[ ص: 681 ] ( أبواب سترة المصلي ) . قوله : ( باب سترة الإمام سترة من خلفه ) أورد فيه ثلاثة أحاديث ، الثاني والثالث منها مطابقان للترجمة لكونه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أصحابه أن يتخذوا سترة غير سترته ، وأما الأول وهو حديث ابن عباس ففي الاستدلال به نظر ; لأنه ليس فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى إلى سترة ، وقد بوب عليه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي " باب من صلى إلى غير سترة " وقد تقدم في كتاب العلم في الكلام على هذا الحديث في " باب متى يصح سماع الصغير " قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن المراد بقول ابن عباس " إلى غير جدار " أي إلى غير سترة ، وذكرنا تأييد ذلك من رواية البزار ، وقال بعض المتأخرين : قوله " إلى غير جدار " لا ينفي غير الجدار ، إلا أن إخبار ابن عباس عن مروره بهم وعدم إنكارهم لذلك مشعر بحدوث أمر لم يعهدوه ، فلو فرض هناك سترة أخرى غير الجدار لم يكن لهذا الإخبار فائدة ، إذ مروره حينئذ لا ينكره أحد أصلا .
وكأن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حمل الأمر في ذلك على المألوف المعروف من عادته - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يصلي في الفضاء إلا والعنزة أمامه ، ثم أيد ذلك بحديثي ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=9473وأبي جحيفة ، وفي حديث ابن عمر ما يدل على المداومة وهو قوله بعد ذكر الحربة " وكان يفعل ذلك في السفر " وقد تبعه النووي فقال في شرح مسلم في كلامه على فوائد هذا الحديث : فيه أن سترة الإمام سترة لمن خلفه ، والله أعلم .
قوله : ( ناهزت الاحتلام ) أي قاربته ، وقد ذكرت الاختلاف في قدر عمره في " باب تعليم الصبيان " من كتاب فضيلة القرآن وفي " باب الاختتان بعد الكبر " من كتاب الاستئذان . وتوجيه الجمع بين المختلف من ذلك وبيان الراجح من الأقوال ولله الحمد .
قوله : ( يصلي بالناس بمنى ) كذا قال مالك وأكثر أصحاب الزهري ، ووقع عند مسلم من رواية ابن عيينة " بعرفة " قال النووي : يحمل ذلك على أنهما قضيتان ، وتعقب بأن الأصل عدم التعدد ولا سيما مع اتحاد مخرج الحديث ، فالحق أن قول ابن عيينة " بعرفة " شاذ .
ووقع عند مسلم أيضا من رواية معمر عن الزهري " وذلك في حجة الوداع أو الفتح " وهذا الشك من معمر لا يعول عليه ، والحق أن ذلك كان في حجة الوداع .
قوله : ( بعض الصف ) زاد المصنف في الحج من رواية ابن أخي ابن شهاب عن عمه " حتى سرت بين يدي بعض الصف الأول " . انتهى . وهو يعين أحد الاحتمالين اللذين ذكرناهما في كتاب العلم .
قوله : ( فلم ينكر ذلك علي أحد ) قال ابن دقيق العيد : استدل ابن عباس بترك الإنكار على الجواز ، ولم يستدل بترك إعادتهم للصلاة ; لأن ترك الإنكار أكثر فائدة .
قلت : وتوجيهه أن ترك الإعادة يدل على صحتها فقط لا على جواز المرور ، وترك الإنكار يدل على جواز المرور وصحة الصلاة معا . ويستفاد منه أن ترك الإنكار حجة على الجواز بشرطه وهو انتفاء الموانع من الإنكار وثبوت العلم بالاطلاع على الفعل ، ولا يقال لا يلزم مما ذكر اطلاع النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك لاحتمال أن يكون الصف حائلا دون رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - له ; لأنا نقول قد تقدم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يرى في الصلاة من ورائه كما يرى [ ص: 682 ] من أمامه وتقدم أن في رواية المصنف في الحج أنه مر بين يدي بعض الصف الأول ، فلم يكن هناك حائل دون الرؤية ، ولو لم يرد شيء من ذلك لكان توفر دواعيهم على سؤاله - صلى الله عليه وسلم - عما يحدث لهم كافيا في الدلالة على اطلاعه على ذلك والله أعلم .
واستدل به على مرور الحمار لا يقطع الصلاة ، فيكون ناسخا لحديث أبي ذر الذي رواه مسلم في كون مرور الحمار يقطع الصلاة وكذا مرور المرأة والكلب الأسود . وتعقب بأن مرور الحمار متحقق في حال مرور ابن عباس وهو راكبه ، وقد تقدم أن ذلك لا يضر لكون الإمام سترة لمن خلفه وأما مروره بعد أن نزل عنه فيحتاج إلى نقل .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : حديث ابن عباس هذا يخص حديث أبي سعيد " إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه " فإن ذلك مخصوص بالإمام والمنفرد ، فأما المأموم فلا يضره من مر بين يديه لحديث ابن عباس هذا ، قال : وهذا كله لا خلاف فيه بين العلماء . وكذا نقل عياض الاتفاق على أن المأمومين يصلون إلى سترة ، لكن اختلفوا هل سترتهم سترة الإمام أم سترتهم الإمام نفسه ا هـ . فيه نظر ، لما رواه عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=9669الحكم بن عمرو الغفاري الصحابي " أنه صلى بأصحابه في سفر وبين يديه سترة ، فمرت حمير بين يدي أصحابه فأعاد بهم الصلاة " . وفي رواية له أنه قال لهم " إنها لم تقطع صلاتي ولكن قطعت صلاتكم فهذا يعكر على ما نقل من الاتفاق .
ولفظ ترجمة الباب ورد في حديث مرفوع رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط من طريق سويد بن عبد العزيز عن عاصم عن أنس مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=883999 " سترة الإمام سترة لمن خلفه " وقال : تفرد به سويد عن عاصم ا هـ . وسويد ضعيف عندهم . ووردت أيضا في حديث موقوف على ابن عمر أخرجه عبد الرزاق ، ويظهر أثر الخلاف الذي نقله عياض فيما لو مر بين يدي الإمام أحد ، فعلى قول من يقول إن سترة الإمام سترة من خلفه يضر صلاته وصلاتهم معا ، وعلى قول من يقول إن الإمام نفسه سترة من خلفه يضر صلاته ولا يضر صلاتهم وقد تقدمت بقية مباحث حديث ابن عباس في كتاب العلم .