قوله ( باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاهما ) في هذه الترجمة أربع صور : تزويج الأب البكر ، وتزويج الأب الثيب ، وتزويج غير الأب البكر ، وتزويج غير الأب الثيب . وإذا اعتبرت الكبر والصغر زادت الصور ، فالثيب البالغ لا يزوجها الأب ولا غيره إلا برضاها اتفاقا إلا من شذ كما تقدم ، والبكر الصغيرة يزوجها أبوها اتفاقا إلا من شذ كما تقدم ، والثيب غير البالغ اختلف فيها فقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : يزوجها أبوها كما يزوج البكر ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأبو يوسف ومحمد : لا يزوجها إذا زالت البكارة بالوطء لا بغيره ، والعلة عندهم أن إزالة البكارة تزيل الحياء الذي في البكر ، والبكر البالغ يزوجها أبوها وكذا غيره من الأولياء ، واختلف في استئمارها والحديث دال على أنه لا إجبار للأب عليها إذا امتنعت ، وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم . وسأذكر مزيد بحث فيه . وقد ألحق nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الجد بالأب . وقال أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي في الثيب الصغيرة يزوجها كل ولي ، فإذا بلغت ثبت الخيار . وقال أحمد : إذا بلغت تسعا جاز للأولياء غير الأب نكاحها ، وكأنه أقام المظنة مقام المئنة ، وعن مالك يلتحق بالأب في ذلك وصي الأب دون بقية الأولياء لأنه أقامه مقامه كما تقدمت الإشارة إليه . ثم إن الترجمة معقودة لاشتراط رضا المزوجة بكرا كانت أو ثيبا صغيرة كانت أو كبيرة ، وهو الذي يقتضيه ظاهر الحديث ، لكن تستثنى الصغيرة من حيث المعنى لأنها لا عبارة لها .
قوله ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17235هـشام ) هو الدستوائي ، ويحيى هو ابن أبي كثير .
قوله ( عن أبي سلمة ) في رواية مسلم من طريق خالد بن الحارث عن هشام عن يحيى " حدثنا أبو سلمة " .
قوله ( لا تنكح ) بكسر الحاء للنهي ، وبرفعها للخبر وهو أبلغ في المنع ، وتقدم تفسير الأيم في " باب عرض الإنسان ابنته " وظاهر هذا الحديث أن الأيم هي الثيب التي فارقت زوجها بموت أو طلاق لمقابلتها بالبكر ، وهذا [ ص: 99 ] هو الأصل في الأيم ، ومنه قولهم " الغزو مأيمة " أي يقتل الرجال فتصير النساء أيامى ، وقد تطلق على من لا زوج لها أصلا ، ونقله عياض عن nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي nindex.php?page=showalam&ids=12425وإسماعيل القاضي وغيرهما أنه يطلق على كل من لا زوج لها صغيرة كانت أو كبيرة بكرا كانت أو ثيبا ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي القولين لأهل اللغة . وقد وقع في رواية الأوزاعي عن يحيى في هذا الحديث عند ابن المنذر والدارمي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني " لا تنكح الثيب " ووقع عند ابن المنذر في رواية عمر بن أبي سلمة عن أبيه في هذا الحديث الثيب تشاور .
قوله ( حتى تستأمر ) أصل الاستئمار طلب الأمر ، فالمعنى لا يعقد عليها حتى يطلب الأمر منها ، ويؤخذ من قوله تستأمر أنه لا يعقد إلا بعد أن تأمر بذلك ، وليس فيه دلالة على عدم اشتراط الولي في حقها ، بل فيه إشعار باشتراطه .
قوله ( ولا تنكح البكر حتى تستأذن ) كذا وقع في هذه الرواية التفرقة بين الثيب والبكر ، فعبر للثيب بالاستئمار وللبكر بالاستئذان ، فيؤخذ منه فرق بينهما من جهة أن الاستئمار يدل على تأكيد المشاورة وجعل الأمر إلى المستأمرة ، ولهذا يحتاج الولي إلى صريح إذنها في العقد ، فإذا صرحت بمنعه امتنع اتفاقا والبكر بخلاف ذلك ، والإذن دائر بين القول والسكوت بخلاف الأمر فإنه صريح في القول وإنما جعل السكوت إذنا في حق البكر لأنها قد تستحي أن تفصح .
قوله ( قالوا يا رسول الله ) في رواية عمر بن أبي سلمة " قلنا " وحديث عائشة صريح في أنها هي السائلة عن ذلك .
قوله ( كيف إذنها ) في حديث عائشة " قلت إن البكر تستحي " وستأتي ألفاظه .