوا " صيغة أمر وهي موضوعة للاستقبال ، ولم تضع العرب صيغة الأمر للماضي لا بقرينة ولا بغيرها لأنهما بمعنى الإنشاء والابتداء ، وقوله " اعملوا ما شئتم " يحمل على طلب الفعل ، ولا يصح أن يكون بمعنى الماضي ، ولا يمكن أن يحمل على الإيجاب فتعين للإباحة . قال : وقد ظهر لي أن هذا الخطاب خطاب إكرام وتشريف ، تضمن أن هؤلاء حصلت لهم حالة غفرت بها ذنوبهم السالفة ، وتأهلوا أن يغفر لهم ما يستأنف من الذنوب اللاحقة ، ولا يلزم من [ ص: 504 ] وجود الصلاحية للشيء وقوعه . وقد أظهر الله صدق رسوله في كل من أخبر عنه بشيء من ذلك ، فإنهم لم يزالوا على أعمال أهل الجنة إلى أن فارقوا الدنيا ، ولو قدر صدور شيء من أحدهم لبادر إلى التوبة ولازم الطريق المثلى . ويعلم ذلك من أحوالهم بالقطع من اطلع على سيرهم انتهى . ويحتمل أن يكون المراد بقوله " فقد غفرت لكم " أي : ذنوبكم تقع مغفورة ، لا أن المراد أنه لا يصدر منهم ذنب . وقد شهد مسطح بدرا ووقع في حق عائشة كما تقدم في تفسير سورة النور ، فكأن الله لكرامتهم عليه بشرهم على لسان نبيه أنهم مغفور لهم ولو وقع منهم ما وقع . وقد تقدم بعض مباحث هذه المسألة في أواخر كتاب الصيام في الكلام على ليلة القدر ، ونذكر بقية شرح هذا الحديث في كتاب الديات إن شاء الله تعالى .
قوله : ( قال nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو ) هو ابن دينار ، وهو موصول بالإسناد المذكور .
قوله : ( قال : لا أدري الآية في الحديث ، أو قول عمرو ) هذا الشك من سفيان بن عيينة كما سأوضحه .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16604علي ) هو ابن المديني ( قال : قيل لسفيان في هذا فنزلت لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء الآية ؟ قال سفيان : هذا في حديث الناس ) يعني هذه الزيادة ، يريد الجزم برفع هذا القدر .
قوله : ( حفظته من عمرو ما تركت منه حرفا ، وما أرى أحدا حفظه غيري ) وهذا يدل على أن هذه الزيادة لم يكن سفيان يجزم برفعها وقد أدرجها عنه nindex.php?page=showalam&ids=14771ابن أبي عمر أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريقه فقال في آخر الحديث " قال : وفيه نزلت هذه الآية " وكذا أخرجه مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=14771ابن أبي عمر nindex.php?page=showalam&ids=16696وعمرو الناقد ، وكذا أخرجه الطبري عن عبيد بن إسماعيل والفضل بن الصباح ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي عن محمد بن منصور كلهم عن سفيان ، واستدل باستئذان عمر على قتل حاطب لمشروعية قتل الجاسوس ولو كان مسلما وهو قول مالك ومن وافقه ، ووجه الدلالة أنه - صلى الله عليه وسلم - أقر عمر على إرادة القتل لولا المانع ، وبين المانع هو كون حاطب شهد بدرا ، وهذا منتف من غير حاطب ، فلو كان الإسلام مانعا من قتله لما علل بأخص منه . وقد بين سياق علي أن هذه الزيادة مدرجة . وأخرجه مسلم أيضا عن إسحاق بن راهويه عن سفيان وبين أن تلاوة الآية من قول سفيان . ووقع عند الطبري من طريق أخرى عن علي الجزم بذلك ، لكنه من أحد رواة الحديث nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت الكوفي أحد التابعين ، وبه جزم إسحاق في روايته عن محمد بن جعفر عن عروة في هذه القصة ، وكذا جزم به معمر عن الزهري عن عروة ، وأخرج ابن مردويه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15991سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=890799لما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسير إلى مشركي قريش كتب إليهم nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة يحذرهم " فذكر الحديث إلى أن قال : " فأنزل الله فيه القرآن يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء الآية " قال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي في آخر الحديث أيضا " قال عمرو - أي ابن دينار - : وقد رأيت ابن أبي رافع وكان كاتبا لعلي " .