قوله : ( باب ما ودعك ربك وما قلى ) سقطت هذه الترجمة لغير أبي ذر ، وذكر في سبب نزولها حديث جندب ، وأن ذلك سبب شكواه - صلى الله عليه وسلم - وقد تقدمت في صلاة الليل أن الشكوى المذكورة لم ترد بعينها ، وأن من فسرها بأصبعه التي دميت لم يصب . ووجدت الآن في nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني بإسناد فيه من لا يعرف أن سبب نزولها وجود جرو كلب تحت سريره - صلى الله عليه وسلم - لم يشعر به فأبطأ عنه جبريل لذلك ، وقصة إبطاء جبريل بسبب كون الكلب تحت سريره مشهورة ، لكن كونها سبب نزول هذه الآية غريب ، بل شاذ ، مردود بما في الصحيح والله أعلم . وورد لذلك سبب ثالث وهو ما أخرجه الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=890899 " لما نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرآن أبطأ عنه جبريل أياما فتغير بذلك فقالوا : ودعه ربه وقلاه . فأنزل الله تعالى ما ودعك ربك وما قلى . ومن طريق إسماعيل مولى آل الزبير قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=890900فتر الوحي حتى شق ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحزنه فقال : لقد خشيت أن يكون صاحبي قلاني ، فجاء جبريل بسورة والضحى . وذكر سليمان التيمي في السيرة التي جمعها ورواها محمد بن عبد الأعلى عن معتمر بن سليمان عن أبيه قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=890901وفتر الوحي ، فقالوا : لو كان من عند الله لتتابع . ولكن الله قلاه . فأنزل الله : والضحى ، وألم نشرح بكمالهما " وكل هذه الروايات لا تثبت ، والحق أن الفترة المذكورة في سبب نزول والضحى سبب نزول والضحى غير الفترة المذكورة في [ ص: 581 ] ابتداء الوحي ، فإن تلك دامت أياما وهذه لم تكن إلا ليلتين أو ثلاثا ، فاختلطتا على بعض الرواة ، وتحرير الأمر في ذلك ما بينته . وقد أوضحت ذلك في التعبير ولله الحمد . ووقع في سيرة ابن إسحاق في سبب نزول والضحى شيء آخر ، فإنه ذكر أن المشركين لما سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذي القرنين والروح وغير ذلك ووعدهم بالجواب ولم يستثن ، فأبطأ عليه جبريل اثنتي عشرة ليلة أو أكثر فضاق صدره ، وتكلم المشركون : فنزل جبريل بسورة والضحى ، وبجواب ما سألوا ، وبقوله تعالى ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله انتهى . وذكر سورة الضحى هنا بعيد ، لكن يجوز أن يكون الزمان في القصتين متقاربا فضم بعض الرواة إحدى القصتين إلى الأخرى ، وكل منهما لم يكن في ابتداء البعث ، وإنما كان بعد ذلك بمدة والله أعلم .
قوله : ( سمعت جندب بن سفيان ) هو البجلي .
قوله : ( فجاءت امرأة فقالت : يا محمد إني لأرجو أن يكون شيطانك تركك ) هي أم جميل بنت حرب امرأة أبي لهب . وقد تقدم بيان ذلك في كتاب قيام الليل . وأخرجه الطبري من طريق المفضل بن صالح عن الأسود بن قيس بلفظ : " فقالت امرأة من أهله " ومن وجه آخر عن الأسود بن قيس بلفظ : " حتى قال المشركون " ولا مخالفة لأنهم قد يطلقون لفظ الجمع ويكون القائل أو الفاعل واحدا ، بمعنى أن الباقين راضون بما وقع من ذلك الواحد .
قوله : ( قربك ) بكسر الراء ، يقال يقربه بفتح الراء متعديا ، ومنه لا تقربوا الصلاة ، وأما قرب بالضم فهو لازم . تقول قرب الشيء أي دنا . وقد بينت هناك أنه وقع في رواية أخرى عند nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم " فقالت خديجة " وأخرجه الطبري أيضا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16439عبد الله بن شداد " فقالت خديجة ولا أرى ربك " ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه " فقالت خديجة لما ترى من جزعه " وهذان طريقان مرسلان ورواتهما ثقات ، فالذي يظهر أن كلا من أم جميل nindex.php?page=showalam&ids=10640وخديجة قالت ذلك ، لكن أم جميل عبرت - لكونها كافرة - بلفظ : " شيطانك " ، nindex.php?page=showalam&ids=10640وخديجة عبرت - لكونها مؤمنة - بلفظ : " ربك " أو صاحبك ، وقالت أم جميل شماتة nindex.php?page=showalam&ids=10640وخديجة توجعا .
قوله : ( باب قوله ما ودعك ربك وما قلى ) كذا ثبتت هذه الترجمة في رواية المستملي ، وهو تكرار بالنسبة إليه لا بالنسبة للباقين لأنهم لم يذكروها في الأولى .
قوله : ( تقرأ بالتشديد والتخفيف بمعنى واحد ما تركك ربك ) أما القراءة بالتشديد فهي قراءة الجمهور ، وقرأ بالتخفيف عروة وابنه هشام وابن أبي علية ، وقال أبو عبيدة " ما ودعك " يعني بالتشديد من التوديع و " ما ودعك " يعني بالتخفيف من ودعت انتهى . ويمكن تخريج كونهما بمعنى واحد على أن التوديع مبالغة في الودع لأن من ودعك مفارقا فقد بالغ في تركك .
قوله : ( وقال ابن عباس ما تركك وما أبغضك ) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بهذا .